الجرائم الأسرية.. ضغوط السيسي المتكررة تدفع المجتمع المصري نحو الانهيار

طالعتنا مواقع إخبارية، خلال الساعات القليلة الماضية، عن مأساة تكررت طوال السنوات الست الماضية عن جرائم أسرية بشعة أودت بحياتهم، وقعت بسبب الأزمة الاقتصادية وضيق المعيشة وارتفاع تكاليف الحياة الأسرية، حيث أنهى الموت والشروع فيه 3 زيجات، فيما تنوعت الجرائم الثانية بين خلافات يومية ذات طابع مادى بحت.

خلافات أسرية

محافظة الشرقية كانت فى وسط الأحداث هذا الأسبوع، حيث تسبب العوز والحالة الاقتصادية وضيق ذات اليد في مقتل زوج على يد زوجته فى زواجٍ لم يدم سوى 60 يوما فقط؛ إذ أقدمت على التخلص من حياة زوجها بطعنة نافذة بالقلب، داخل منزلهما بإحدى العزب دائرة مركز شرطة الزقازيق. تبين من التحريات أن وراء ارتكاب الواقعة نشوب خلافات مادية بينهما انتهت بقيامها بطعنه .

ومطلع الأسبوع الجاري، ضبطت قوات الأمن المتهم في جريمة قتل زوجته بسبب الخلاف على شراء ملابس ومستلزمات منزلية. وتبين من التحريات أن وراء ارتكاب الواقعة زوج المجني عليها، ويدعى “م. س” 30 سنة، مزارع، حيث تبين نشوب خلافات بين الزوجين يوم عيد الأضحى بسبب مستلزمات العيد وشراء ملابس جديدة، وتشابك الزوجين بالأيدي لتسقط الزوجة وقد فارقت الحياة.

ضغوط السيسي تدفع إلى الانهيار

ولم تكن حوادث محافظة الشرقية الأولى ولن تكون الأخيرة، من سلسلة الجرائم الأسرية التى تطل علينا فى شبه دولة ”السيسي”، لتكشف أن المجتمع المصري فى طريقه للانهيار على شاكلة” الدومينو” بعدما امتلأت صفحات الحوادث بالقتل والاغتصاب والانتحار وسفك الدماء.

وتزايدت في الأعوام الأخيرة جرائم القتل الأسرية داخل البيوت المصرية، حيث يعاني الكثيرون من جرائم متشابهة ومتكررة لأسباب متباينة، تكون نهايتها قتل الأب أو الابن أو الأم والأطفال.

أساتذة علم النفس والاجتماع أرجعوا انتشار الجرائم فى الأعوام القليلة الماضية إلى عدة أسباب، أهمها العوامل الاقتصادية والضغوط النفسية وضعف الوازع الديني.

وقالت الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية: إن هناك عوامل كثيرة ومتشابكة تجعل الفرد يُقدم على قتل أقرب الناس إليه، أهمها الجانب النفسي، وهو يرتبط بالعلاقات الاجتماعية فى محيط الأسرة، وهذا الجانب افتقدناه مؤخرا بسبب سعي رب الأسرة الدائم وراء توفير المال بالعمل طوال اليوم، وهذا على حساب أفراد أسرته، الذين يفتقدون الحميمية مع الأب والأم والأشقاء.

الخبير النفسي والاجتماعي الدكتور إبراهيم عز الدين، أستاذ علم النفس والاجتماع بجامعة أكتوبر، قال إن هناك عدة أسباب رئيسية فى زيادة الجرائم الأسرية، في الفترة الأخيرة، منها ضعف العلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة الواحدة، وضعف الإيمان بالله والوازع الديني، والاختلال العقلي والنفسي والضغوط الاجتماعية والنفسية والظروف الاقتصادية وأبرزها الفقر، بالإضافة إلى إدمان المخدرات، وكذلك زيادة سرعة نمط الحياة والعداء بينهم، وأساليب التنشئة الاجتماعية وزيادة العنف فى الإعلام، وفقدان الروابط الأسرية.

