أثارت فيديوهات رجل الأعمال محمد علي والتي كشفت جانبًا من فساد قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي وعائلته وعصابة العسكر، العديد من التساؤلات حول مصير أموال القروض التي حصل عليها السيسي طوال السنوات الماضية؟ ومصير المليارات المختفية من الموازنة العامة للدولة؟
نهب أموال الشعب
عودة طرح هذه الأسئلة يأتي في الوقت الذي كشف فيه محمد علي عن قيام عن إهدار المال العام في إنشاء العديد من القصور والفيلات الخاصة وفي مشروعات فاشلة، قائلا إن: “السيسي أنشأ تفريعة لقناة السويس رغم عدم وجود حاجة لها، وحصوله على أموال من جيوب الناس”، وكشف علي جانبا من إهدار المال في مسرح الاحتفال بالتفريعة، قائلا: “تم تكليف شركتي بإقامة المسرح الخاص باحتفال افتتاح قناة السويس الجديدة بتكلفة من 50 إلى 60 مليون جنيه دون أن يستفيد الشعب شيئا من هذا الحفل”، مشيرا إلى أن ما زال له أموال من إنشاء هذا المسرح حتى الآن.
وحول إهدار المال العام في دفن والدة السيسي، قال علي: “السيسي أخفى خبر وفاة والدته بسبب وفاتها قبل حفل افتتاح قناة السويس الجديدة بيومين، وتلقيت اتصالا من اللواء خالد عرابي مدير إدارة المشروعات بالقوات المسلحة لتحضير مدخل مقبرة والدة السيسي ليقوم بدفنها بعد حفل افتتاح قناة السويس، بتكلفة تجاوزت أكثر من مليوني جنيه و300 ألف دون أن أحصل على مليون و100 الف جنيها حتي الآن”، متسائلا: كيف يقوم السيسي بدفن والدته على نفقة الدولة، بينما موكبه في الجنازة تكلف مليوني جنيه؟
ما كشف عنه محمد علي، سبق أن تحدث عنه رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة ودفع ثمنه من حريته، حين كشف أن تكلفة الفساد داخل المؤسسات المصرية خلال عام 2015 تجاوزت 600 مليار جنيه (77 مليار دولار)، مشيرا إلى صعوبة حصر حالات الفساد في البلاد، وأن هذه الأرقام هي التي تم حصرها من خلال التقارير الرقابية التي يشرف عليها الجهاز، فيما رصدت مؤسسة “شركاء من أجل الشفافية” – في العام نفسه – تسعين واقعة فساد في مصر خلال شهر نوفمبر بزيادة 50% عن الوقائع التي تم رصدها خلال شهر أكتوبر السابق له.
600 مليار فاتورة الفساد
وفي مايو الماضي، أظهرت بيانات من البنك المركزي المصري ارتفاع إجمالي الدين العام المحلي للبلاد 20.25 % على أساس سنوي إلى 4.108 تريليون جنيه (241.9 مليار دولار) في نهاية شهر ديسمبر، فيما زاد الدين الخارجي للبلاد 16.6 % على أساس سنوي إلى 96.612 مليار دولار في نهاية ديسمبر، دون أن ينعكس ذلك إيجابا في الاقتصاد المصري أو تحسين الظروف المعيشية للمواطنين.
من جانبه أكد الصحفي الاقتصادي مصطفى عبد السلام أن الفيديوهات المتتالية التي نشرها رجل الأعمال “محمد علي” نجحت في فك شفرات كثيرة تتعلق بمظاهر الفساد في البلاد وأساليب إهدار المال العام وإنفاق المال العام من أجل “أخذ اللقطة”، وفي مشروعات بمليارات الجنيهات دون دراسات جدوى.
