إحصاءات رسمية تُكذب رئيس قناة السويس.. الإيرادات تراجعت والزيادات وهمية

في يونيو الماضي 2019، قال الفريق مُهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس السابق، خلال حملة دعائية ضخمة: إن إيرادات قناة السويس فى العام المالي 2018/ 2019 بلغت نحو 104.2 مليار جنيه، بزيادة قدرها 40.4٪ عن العام الماضي، الذى بلغت الإيرادات فيه 74.2 مليار جنيه في العام المالي 2016/ 2017.

وتحدث عن ارتفاع إيراداتها إلى 5.9 مليار دولار في السنة المالية 2018-2019، بعدما زادت بمقدار 300 مليون دولار.

ولكن الحقيقة هي أن إيرادات قناة السويس انخفضت بنسبة 1.4% على أساس سنوي في النصف الأول من العام الجاري لتسجل 49.1 مليار جنيه (2.98 مليار دولار)، مقارنة       بـ49.8 مليار جنيه (3.02 مليار دولار) في الفترة ذاتها من العام الماضي، وفقا لتقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

حيث أكد التقرير الحكومي الرسمي تراجع إيرادات القناة في شهر يونيو الماضي (الذي أعلن مميش ارتفاعها فيه) إلى 7.8 مليار جنيه، من 8.7 مليار جنيه في الشهر نفسه من عام 2018، بانخفاض قدره 10.3% على أساس سنوي.

وكان خبراء قد انتقدوا إنفاق 8 مليارات دولار في حفر تفريعة القناة، ليس لعدم أهميتها ولكن لأنهم توقعوا أن تكون أموالا ضائعة من أجل تلميع وجه السيسي؛ بسبب انخفاض عدد ناقلات البترول والسفن الأخرى العابرة للقناة وتراجع التجارة العالمية، ومن ثم عدم زيادة أعداد السفن المارة عما قبل حفرها.

فقد بلغ عدد السفن المارة بالقناة عام 2017 نحو 17 ألفًا و550 سفينة، بينما كان المستهدف مرور 22 ألفًا و265 سفينة، بنقص 4715 سفينة.

اقرأ نص تقرير الجهاز المركزي حول انخفاض الإيرادات:

http://enterprise.press/wp-content/uploads/2019/08/201982893245_%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D8%BA%D8%B3%D8%B7%D8%B3-2019.pdf

هل حققت القناة أية إنجازات؟

قبل حفر القناة أثيرت تساؤلات بين خبراء ودوريات أجنبية حول: هل ستجني القناة “أرباحًا” فورية تعوض “التكاليف” التي بلغت نحو 8 مليارات دولار؟ أم سينتظر المصريون حتى عام 2023 لجني بعض المكاسب التي قيل إنها 100 مليار، ثم 20 مليارًا على لسان رئيس هيئة قناة السويس في ظل تدهور التجارة العالمية؟.

أربع سنوات مرت منذ افتتاح مشروع ازدواج قناة السويس، أو ما سمي بـ”قناة السويس الجديدة”، وتستعد السلطة لإعادة قيمة شهادات استثمار المصريين فيها، والمقدرة بـ64 مليار جنيه، في 4 سبتمبر الجاري.

وفي الذكرى الرابعة للقناة، عاد التساؤل حول: هل حققت القناة الجدوى الاقتصادية والهدف منها؟ أم اقتصر الأمر– كما اعترف السيسي في مقابلة تلفزيونية في حزيران/يونيو 2016-على أن الهدف من التوسعة التي تكلّفت 8 مليارات دولار كان رفع معنويات الشعب المصري لا تحقيق منافع اقتصادية ملموسة؟.

العائد قبل وبعد توسيع القناة

عام 2015 قال رئيس قناة السويس: إن المشروع سيزيد دخلها في أول عامين (حتى 2017) ليصل إلى 8 مليارات دولار، ثم يرتفع بحلول عام 2023 إلى 13.4 مليار دولار، ولكن بعد مرور 4 سنوات لم يصل الإيراد إلى نصف تقديراته.

ووفق الأرقام الرسمية سجل دخل القناة 5.5 مليار دولار في عهد الرئيس الأسبق مبارك عام 2009/2010، مقابل 5.2 مليار دولار في عام حكم الرئيس مرسي، وتراجع عام 2015 في عهد السيسي إلى 5.1 مليار دولار قبل أن يرتفع هذا العام 2019 إلى 5.9 مليار دولار.

وبحسب الفريق مهاب مميش، حققت “قناة السويس أعلى عائد لها هذا العام 2018/ 2019، بقيمة 5.9 مليار دولار، بزيادة 300 مليون جنيه، وكانت عام 2017/2018 قد حققت 5.585 مليار دولار.

وفي عام 2014، أي قبل التوسعة، بلغت الإيرادات 5.5 مليار دولار، وفي عام التوسعة 2015 تراجعت إلى 5.1 مليار دولار، ثم إلى 5 مليارات دولار عام 2016، ثم عاودت الارتفاع من جديد عام 2018 لتصل إلى 5.5 مليار دولار.

