حظر سفر المقاولين.. السيسي يؤكد فساده

عقب قنابل محمد علي الكاشفة لفساد السيسي وزمرته الحاكمة، دلّل السيسي بما لا يدع مجالاً للشك على فساده الفعلي، سواء بردوده على اتهامات محمد علي خلال مؤتمر الشباب الثامن الذي سارع لعقده بعد أقل من 60 يوما على المؤتمر السابق، وجاءت الردود مؤكدة لما قاله محمد علي، ثم توالت الردود المعبرة عن انزعاج كبير من نبش فساد مكتوم بقوة السلاح ورضوخ أعلام العسكر.

مؤخرا أصدر نظام السيسي قرار بمنع سفر جميع المقاولين المصريين المتعاقدين مع القوات المسلحة. وتضمن القرار الصادر بهذا الشأن، إعادة التحريات الأمنية بشأنهم، لتجنّب تكرار أزمة “علي” الذي كشف عن بناء قصور رئاسية واستراحات ومدافن لأسرة السيسي” بمليارات الجنيهات. فيما تجري أجهزة سيادية مراجعة لجميع الملفات الخاصة بالتعاقدات التي نُفذّت خلال السنوات الست الماضية، سواء مباشرة من الجيش، أو جرى التعاون فيها مع شركات مدنية، بحسب صحيفة “الأخبار” اللبنانية.

بموزاة ذلك، طلبت جهات سيادية من الوزارات الحكومية تقارير عن المشروعات التي أسندت بالأمر المباشر إلى الشركات، وأدائها والمبالغ المالية التي حصلت عليها. كذلك قام جهاز المخابرات العامة، بإطلاق حملة إعلامية لإبراز إنجازات “السيسي”، والربط بين افتتاح المشروعات، والعمليات الإرهابية التي تستهدف الجيش والشرطة.

وقالت مصادر مطلعة – بحسب العربي الجديد – إن الكتائب الإلكترونية التابعة للمخابرات توظف مئات الشباب تحت إشراف مباشر من “حسن حامد”، وهو التقني المسئول من قبل رئيس الجهاز “عباس كامل”، بإدارة هذه الحملة لتلميع صورة “السيسي”، وبدأت الحملة بتوزيع بيان عن إنجازات “السيسي”، عرضته قوات فضائية موالية للنظام، تضمن أرقام المستشفيات والمباني الحكومية والسكنية التي تم إنشاؤها خلال السنوات الخمس الماضية.

ويسابق السيسي الزمن لتجاوز ازمة فيديوهات محمد علي، الذي دعا الشباب للتظاهر يوم الجمعة المقبل رفضا لفساد السيسي.

وكشفت مصادر مقربة من دائرة السيسي عن أنه تمّ تشكيل لجنة تحقيق داخلية بقرارٍ من وزير الدفاع الفريق محمد زكي، وستتم مراجعة ملفات عدد من القيادات الذين يملكون هم وأبناؤهم شركات تتعامل مع القوات المسلحة، وأن القائمة الأوّليّة تضم نحو 20 لواء تتجاوز ثرواتهم 15 مليار جنيه، وأوضحت المصادر أن “تلك الخطوة ليس الهدف منها تقديم هؤلاء إلى محاكمات، ولكن تبييض وجه السيسي باعتباره القائد الأعلى والقيادة العامة للجيش أمام صغار الضباط، ومن المقرر إطلاعهم في ندوات تثقيفية أولاً بأول على النتائج التي ستتوصل إليها اللجنة”.

وربطت المصادر بين ما أفصح عنه محمد علي وبين سوابق في الفساد المالي وتحقيق مكاسب خيالية من وراء الإشراف على أعمال ومشاريع عسكرية، وتتعلق بقيادات عسكرية عليا، على رأسها الفريق أسامة عسكر، القائد السابق للجيش الثالث الميداني، الذي تمّ إبعاده عن منصبه والإعلام بشكل مفاجئ، قبل أن تتم الإطاحة به من المجلس العسكري. وكان عسكر يتمتع بنفوذ كبير داخل المؤسسة العسكرية، فيما سرت أنباء بشأن وضعه تحت الإقامة الجبرية بسبب فساد مالي تجاوزت قيمته ملياري جنيه تحصّل عليها بأشكال غير مشروعة مستغلاً عمله وقيادته للجيش الثالث الميداني. تلك المبالغ تمّ تحصيل بعضها عبر عمليات حفر تفريعة قناة السويس، التي كلفت الدولة نحو 60 مليار جنيه وقتها.

