لتجنب الإفلاس.. قرار جديد يسمح للسيسي ببيع أصول الدولة لنهب «1000» مليار جنيه

في محاولة من قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي لتجنب الإفلاس أمام أزمة السيولة، بعد أن أهدر أكثر من 3 آلاف مليار جنيه على مشروعاته الوهمية بدون عائد يذكر، يبدو أن الجنرال السفيه يتجه بسرعة الصاروخ نحو بيع أصول الدولة من أجل توفير المال لمشروعاته الوهمية وسد العجز المزمن في الموازنة العامة.

وفي سبيل ذلك، أصدر رئيس الوزراء بحكومة الانقلاب مصطفى مدبولي، قرارًا مشبوها يسمح للجهات الحكومية بحق التصرف بالأمر المباشر في العقارات والأصول المملوكة للدولة، بالبيع أو التأجير أو الترخيص بالانتفاع أو الاستغلال، وهو ما اعتبره خبراء ومتخصصون بداية لبيع مقرات الوزارات والهيئات العامة بعد نقلها للعاصمة الإدارية الجديدة، خلال عام 2020.

وكان مدبولي قد أصدر قرارًا نشرته الجريدة الرسمية برقم 25 لسنة 2019، عن حق الحكومة بإبرام الاتفاقات في حالة الضرورة التي تقتضي التعامل على العقارات بالاتفاق المباشر، لتحقيق اعتبارات اجتماعية واقتصادية تقتضيها المصلحة العامة. وهو القرار الذي يأتي تطبيقًا لأحكام المادة 80 من قانون التعاقدات الحكومية 182 لسنة 2018 الذي أصدره زعيم الانقلاب في أكتوبر 2018م.

الملاحظة الأولى أن قانون التعاقدات الحكومية الجديد، الذي يصدر هذا القرار على أساسه، يفتح الباب أمام جميع الجهات الحكومية للتعاقد بالأمر المباشر في 7 حالات معظمها غير محدد، بل يعود تقديره للسلطة التقديرية للحكومة أو الجهاز الذي سينفذ التعاقد، فمنها على سبيل المثال: “إذا كانت الحالة تستهدف تعزيز السياسات الاجتماعية أو الاقتصادية التي تتبناها الدولة” و”الحالات الطارئة التي لا تتحمل اتباع إجراءات المناقصة أو الممارسة”، و”عندما لا يكون هناك إلاّ مصدر واحد بقدرة فنية مطلوبة”، و”عندما لا يكون هناك إلا مصدر واحد له الحق الحصري أو الاحتكاري لموضوع التعاقد”. ومن صياغة الحالات السابقة يتبين اتساع السلطة التقديرية التي يمكن بها إدراج أي صفقات تحت أي من البنود المذكورة، خاصة ما ينص على “تعزيز السياسات الاجتماعية والاقتصادية”، وهي عبارة ليس لها ضابط أو رابط، كما أن الحديث عن وجود مصدر واحد بقدرة فنية أو بحق احتكاري وحصري ينطبق بالدرجة الأولى على شركات الجيش وبعض شركات الاتصالات وجميع شركات البترول المتعاقدة مع الدولة، الأمر الذي سينعكس بزيادة ضخمة في عدد الصفقات المعقودة بالأمر المباشر، ودون عقد الرقابة على تلك السلطة التقديرية لأي جهة حكومية أو رقابية.

الملاحظة الثانية، أن القانون يجيز  لكل من وزارات الدفاع والإنتاج الحربي والداخلية وأجهزتها جميعا في “حالات الضرورة التي يقتضيها الأمن القومي” التعاقد بطريق المناقصة المحدودة أو المناقصة على مرحلتين أو الممارسة المحدودة أو الاتفاق المباشر. ويعتبر هذا النص تكريسًا وتقنينًا لوضع غير دستوري قائم على التمييز الإيجابي لتلك الوزارات وأجهزتها على باقي الوزارات والشركات، خاصة أن تعبير “الأمن القومي” يبلغ من الاتساع ما يمكن كل وزارة من تفسيره كما تشاء، وما يضمن لها أن تدرج تحته كل تعاقداتها، علمًا أن المشروع يضمن “سرية استثنائية” لخطط البيع والشراء المندرجة تحت اعتبار “الأمن القومي” بعدم نشر أي معلومات عنها على بوابة الخدمات الحكومية الإلكترونية.

