ذبح كشمير.. هل عَوَّلت الهند على حالة التردّي التي وصل إليها المسلمون؟

كانت الدولة الباكستانية الوليدة عاجزة عن الوقوف بوجه الاستعمار البريطاني، وبوجه الهندوس الذين خرجوا من الانفصال كطرف قوي ماليًّا وبيروقراطيًّا، بالإضافة إلى علاقات دولية ورثها من الاحتلال البريطاني، بعد أن ورث الهندوس كل ما كان للاستعمار البريطاني.

أما القبائل البشتونية فلم ترض بالواقع، وشنت هجماتها المسلحة مدعومة ببعض الضباط في الخدمة الباكستانية، واستطاعت هذه القبائل الوصول إلى كشمير وتحرير ثلثها على الأقل، وهي الأرض التي تحت سيطرة باكستان اليوم.

ولكن كالعادة تمت المسارعة إلى وقف إطلاق النار، فاحتفظت الهند بثلثي ما تبقى من كشمير، ونالت الصين نصيبًا منها؛ كون المنطقة تتشاطرها ثلاث دول هي: باكستان والهند والصين، وظل الثلث المحرر حديثًا تحت سيطرة الدولة الباكستانية الوليدة.

بين القدس وكشمير

وقدَّم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، السنة الماضية، للهند أعظم هدية حين قرر نقل سفارة بلاده لدى كيان العدو الصهيوني من تل أبيب إلى القدس المحتلة، وربما كانت تلك الخطوة بمثابة جسّ النبض الذي تَلقَّت الهند نتائجه.

ودرست نيودلهي ردّ فعل المسلمين المخجل، فبدأت التخطيط لهذه الخطوة، ولكن ربما لم يصل الأمر بها إلى أن تطمح لتلقي الدعم، بل والتكريم عشية خطوتها تلك، وهو ما جرى حين قلَّدت دولة الإمارات رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، في 24 أغسطس الماضي، الوسام الأرفع لديها، وسام زايد.

ثم تبعتها البحرين في اليوم التالي، حين قلَّد ملكها مودي “وسام البحرين من الدرجة الأولى”، على الرغم من أن ناشطين بحرينيين وعربا وصفوه بأنه “مضطهد المسلمين”.

وحين لم تستنكر جامعة الدول العربية أو منظمة التعاون الإسلامي هذا الاحتفاء بمودي، لا بد أن الرجل رأى في هذه الوقائع مجتمعةً تشجيعا للاستمرار في مسعاه لضم الإقليم كما فعل اليهود بالقدس.

عصابة الأربعة

في التعامل مع النزاعات الأخيرة، استكمل ترامب ورئيسا وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو والاحتلال الهندي ناريندرا مودي، وزعماء الثورات المضادة العرب، صورة نظام عالمي جديد يمكّن القادة القوميين الهوياتيين من انتهاك القانون الدولي والإفلات من العقاب.

كما يسمح لهم بتنحية الدبلوماسية وفكرة الأمم المتحدة كما عرفها العالم منذ صلح “وستفاليا” عام 1648، وتجاهل حقوق الإنسان والدينية والأقلية والإثنية والقومية، أما سحب ناريندرا مودي الأحادي الجانب لحق كشمير في حكم نفسها، وفاءً بوعد انتخابي طويل الأمد، فيماثل الاعتراف الأحادي الجانب لدونالد ترامب بالضم الإسرائيلي للقدس الشرقية ومرتفعات الجولان.

وقد مكّن  زعماء الثورات المضادة العرب وعلى رأسهم الإمارات من هذا الاعتراف، بتخليهم عن أي تظاهر بالتضامن الإسلامي والمصداقية في التشدّق بالكلام المعسول الانتقائي بشكل متزايد لمحنة إخوتهم في الدين أو في الإثنية.

فأفعال وسياسات الرباعي (مودي وترامب ونتنياهو ومحمد بن زايد) هي أفعال القوميين الهوياتيين الذين يحددون حدود بلادهم استنادا إلى ادّعاءات تاريخية: تمثيل قومية هوياتية بدل تمثيل أمة تقررت حدودها عبر ترسيم حدود وسكان ولغة معترف بها وبهم دوليًّا، إضافة إلى رفض حقوق الآخرين.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...