حالة من الرعب تعيشها مدينة الإسكندرية بين ليلة وضحاها، كانت أغلب مدارس الصغر خالية على عروشها من التلاميذ، وأغلب الفصول مهجورة، الاتصالات من قبل مسئولي “الباصات” لا تنقطع، الهمهمات والمحادثات الثنائية بين الأمهات لم تنقطع، بعد أن كشفت تقارير طبية عن وفاة أول تلميذة بفيروس “الالتهاب السحائي” .
فما القصة؟
كانت الإسكندرية قد فجعت بوفاة الطفلة “كرمة مصطفى عبد العزيز الحلو”، تلميذة بمرحلة رياض الأطفال بمدرسة “صقر قريش” الخاصة، بإصابتها بميكروب سحائي، حيث وصلت إلى مستشفى الشاطبي، تعاني من ارتفاع درجة الحرارة وإسهال وقيء وهبوط حاد في الدورة الدموية وأصيبت بغيبوبة وتوفيت. الأمر الذى دفع الآلاف من الأسر لمنع أطفالهم من الذهاب للمدارس خوفًا على أرواحهم من الفيروس القاتل.
ما هو مرض الالتهاب السحائي؟
هو عبارة عن تورم البطانة المحيطة بالمخ، وتعتبر البكتريا هي المسبب الرئيسي لأخطر أنواع هذا المرض.
السحايا هي الأغشية المغلفة للمخ والنخاع الشوكي، وينتج التهابها عن عدوى فيروسية أو فطرية أو بكتيرية، وتختلف خطورة الالتهاب مع كل مسبب له؛ فالالتهاب السحائي الفيروسي يكون عادة خفيفًا ولا يستدعي العلاج، أما التهاب السحائي الفطري والبكتيري فيكون أكثر خطورة وقد يسبب الموت.
وتعد أمراض التهاب السحايا والتلوث الدموي من الأمراض الخطيرة، تصيب أي شخص وفي أي عمر، في حين يعتبر الرضع والأطفال والصغار من البالغين أكثر عرضة للإصابة بهذه الأمراض.
والتهاب السحايا والتلوث الدموي ليس من الأمراض الشائعة، ولكن من الممكن أن يفتك بالمريض خلال ساعات. يستطيع معظم الأشخاص التعايش مع هذا المرض إذا تم تشخيصه في وقت مبكر، ولكن ربما يصاب آخرون ممن يحملون المرض بالإعاقة الدائمة، في حين يستغرق البعض الآخر وقتا طويلا للوصول إلى مرحلة الشفاء التام.
الصحة تنفى
فى الوقت هذا، وبعد حالة الرعب بين الأسر بالإسكندرية، وتراجع معدل حضور التلاميذ فى المدارس والفصول، على الرغم أن الدارسة لم تبدأ سوى منذ شهر تقريبًا.
حاولت مديرية الشئون الصحية تكذيب الحادث اللئيم، بأن ما تعرضت له “التلميذة” يشابه أعراض فيروس الالتهاب السحائي وليس هو نفسه!.
وكالعادة خرج الدكتور علاء عثمان، وكيل وزارة الصحة بالإسكندرية، لينفي وقوع أي حالة وفاة بالمحافظة نتيجة الإصابة بالالتهاب السحائي.
وزعم وكيل الوزارة، في تصريحات له، عدم وجود أي حالات إصابة أو اشتباه بالإصابة بمرض الالتهاب السحائي، مشيرا إلى أن الطفلة التي توفيت اليوم بمستشفى الصدر ليس بسبب إصابتها بالالتهاب السحائي كما يردد البعض، مؤكدًا أن الحالات التي تم تشخيصها خلال الأيام الماضية من بعض الأطباء بأنها نتيجة الالتهاب السحائي غير صحيحة، ولا توجد أي حالة إصابة بمرض الالتهاب السحائي بالمحافظة.
وما أعراض المرض؟
الصداع الحاد والتقيؤ وارتفاع في درجة الحرارة، وتصلب الرقبة، والحساسية للضوء، وعدم القدرة على التركيز، وكثير من الناس (ولكن ليس كل) أيضا يعانون وضع طفح جلدي مميز.