الملاحظة الثالثة أن تقديرات اللجان الفنية للحكومة لقيمة مباني الوزارات والهيئات العامة، تصل لأكثر من 800 مليار جنيه (50 مليار دولار)، من حيث القيمة السوقية لسعر المتر في مناطق التحرير ووسط البلد وجاردن سيتي والزمالك، لكن القيمة الحقيقية أكبر من ذلك بكثير، وفق خبراء غير حكوميين، في ظل وجود مبان حكومية أثرية، وأخرى تمثل قيمة تاريخية، ومن أهمها مباني مجلس الوزراء ومجلسا النواب والشورى ووزارات الصحة والتربية والتعليم والإنتاج الحربي، والنقل والمواصلات والأوقاف ومبنى الخارجية القديم، ومصلحة العملة، والمجمع العلمي والجمعية الجغرافية المصرية.

ويؤكد الخبير الاقتصادي سمير أبو الخير، أن قيمة هذه المباني ربما تصل إلى 70 مليار دولار، إذا ما أضيف إليها مبنى مهم مثل مجمع التحرير، والمتحف المصري بميدان التحرير، والأرض التي كان عليها مقر الحزب الوطني على كورنيش النيل بميدان عبد المنعم رياض.

الملاحظة الرابعة أن نظام الانقلاب، برئاسة عبد الفتاح السيسي، يريد من نقل الوزارات والهيئات العامة لعاصمته الإدارية الجديدة تفريغ وسط القاهرة، لإنهاء القيمة التاريخية لميدان التحرير، الذي ما زال يمثل هاجسا لدى نظام الانقلاب العسكري، بإمكانية عودة المظاهرات للميدان مرة أخرى، وفي حال نقل الوزارات، فإن الميدان لن يمثل وسيلة ضغط على النظام، كما أنه لن يشل حركة المرور بالقاهرة، بعد إخلائها من الوزارات والهيئات المهمة مثل مجلسي النواب والشورى، ومجلس الوزراء.

الملاحظة الخامسة أن نظام السيسي يريد الاستفادة من عوائد بيع أو تأجير مباني الوزارات والهيئات، لحل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر نتيجة القروض التي حصل عليها خلال السنوات الماضية، تحت مبرر علاج عجز الموازنة العامة، ولكن معظم هذه القروض كانت من نصيب العاصمة الإدارية التي أرهقت الموازنة المصرية بشكل كبير.

الملاحظة السادسة أن هذا القرار المشبوه ربما يفتح الباب أمام سيطرة الاستثمار الإماراتي والإسرائيلي على أهم معالم القاهرة ومنشآتها، خاصة أن الإمارات هي المستثمر الأساسي بمثلث ماسبيرو وجزيرة الوراق، وعدد من الجزر الأخرى بمجرى نهر النيل، ولأن المباني الحكومية تمثل الأفضل من حيث الموقع والمساحات والقيمة التاريخية لبعضها، فإنهم سوف يفضلون الاستثمار بهذه المشروعات عن غيرها.

الملاحظة السابعة أن عوائد بيع أو تأجير هذه المنشآت لن يعود بأي فائدة على المواطنين، فهذه العوائد سوف تذهب مباشرة إما لسداد الديون العاجلة المستحقة على مصر، التي تصل إلى 14.5 مليار دولار قبل نهاية 2019، وفقا لبيان البنك المركزي المصري، أو لضخ أموال أخرى في العاصمة الإدارية، التي تعاني من أزمة تمويل لاستكمال مشروعاتها المختلفة.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...