ولم يتمكّن المشروع من توليد إيرادات كافية لتسديد الأقساط على القناة، ما أرغم وزارة المالية على تسديد مبلغ 600 مليون دولار عن هيئة قناة السويس التي لم تكن تملك الاحتياطي الضروري، واقترضت هيئة قناة السويس 600 مليون دولار من 4 بنوك، ووصلت مديونياتها للبنوك مبلغ 1.5 مليار دولار.

وبحسب إنفوجراف لمجلس الوزراء عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، ارتفعت إيرادات القناة التي تم تحويلها إلى الخزانة العامة 19.3% خلال العام المالي 2018/2019 لتصل إلى 72.2 مليار جنيه (أي نحو 4.3 مليار دولار(.

هل أخفق المشروع؟

أحد أهداف المشروع كان زيادة القدرة الاستيعابية للقناة لتكون 97 سفينة عام 2023 بدلا من 49 سفينة عام 2014، ولكن معدل مرور السفن في القناة ظل يتراوح بين عدد 52 و62 سفينة يوميًّا، وارتفع في يوم واحد، 5 أغسطس الجاري لأول مرة، إلى 81 سفينة.

وقد أظهرت تقارير البنك المركزي بشأن ميزان المدفوعات، أن حجم العائد (رسوم المرور) للقناة انخفض من 4081.4 مليون دولار، قبل حفر القناة الجديدة، إلى 3877.7 مليون دولار بعد حفرها، بحسب الفترة من مارس/ يوليه 2016.

وعبرت 17148 سفينة القناة عام 2014، بينما عبرتها 17483 سفينة عام 2015 (بعد حفر القناة بخمسة أشهر) بفارق 335 سفينة وبنسبة التغيير 2.0%، قلّت إلى 16833 سفينة عام 2016، بحسب إحصائية لهيئة قناة السويس، ما يعني أنها لم تحقق أهدافها.

وتشير بيانات هيئة القناة إلى أن السبب وراء عدم تحقيق ما أملته القناة من أرباح هو: تدني حركة التجارة العالمية، والانخفاض الشديد في أسعار البترول، وتباطؤ معدلات نمو الاقتصاد الصيني، وعدم تحقيق منطقة اليورو حتى الآن الانطلاقة الاقتصادية المرجوة.

التوسعة والتكاليف

طول قناة السويس الأصلية التي افتُتحت عام 1869 هو 193 كم، وقد أُنشئت القناة الجديدة بحسب الموقع الرسمي لهيئة قناة السويس، كفرع موازٍ يخرج من القناة الرئيسية عند الكيلومتر رقم 60، ويصب فيها مجددا في الكيلومتر رقم 95 (أي تمتد القناة الجديدة على طول 35 كم في موازاة القناة الأساسية) بحيث يفصل بينهما جزيرة يخطط مستقبلا لمشاريع استثمارية فيها.

القدرة الاستيعابية للقناة كانت قبل حفر المشروع الجديد الجديدة تعادل حوالي 50 سفينة يوميا بحسب أرقام عام 2014، وما أعلنته هيئة قناة السويس ضمن أهداف المشروع هو أن تزيد إلى 97 سفينة في اليوم عام 2023.

وجمع السيسي من المصريين 64 مليار جنيه، في صورة شهادات بنكية، لحفر التفريعة الجديدة بفائدة قدرها 12%، وتحملت الميزانية العامة للدولة حوالي 7.6 مليارات جنيه سنويا، هي مقدار خدمة الدين لـ64 مليارا التي جمعها السيسي.

وتم افتتاح تفريعة قناة السويس التي تكلفت 8 مليارات دولار في أغسطس 2015، وتوقع رئيس القناة أن يزيد دخل مصر من وراء مشروع قناة السويس الجديدة إلى 100 مليار دولار سنويًّا.

وقال تقرير شبكة “بلومبرج” الاقتصادية الأمريكية، إن مشروع “توسعة قناة السويس” معناه أن “مصر تهدر 8 مليارات دولار على توسعة لقناة السويس لا يحتاجها العالم“.

الطريف أنه كان المعتاد قبل حفر قناة السويس الجديدة، حساب عائدات القناة في مصر بالدولار، ولكن مع نشر تقارير عن تدني العائد بالدولار، بدأت القناة منذ 2016 استخدام عُملتين مختلفتين فقط في إصدار البيانات، وتم حذف أي إشارة للدولار من جداول البيانات.

العملتان هما: الأولى بالجنيه المصري، والثانية بما يسمى “حقوق السحب الخاصة”، وهي عُملة غير واقعية، تتبع سلة العملات العالمية، ومن بينها الدولار الأمريكي، واليورو، والين الياباني، والجنيه الإسترليني، وتشير تقديرات مالية إلى أنه يمكن لهذه الطريقة إخفاء حقائق حول حقيقة دخل القناة.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...