انفصام في الشخصية

وخلال السنوات القليلة الماضية، تعرض المجتمع المصري لهزات اقتصادية متلاحقة أفقدت الكثير من المواطنين القدرة على التكيف معها؛ بداية من تحرير سعر صرف الجنيه في الثالث من نوفمبر 2016 وانخفاض قيمته بشكل كبير أمام الدولار؛ ما أدى بالتبعية لزيادة معدلات التضخم وزيادة حجم الدين الخارجي، مع ارتفاع جنوني ومتكرر لأسعار السلع والخدمات، خاصة فواتير الكهرباء والمياه وأسعار الوقود، تتحمله على الأرجح الطبقات الدنيا فقط، في ظل ثبات أو ارتفاع غير مناسب للرواتب والأجور.

فيما قالت الدكتورة إيمان عبد الله، خبيرة علم النفس، إن الجرائم قد تكون بسبب نفسى وتعرض الإنسان لضغوط نفسية واجتماعية تزيد من العنف، والغيرة والفصام والشخصية السيكوباتية، كلها أسباب لزيادة الجريمة؛ لأن الاضطرابات الشخصية تأتي بسبب الشعور بالرفض من قبل الأسرة.

وأضافت الدكتورة إيمان: “من أسباب زيادة الجرائم الأسرية ارتفاع معدﻻت الكثافة السكانية واﻻزدحام، وانتشار العنف فى المجتمع المصرى عبر وسائل الإعلام والدراما وتراجع الدور الثقافى فى المجتمع، لأن تسليط الضوء على الجرائم يؤكد زيادة نسبة معدﻻتها، بالإضافة إلى الانفلات الأخلاقى، وحرب الخلافات الأسرية والأفكار المغلوطة، وكذلك التفسير الخاطئ لمعنى الحرية، مما يتسبب فى حالة من عدم اﻻستقرار والعيش فى صراعات، علاوة على تراجع المؤسسات الدينية عن الدور الفعال لها وبشكل يناسب العصر الحالي، وأيضا الاستخدام السلبى والسيئ للتطور الإلكترونى، ووسائل اﻻتصال الحديثة.

صعوبات اقتصادية

يقول الدكتور عبد الرحمن حماد، رئيس وحدة الإدمان بمستشفى العباسية للصحة النفسية: “هناك تزايد في حوادث القتل الأسري، وهذا يمكن أن يرصده أي شخص مراقب، ولكن هل وصل الأمر إلى حد الظاهرة، لا أستطيع أن أقول ذلك”.

ويضيف استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان: “لا يمكن أن يتم الاعتماد على تخصص واحد لتفسير تزايد هذه الحوادث، فالتفسير النفسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي وحده لا يكفي، ولكن يجب الاعتماد على كل التخصصات ذات الصلة للوصول إلى رؤية واضحة لأسباب تزايد هذه الجرائم”.

ويوضح أن “هناك صعوبات اقتصادية تواجه الأسر تزيد من ظاهرة العنف داخل المجتمع، وقد يرى البعض أن هناك تزايدا في الاهتمام بالأمن السياسي على حساب الأمن الاجتماعي. كل هذه الأسباب مطروحة ولا يمكن أن نعتبر أن سببا واحدا منها هو الذي أدى إلى تزايد هذه الجرائم”.

انهيار الاقتصاد ونفسية المصريين 

يرى الدكتور منير إبراهيم، عضو الجمعية العالمية للطب النفسي، أن المشكلة أخطر مما نتصور، ويرى أن ما يقارب 40% من الشعب المصري مصابون بالاكتئاب لأسباب اقتصادية على الأغلب.

ويضيف في تصريحات صحفية: “الاكتئاب مرض يجعل الإنسان ينعزل عمن حوله ولو داخليًا وينظر للحياة بأسلوب متشائم، والسبب الرئيسي يرتبط بأن المواطن المصري “شايل الهمّ” منذ أن يستيقظ ويفتح عينيه وحتى ينام، بل وربما أثناء نومه تطارده كوابيس لقمة العيش وكيف ينفق راتبه البسيط على المأكل والملبس”.