وعن أسبابه؟
يحدث الالتهاب السحائي الفيروسي عن طريق انتقال نوع من الفيروسات تعرف بالفيروسات المعوية عن طريق السعال والعطس والمياه الملوثة بالصرف الصحي. وينتشر عادة في الشتاء ويصيب غالبًا الأشخاص دون الثلاثين عامًا.
وبالنسبة للالتهاب السحائي البكتيري فيحدث غالبًا بسبب انتقال بكتيريا المكورات السحائية، وقد يحدث الالتهاب بسبب بكتيريا المكورات السبحية الرئوية والإنفلونزا الدائمة وبكتيريا الدرن وتسبب البكتيريا العدوى في منطقة أخرى في الجسم، ثم ينتقل عن طريق الدم إلى المخ.
يكثر الالتهاب السحائي البكتيري عند الأطفال. ومن المخيف أن أعراضه تظهر في غضون ساعات بعد العدوى وتتطور بسرعة حتى فقدان الوعي والوفاة. أما بالنسبة للاتهاب السحائي الفطري فيحدث غالبًا عند ذوي المناعة المنخفضة.
وكل من الالتهابات السحائية البكتيرية والفطرية تستدعي المعالجة الطبية الفورية والتشخيص السريع.
غلق المدارس
وتسببت حالة الرعب فى غلق 68 مدرسة خاصة وتجريبية ولغات، كان من أبرزها “صقر قريش، زهران للغات، أحمد النجار بمنطقة سموحة، فاطمة الزهراء، أبو عقادة، الصديق، الأوائل، التجريبية العربية، مصطفى كامل”.
وذكرت “م.م” سائق باص مدارس، في تصريحات خاصة لبوابة الحرية والعدالة، أن جميع أولياء الأمور قرروا الاعتذار عن إرسال أبنائهم إلى المدارس؛ خشية عليهم من انتقال الفيروس لهم.
وأضاف: تلقيت أنا كذلك اتصالات من زملاء فى المهنة يؤكدون عدم إرسال الأسر لأبنائهم للمدارس، وذلك لليوم الثالث على التوالي.
لا تطعيمات
وذكرت “الشيماء.س”، أن المدرسة التابعة لنجلتها نفت وصول أمصال أو تطعيمات لفيروس الاتهاب السحائي أو لغيره. وذكرت أن مديرة المدرسة قالت لها بالحرف الواحد “بطلوا دلع عيالكوا ياكلوا الزلط”.
فى حين ذكر أحد المعلمين، في تصريحات خاصة لـ”بوابة الحرية والعدالة”، أن المدارس لم تتلقى تأكيدات بوصول تطعيمات للأطفال، وأن حالة الرعب والاتصالات المتكررة من أولياء الأمور باتت سببا فى عدم حضور التلاميذ للمدارس طوال الـ72 ساعة الماضية.
ونفى تنفيذ وزارة الصحة حملات لتطعيم طلاب المدارس في السنوات الدراسية (أولى حضانة – أولى ابتدائي – أولى إعدادي – أولى ثانوي)، لمنع انتشار المرض في مصر.
وأكد أن مسئولين بوزارة الصحة عرضوا عليهم أرقام تليفونات خاصة بالشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات (فاكسيرا) التابعة لوزارة الصحة، تؤكد توافر تطعيم الالتهاب السحائي، يبلغ سعر التطعيم 135 جنيها، بالإضافة إلى 10 جنيهات كرسوم تطعيم. مردفا: “ليس كل ولى أمر تلميذ معه هذا المبلع كى يتم تطعيم أبنائه، المفترض أن هذا الإجراء مجانى طوال السنوات الماضية”.
كما كشف مصدر خاص داخل نقابة أطباء الإسكندرية، عن أن زحامًا شديدًا خلال الساعات الماضية من أجل تطعيم الأطفال من فيروس الالتهاب السحائى، وأكد أولياء الأمور إلقاء اللوم على النقابة لعدم توفير المصل للتلاميذ، وهو ما نفاه المصدر بأن “النقابة” لا دخل لها بتطعيمات الصحة المجانية الخاصة بالمدارس