“لا نعرف ملك الغابة الذي يحرك المشهد في مصر”، تلك العبارة خلاصة المشهد الساخن الآن في قلب القاهرة، دعت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، صناع القرار في العالم وفِي هذه الظروف الحساسة إلى أن يلتفتوا إلى حالة الغليان في الشارع المصري نتيجة القهر والقمع والفساد الذي يمارسه العسكر، واتخاذ كافة التدابير اللازمة لوقف القمع ومنع تغول العسكر على الناس.
وقالت المنظمة في بيان لها اليوم: “إن الأجهزة الأمنية المصرية شنّت حملات اعتقالات واسعة في صفوف النشطاء والمعارضين وأيضًا المواطنين الذين دعوا للاحتجاج أو أبدوا اهتماما بدعوة الفنان المصري محمد علي للتظاهر السلمي”.
ارحل
وذكر البيان أن من أبرز من تم اعتقالهم الناشط اليساري كمال خليل بعد كتابته تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر: “الشعب يريد إسقاط النظام”، وتم اقتياده إلى مكان غير معلوم، والصحفي حسن القباني والشاب محمد يونس، وأصدر النظام قراراً بمنع كافة المقاولين المتعاقدين مع القوات المسلحة من السفر.
ولاقت دعوة المقاول الفنان محمد علي تفاعلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث دشن نشطاء وسما بعنوان (#الرحيل_ياسيسي_او_النزول_للشارع)، الذي تصدر قائمة الأكثر تداولا في مصر (الترند).
وعلى مدار الأيام الماضية، تصدرت عدد من الوسوم المناهضة لجنرال إسرائيل السفيه السيسي مواقع التواصل الاجتماعي، وكان أبرزها (#كفايه_بقى_ياسيسي) الذي تخطى مليون مشارك قبل حذفه.
وذكرت مصادر أن اجتماعا سياسيا أمنيا عُقد أمس، وناقش أمر مباراة السوبر بين قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك، حيث فضل البعض تأجيلها لانشغال الأمن بإجهاض المظاهرات المحتملة، وفضل آخرون إقامتها لإعطاء إيحاء بأن الأمور تسير بشكل طبيعي.
وربما من سوء طالع السفيه السيسي أن حلفاءه الآن مشغولون عن مساعدته، وأولهم كيان العدو الصهيوني؛ حيث وجهت نتيجة الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية قبل يومين ضربة قوية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعدم حصوله على الأغلبية التي تمكنه من تشكيل الحكومة وتعادله مع غريمه السياسي بيني جانتس، مما صعب موقف نتنياهو كثيرًا في الداخل ومن ثم قد يتم استبعاده من رئاسة حزب الليكود شرطاً لتكوين حكومة ائتلافية مما يعني ضياع المستقبل السياسي لنتنياهو.
هذا التطور في تل أبيب قد يضعف موقف السفيه السيسي إذ يعد نتنياهو من داعمي الانقلاب في مصر بشكل مباشر، كما أن صفقة القرن التي يروج لها في الأوساط الإعلامية لا يمكن تمريرها إلا في وجود رئيس حكومة احتلال يميني مثل نتنياهو، لكن برحيله أو مشاركته في حكومة ائتلافية قد يصبح موقفه ضعيفًا.
أين ديكتاتوري المفضل؟
أما السعودية فإن ما يحدث على الأرض في اليمن والتوترات التي اشتعلت في الخليج، جعلت الحليفين الهامين بن سلمان وبن زايد للسفيه السيسي في انشغال كبير عنه، فقبل أيام استهدفت طائرات بدون طيار مخازن نفطية مهمة لعملاق النفط السعودي أرامكو في المنطقة الشرقية بالسعودية وأحدثت أضرارًا كبيرة؛ على إثرها توقف 30% من إنتاج المملكة من النفط.
وما زالت الرياض تعاني من هذه المشكلة، في الوقت الذي تستعد فيه للرد على إيران المتهمة بالقيام بهذا الهجوم؛ ما يعني انشغال المملكة بالكامل عن إسقاط النظام في مصر التي تمثل بالتأكيد أهمية قصوى لها لكن الوضع الداخلي أهم.
أما بالنسبة للإمارات التي تعد الداعم الأهم للسفيه السيسي فهي الأخرى لديها مشاكلها الكبيرة في اليمن، خاصة في الجنوب والخلاف الأخير الذي ظهر مع السعودية بسبب اختلاف الأجندات على الأرض هناك، فيما لم يقدم السفيه السيسي أي دعم لحليفه محمد بن زايد.
وقبل أيام قالت وسائل إعلام أمريكية إن ترامب كان يبحث عن السفيه السيسي أثناء قمة الدول السبع الصناعية، وسأل عنه قائلاً: “أين ديكتاتوري المفضل”، مما يشير إلى كيفية نظر ترامب إلى السفيه السيسي، مما يعكس العلاقة الهامة بينهما لكن هذا الأمر ليس كما يراه الكثيرون، فالرئيس الأمريكي لديه العديد من الملفات الهامة التي قد تجعله لا يعطي أهمية كبرى للسفيه السيسي.
هذا المتغير الدولي قد ينعكس بشكل مباشر على الأوضاع في مصر، إذا ما فكرت أجهزة سيادية الإطاحة بجنرال إسرائيل السفيه السيسي، إذ يلعب السفيه السيسي دورًا مهمًّا في صفقة القرن، مما يعني أن تأجيل الصفقة أو إلغاءها قد يساهم في أي تغيير مرتقب في البلاد، بسبب انشغال حلفائه بأزماتهم الداخلية.