” ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ “

قال تعالى:{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }( فصلت : 33)المعنى الإجمالي: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ، وَعَمِلَ صالِحاً، وَقالَ: إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ أي لا أحد أحسن ممن اتصف بالخصال الثلاث التالية:1- الدعوة إلى توحيد الله وطاعته وعبادته، فذلك خير ما يقوله إنسان لإنسان. وهذا نص عام يشمل كل داعية مخلص إلى الله، سواء الداعية الأول وهو رسول الله ص، والمؤذنون، والقائمون بالدعوة إلى الإسلام في كل زمان ومكان بالقول أو الخطابة أو الكتابة.2- العمل الصالح: وهو تأدية ما فرض الله على الإنسان، مع اجتناب ما حرّمه عليه.3- اتخاذ الإسلام دينًا ومنهجًا ومذهبًا، فلا شيء أحسن منه قولاً، ولا أصح منه عقيدة، ولا أوضح منه طريقة، ولا أكثر من عمله ثوابًا. ( )قال الحسن: هذا حبيب الله، هذا وليّ الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحبّ الخلق إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمل صالحا في إجابته، وقال: إنني من المسلمين، فهذا خليفة الله. ( )وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه- في قوله تعالى: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }( فصلت: 33) قال : هذا عبد صدق قوله ، وعمله ، ومولجه ، ومخرجه ، وسره ، وعلانيته ، ومشهده ، ومغيبه ( )قال ابن كثير – رحمه الله: { وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } أي: وهو في نفسه مهتد بما يقوله، فنفعه لنفسه ولغيره لازم ومُتَعَدٍ، وليس هو من الذين يأمرون بالمعروف ولا يأتونه، وينهون عن المنكر ويأتونه، بل يأتمر بالخير ويترك الشر، ويدعو الخلق إلى الخالق تبارك وتعالى. وهذه عامة في كل من دعا إلى خير، وهو في نفسه مهتد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس بذلك( )لا أحد أحسن ممن اتصف بهذه الشروط :يقول الشيخ أبو بكر الجزائري – رحمه الله: هذه ثلاثة شروط :الشرط الأول: دعوته إلى الله تعالى بأن يعبد فيطاع ولا يعص ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر.الشرط الثاني: وعمل صالحاً فأدى الفرائض واجتنب المحارم.الشرط الثالث: وفاخر بالإِسلام معتزاً به وقال إنني من المسلمين.فلا أحد أحسن قولاً من هذا الذي ذكرت شروط كما له.هؤلاء أحسن الناس: ويدخل في هذا أولاً: الرسل ، وثانيًا: العلماء ، وثالثًا: المجاهدون ورابعًا: المؤذنون وخامسًا: الدعاة الهداة المهديون. ( )من فضائل الدعوة إلى الله:الدعوة إلى الله هي طريق الفلاح في الدنيا والآخرة: قال تعالى:{ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}( آل عمران: 104)وخيرية هذه الأمة بقيامها بواجب الدعوة: قال تعالى:{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} ( آل عمران: 110 )الفوز بالحسنات والدرجات: عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ»( ) ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَإِنَّ لَهُ أَجْرَهَا وَأَجْرَ مَنْ عَمِلَ بِهَا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا، وَمِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ) ( )الدعوة حماية للأرض والناس والمقدسات: قال تعالى:{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ }( البقرة: 251)، قال تعالى:{ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}( الحج: 40)وفي فضل العالم والمتعلم آثار كثيرة ومنها: عَنْ كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ إِنِّي جِئْتُكَ مِنْ مَدِينَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَدِيثٍ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا جِئْتُ لِحَاجَةٍ قَالَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: ( مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ) ( ) من هداية الآية:– وفي الآية حث على الدعوة إلى الله سبحانه.– وبيان فضل العلماء الداعين إليه على بصيرة، وَفْق ما جاء عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.– وفي الآية إشارة إلى أنه ينبغي للداعي إلى الله تعالى أن يكون عاملاً عملاً صالحاً ليكون الناس إلى قبول دعائه أقرب وإليه أسكن.الجمعية الشرعية نموذجًا: انطلقت الجمعية الشرعية من خلال هذه الآية المباركة في دعوتها فجمعت بين الدعوة القولية عبر المساجد، ومعاهد القرآن الكريم والقراءات وموقعها الرسمي ومجلة التبيان والندوات وغيرها، ولم يقف دورها عند ذلك الحد بل انطلقت معها الدعوة التطبيقية من خلال مشروعات طبية متنوعة كحضانات المبتسرين ، ومراكز الغسيل الكلوي والأشعة وغير ذلك، ومشروعات تنموية ومنها محطات تنقية المياه والمخابز، ومشروعات اجتماعية وفي مقدمتها مشروع كفالة الطفل اليتيم، وغير ذلك من مشروعات تتطور يومًا بعد يوم لتقدم الجمعية نموذجًا في الدعوة إلى الله بالفهم الصحيح قولا وعملا.توصية عملية: ساهم في أي لون من ألوان الدعوة القولية أو العملية لتنال ثواب الدعوة إلى الله، وتكون من أحسن الناس عند الله تعالى.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...