لم يعد خافيا على أحد هيمنة العسكر في مصر على الحياة اليومية والمجتمع ككل، وإحكام قبضتهم وسيطرتهم على القطاعات الصحية والتعليمية والاقتصادية وعلى وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة وصولا إلى إنتاج السلع الغذائية.
عسكرة الدولة.. مصطلح تصاعد بشكل لافت منذ استيلاء السيسي على الحكم، حيث يستولي العسكريون على السلطة في كل شئون البلاد، دون وجود مواد في الدستور تسمح لهم بالعمل في مناصب ليس لهم خبرة بها.
وفي الوقت الذي يحاول فيه السيسي وقادة الجيش بشتى الطرق حماية إمبراطوريتهم الاقتصادية وإخفاء ميزانيتها الحقيقية وفسادها المالي، شهد شاهد من أهلها هو الممثل ورجل الأعمال محمد علي، الذي كشف عن العديد من وقائع الفساد داخل المؤسسة العسكرية وإهدار مليارات الجنيهات على تشييد قصور رئاسية ومشاريع بلا جدوى.
نعم.. مليارات الجنيهات يهدرها السيسي ورجاله، بينما يعاني الشعب المصري من إجراءات تقشفية يفرضها عليهم الجنرال المنقلب بحجة أن موارد الدولة قليلة وبزعم “احنا فقرا قوي”.
على خلفية كشفه العديد من وقائع الفساد داخل المؤسسة العسكرية وإهدار مليارات الجنيهات على تشييد قصور رئاسية ومشاريع بلا جدوى، تقدم المحامي محمد حامد سالم ببلاغ للنائب العام، نبيل صادق، يتهم فيه صاحب شركة أملاك للمقاولات “الفنان محمد علي” بالخيانة العظمى وبث أخبار كاذبة لتضليل الرأى العام والإساءة إلى مؤسسات الدولة.
ولم يكتف نظام السيسي بذلك، وامتد الضغط على أسرة محمد علي، حيث استضاف الإعلامي المقرب من الانقلاب أحمد موسى والده ليطالب نجله بالاعتذار عن التصريحات التي بدرت منه حول شخصيات في الجيش والسيسي، زاعما أن هناك مسئولا في قطر، على حد تعبيره، قال لابنه إن هناك طائرة خاصة ستقله.
وهو الحديث الذي نفاه محمد علي في فيديو أخير له، مؤكدا أن والده تعرض لتهديدات للإدلاء بهذه التصريحات.
قناة “مكملين” ناقشت- عبر برنامج “قصة اليوم”- تفاصيل الوقائع التي كشف عنها رجل الأعمال محمد علي بهيمنة الجيش على الاقتصاد المصري.
الدكتور سيف الدين عبدالفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، رأى أن فساد الجيش ونظام العسكر ليس خافيا على أحد، وسبق أن كشف المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، عن أن فاتورة الفساد في مصر تتخطى 600 مليار جنيه، وتم اعتقاله والزج به في السجن.
وأضاف عبدالفتاح أن قادة الجيش تحولوا إلى عصابة من الفسدة تحاول السيطرة على مقدرات البلاد، واختطفوا هذا البلد بانقلاب عسكري، من خلال التلويح بالسلاح في موقف لا يجوز فيه ذلك، وهذا الأمر يعني سلطة معلنة وكامنة، سلطة قادة الجيش الذين فسدوا واهتموا بكل ما يتعلق بالشأن الاقتصادي والشأن السياسي والمجتمعي من خلال عسكرة الدولة.
وأوضح عبدالفتاح أن العسكرة أصبحت تطبق على الدولة والمجتمع كحد سواء، فالمؤسسات المجتمعية وكافة المؤسسات وحتى التعليمية أصبحت معسكرة؛ فالجامعة أصبحت مكانا عسكريا بهدف تكميم الأفواه.
وأشار إلى أن الفساد بات عملية تشريعية مقننة لوضع الجيش في البلد حتى أصبح الجيش دولة فوق الدولة.
الدكتور مصطفى شاهين، الخبير الاقتصادي، رأى أن السيسي لا يستطيع أن يفهم أن إدارة الدولة لا تتم بمفهوم الربح، ولكن بتوفير الخدمة والسلعة للمواطنين.
وأضاف شاهين أن شهادة محمد علي كشفت عن طبيعة العقلية العسكرية التي تدير الحكم الآن، وأن كل اهتمامها بالإنفاق الاستثماري كله موجه فقط تجاه العقارات أو الإسكان، وهي مشروعات ذات عائد سريع.
وأوضح أن إدارة الدولة اقتصاديا لا تتم بهذه الطريقة، بل تبحث عن كل ما له قيمة مضافة للاقتصاد؛ بهدف تنمية الناتج المحلي في الدولة في قطاعات الصناعة والزراعة، مضيفا أن تكلفة فندق التجمع الخامس الذي بلغت ملياري جنيه كانت كافية لحل أزمات الكثير من المصنعين في مصانع الغزل والنسيج في المحلة ومصانع الأسمدة والإسمنت التي تم إغلاقها.
وأشار إلى أن إدارة الدولة لا تتم بمفهوم الربح، والأصل فيها تهيئة البيئة المناسبة لاتخاذ القرارات الاقتصادية والتي يمكن من خلالها إدارة الموارد الاقتصادية، موضحا أن دور الدولة ليس بناء أبراج سكنية للمواطنين بل توفير أراض رخيصة وتوصيل المرافق والخدمات لها.