وذكرت المصادر أن خروج محمد علي للكشف عن عمليات الفساد جدد الحديث عن صراعات كبيرة بين عددٍ من قادة ورؤساء قطاعات داخل القوات المسلحة، بعضها مرتبط بالنشاط الاقتصادي للمؤسسة العسكرية، وأن الفترة القريبة المقبلة ستشهد الإطاحة من الخدمة بعددٍ من القياديين الحاليين وإحالتهم إلى التقاعد، من دون اتخاذ إجراءات قانونية بحقهم.

وإلى جانب الجيش، تبدو الاستخبارات العامة على موعدٍ مع قرار وشيك بإحالة عددٍ من ضباط وموظفي الجهاز للمعاش أو العمل الإداري في جهات أخرى، نتيجة تحقيقات جديدة يجريها مدير الجهاز اللواء عباس كامل، ونجل السيسي النافذ في قيادة الجهاز، الضابط محمود؛ لـ”وجود شكوك في أن يكون محمد علي وبعض الشخصيات الأخرى التي أطلقت مقاطع فيديو مشابهة لم تحظ بانتشار واسع، مدعومين من ضباط داخل الجهاز أو خرجوا منه خلال السنوات القليلة الماضية”.

ولا يقتصر رد فعل السيسي الغاضب على الجيش والأجهزة السيادية فقط، فبعدما قال خلال جلسة “اسأل الرئيس” في مؤتمر الشباب إنه “سيأخذ حقه” بعدما تعرض للاتهامات والتشويه بمشاركة ونشر المواطنين لمقاطع فيديو محمد علي، قالت مصادر شرطية بالأمن العام: إن وزير الداخلية محمود توفيق عقد اجتماعًا منذ ثلاثة أيام مع قيادات الوزارة بمختلف المحافظات والأمن العام والأمن الوطني والمرور والخدمات، وصدرت تعليمات واضحة بتشديد الخناق على المواطنين خلال الفترة المقبلة، والحرص على “إشعارهم بالتواجد الكثيف والثقيل لقوات الأمن في جميع أنحاء الجمهورية، بهدف التخويف من القيام بأي تحركات أو فعاليات معارضة للسيسي”.

وأوضحت المصادر أن هذه التعليمات تمّ تنفيذها منذ الأسبوع الماضي في صور عدة؛ أولها إطلاق حملة اعتقالات جديدة في صفوف الطلاب والمعارضين والمتعاطفين مع جماعة “الإخوان” وتحريك قضايا عاجلة تتهمهم بالترويج لأخبار كاذبة انطلاقًا من حصر الصفحات التي نشرت مقاطع فيديو محمد علي وتحديد أصحابها مع الاكتفاء باستدعاء بعضهم لمقار الأمن الوطني بالمحافظات. كذلك جرى تكثيف دوريات التفتيش الأمني في المناطق الحيوية بالمراكز والمدن الكبرى، وزيادة عدد الكمائن المرورية للتضييق على مستقلي السيارات الخاصة والعمومية، وتفتيشها من دون مبررات، بغية إرهاب المواطنين وإشعارهم بأنهم تحت الرقابة دائمًا.

وبسبب هذه التعليمات تمّ إلغاء الإجازات الشهرية لمعظم الضباط في الأمن العام والأمن الوطني، فضلاً عن عودة إلغاء مواعيد الزيارة الدورية في سجون طرة، وأسيوط، والوادي الجديد، والقناطر، وجمصة وعدد آخر من السجون الأصغر حجمًا بعد عودتها في عيد الأضحى الماضي، وكان تم إلغاؤها سلفًا عقب وفاة الرئيس محمد مرسي في يونيو الماضي، كما أعيد تنظيم مواعيد “الفسحة والتريض” للسجناء خلال الأسبوع الحالي وتقليل مدتها وتواليها، بما يضمن تقليل عدد السجناء في كل حصة، وحرمانهم من دخول الصحف والرسائل.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...