وقال عبد السلام، عبر صفحته على فيسبوك: “نجحت فيديوهات محمد علي المتلاحقة في الإجابة عن سؤال طرحه كثيرون ومنذ سنوات، هو: ما مصير المليارات التي اختفت فجأة من الموازنة العامة للدولة كما ذكر تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات في العام 2017؟ وما هو مصير عشرات المليارات الأخرى المحققة من الوفورات المالية الضخمة في الموازنة العامة والناتجة عن خفض الدعم الحكومي المقدم لسلع رئيسية، وزيادة أسعار السلع والخدمات، ومنها الوقود الذي زاد 5 مرات خلال السنوات الخمس الأخيرة؟ وأين مليارات رفع أسعار المياه والكهرباء والغاز الطبيعي والضرائب والجمارك والرسوم الحكومية؟ لماذا لم ينعكس كل هذا الوفر على المالية العامة للبلاد؟”.
وأضاف عبد السلام: “كنت أتعجب دومًا من أن يخرج علينا من هم في دائرة صنع القرار وأن يعايروا المصريين بفقرهم، رغم أن القاصي والداني يعرف أن البلاد بها ثروات من الذهب والمعادن وآبار من النفط والغاز والثروات الطبيعية والبشرية، وأن اقتصادها أكثر تنوعا وثراء حتى من الاقتصاديات الخليجية، لكنه الفساد الذي يمتص ثروات المصريين ويستنزف ما تبقى في جيوبهم، إن كان قد تبقى شيء”، مشيرا إلى أن محمد علي قال بشكل واضح، إن المليارات الضخمة التي يتم جمعها من جيوب المصريين الخاوية ومن دخولهم ورواتبهم المحدودة يتم إنفاقها على الفنادق الخمس نجوم التي يتم إقامتها مجاملة للشلة، وعلى القصور الرئاسية والفيلات التي تقام في كل مكان من بر مصر، ومنها القاهرة والإسكندرية والعلمين بالساحل الشمالي ومرسى مطروح والعاصمة الإدارية الجديدة وغيرها، وكذا على قصور تتم إقامتها في الصحراء ومزودة بأنفاق ثم يتم العدول عنها”.
اختفاء 32 مليار من الموازنة
وأشار عبد السلام إلى ما كشف عنه الجهاز المركزي للمحاسبات، في يناير 2017، حول اختفاء 32.5 مليار جنيه من الموازنة العامة للدولة، دون تحرك “البرلمان” والنائب العام والأجهزة المسئولة لفتح تحقيق عاجل لكشف حقيقة اختفاء كل هذه المليارات، لافتا إلى اعتقال رئيس الجهاز هشام جنينة بعدما كشف عن أن فاتورة الفساد في مصر فاقت 600 مليار جنيه في عام 2015 وحده.
وحول المليارات التي تم توفيرها من فاتورة الدعم خلال السنوات الخمس الأخيرة، أوضح عبد السلام أن “الموازنة العامة للدولة وفرت 35.8 مليار جنيه من فاتورة دعم الطاقة فقط خلال العام المالي 2018-2019، دون أن ينعكس ذلك على أرقام الدين العام أو يقلص عجز الموازنة العامة، والتي شهدت أرقامهما تضخما كبيرا خلال السنوات الأخيرة، كما أنه لم ينعكس على أداء أهم قطاعين خدميين في البلاد، هما الصحة والتعليم، بشهادة البنك الدولي؛ حيث لم نشهد مثلا إقامة مئات المستشفيات والمدارس، أو حتى تطوير الرعاية الصحية، أو رفع مستوى الخدمة التعليمية، وذلك رغم حصول الحكومة على منحتين لا تردان من البنك الدولي تزيد قيمتهما عن مليار دولار لتطوير القطاعين، متسائلا عن مصير 12 مليار جنيه تم توفيرها من فاتورة دعم الكهرباء خلال العام المالي الحالي.
وتساءل عبد السلام: “لماذا يتفاقم الدين العام والموازنة يوما بعد يوم، رغم القروض الخارجية الضخمة التي زادت أكثر من 67 مليار دولار خلال السنوات الخمس الأخيرة، لتقفز من 43 مليار دولار إلى نحو 110 مليارات دولار حاليا؟ وكيف أن حفل تفريعة قناة السويس تكلف وحده ما بين 50 و60 مليون جنيه، وهو مبلغ يكفي إقامة عدة مدارس!.