الخبير الاقتصادي وائل النحاس كشف عن مزيد من المظاهر التي حدثت فى الشارع المصري جراء الانهيار الاقتصادي في دولة عبد الفتاح السيسي، مؤكدا أن المواطن المصري تأثر سلبيا بما يسمى “الإصلاحات الاقتصادية”، والتي أدت إلى تآكلٍ في دخل المواطن وتردٍ في الخدمات ووقفٍ في عجلة الإنتاج والمقومات الحالية بها.

وأضاف، في تصريحات صحفية، “تسبب الانهيار الاقتصادي في ظاهرة جديدة داخل الأسرة المصرية وهي “الجريمة العامة”، والتي انتقلت لداخل الأسرة، وبات هناك صراع بين أفراد الأسرة الواحدة، سواء كان مستوى بطالة مرتفعة، أو نزاعات مالية أو شخصية، أو بين الرجل وزوجته، أو حتى النزاع على ميراث أو ما شابه ذلك.

إحصاءات صادمة

وأكد “النحاس” أنه “كانت نسبة الجريمة فى داخل الأسر المصرية أقل قبل سنوات من الآن”. وكشف عن أن معدلات الجريمة فى 2006 كانت 2.7 جريمة فى اليوم، بينما تتحدث الإحصائيات التى صدرت فى 2016 عن أن معدل الجريمة أصبح 130% “القتل“، والسرقة بالإكراه 350%، ومعدل سرقة السيارات 500%، وترتيب مصر بين الدول هو الرقم الثالث عربيا والـ24 عالميًّا.

وأضاف: “هناك ترد وزيادة في المعدلات، وكل هذه الأرقام يجب أن تتم بلورتها فى إطار الأزمة الطاحنة التى يعانيها المواطن المصري فى ظل ارتفاع الأسعار وارتفاع معدلات البطالة والفساد، وأن العبء الاقتصادي على الأسرة أصعب من الأول، ما أدى لانحراف المؤشر لدى الأسر المصرية بالكامل”.

وأشار إلى أن عدد المجرمين “البلطجية” في مصر ارتفع إلى 92 ألفًا وعدد “المسجلين خطر” ارتفع بنسبة 55%، وجرائم الخطف من أجل الفدية ارتفع من 107 حالات إلى 400 حالة العام الماضي، كما ارتفعت معدلات السرقة 4 أضعاف من 5 آلاف سرقة إلى أكثر من 21 ألف حالة.

كوارث مفجعة

الإحصاءات العالمية تؤكد أن معدلات الجريمة في مصر تضاعفت منذ 6 سنوات أو يزيد، حيث احتلت مصر المركز الخامس عربيًا، بعد دول؛ سوريا والصومال وليبيا والعراق، في مؤشر الجريمة العالمي لعام 2017، بحسب ما أكده التصنيف السنوي لقاعدة البيانات العالمية “نامبيو”، المعني بترتيب 125 دولة حسب معدل الجريمة فيها، مُشيرًا إلى أن مصر جاءت في المرتبة الـ38 عالميًا من حيث المعدلات المرتفعة لمستوى الجريمة بأشكالها المختلفة.

كما تؤكد الإحصاءات الحكومية ارتفاع معدلات الجرائم، حيث كشف تقرير لقطاع مصلحة الأمن العام، حول معدلات الجريمة فى مصر، ارتفاع معدلات الجرائم بشكل عام خاصة القتل والسرقة بالإكراه وسرقة السيارات، بعدما ارتفعت نسبة الزيادة فى معدل جرائم القتل العمد نحو 130%، أما معدلات السرقة بالإكراه فقد زادت بنسبة 350% بعد تسجيلها ألفين و611 جريمة، أما سرقة السيارات فقد زادت بنسبة 500%.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...