“كابوس التعذيب في مصر”.. تقرير حقوقي يرصد الحصاد المر لحقوق المصريين

رصد تقرير حقوقي، أعادت نشره “المفوضية المصرية للحقوق والحريات” بعنوان “كابوس التعذيب في مصر”، استمرار جرائم التعذيب داخل أماكن الاحتجاز بشكل ممنهج، من خلال رصد وتوثيق الحالات على مدار سنتين في إطار مبادرة “خريطة التعذيب” التابعة للمنظمة.

واعتبر التقرير أن قصور التشريعات القانونية في قانوني الإجراءات والعقوبات أدى إلى عدم إنصاف ضحايا التعذيب ومعاقبة مرتكبيه، وأن إحالة قضاة شاركوا في إعداد قانون لمكافحة التعذيب يعكس غياب الإرادة السياسية في منع ومكافحة التعذيب.

واستعانت “المفوضية” ببيانات إحصائية أصدرتها عدة منظمات حقوقية دولية ومحلية حول حالات التعذيب في العامين الأخيرين، وعجز التشريعات القانونية عن حماية الضحايا أو إنصافهم في حالات التقاضي.

وقدم التقرير تحليلا للإشكاليات والعوائق التي تواجه ضحايا جريمة التعذيب في التماس سبل الإنصاف المختلفة والوصول للعدالة.

وخلص التقرير إلى وجود قصور في التشريعات القانونية في قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية، الأمر الذي يحول دون إنصاف ضحايا التعذيب ومعاقبة مرتكبيه، بالرغم من أن الدستور المصري لعام 2014 قد حظر التعذيب حظرًا مطلقًا واعتبره “جريمة لا تسقط بالتقادم”، في مادته رقم (52.(

وكشف عن أن التعذيب له خريطة وأشكال، وأنه يتم بشكل أساسي بمقرات الأمن الوطني “أمن الدولة”، وكذلك في أقسام الشرطة والسجون وغيرها من مقرات الاحتجاز.

وأشكال التعذيب ما بين الجسدي بشكل مباشر مثل الضرب والصعق بالكهرباء والتعليق من اليدين أو القدمين، أو بشكل غير مباشر مثل الحرمان من تناول الطعام، أو التعذيب النفسي مثل الحرمان من النوم، أو الحرمان من الزيارة أو الحبس الانفرادي لفترات طويلة، أو التهديد بخطف وتعذيب أفراد أسرة الضحية.

وأضاف أنه في بعض حالات التعذيب يهدد الضابط أو المخبر الضحايا بالاغتصاب وخاصة النساء، أو يتحرش بهم وبهن جسديا، أو يجبر الضحايا على مشاهدة ضحية تعذيب أخرى أو يكتفي بإسماع الضحايا أصوات صراخ ضحايا آخرين أثناء التعذيب.

وحذر من أن كل تلك الأشكال ينتج عنها آلام جسدية ونفسية عميقة الأثر لا يتخطاها الضحية حتى بعد الإفراج عنه، فيظل العديد من الضحايا في ألم جسدي ونفسي عميق يمنعهم من العودة لحياتهم.

إشكاليات التقاضي

وكشف التقرير عن أنه من بين 80 حالة تعذيب وثقتها مبادرة خريطة التعذيب، حالة واحدة فقط قامت بإجراءات التقاضي، معتمدا على إجراء مقابلات فردية مع محامين يعملون مع ضحايا تعذيب، ليصل التقرير إلى وجود عدة عوائق تواجه الضحية لإثبات جريمة التعذيب بداية من الممارسات الشرطية كتأخير عرض الضحايا على النيابة أو على الطب الشرعي لحين زوال أثار التعذيب، مرورًا بدور النيابة في التحقق من جريمة التعذيب وتقديم مرتكبيها للعدالة، وأخيرًا تناول التقرير العقبات الناتجة عن الثغرات القانونية في المواد الخاصة بالتعذيب في قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية.

الموقف الرسمي

ونبه التقرير إلى أن الانقلاب يتعامل مع جرائم التعذيب في جزأين، الأول: موقف الدولة من تطوير ومعالجة الثغرات القانونية في التشريعات ذات الصلة بجرائم التعذيب، حيث يشير التقرير إلى أنه وبالرغم من تلقي الحكومة المصرية العديد من التوصيات خلال الاستعراض الدوري الشامل بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (UPR) في عام 2014، توصي بتعديل التشريعات الوطنية المتعلقة بجرائم التعذيب وخاصة تعريف التعذيب في القانون المصري لتتواكب مع التشريعات الدولية، إلا أن مصر في ظل الانقلاب لم تتخذ أي خطوات على المستوى التشريعي، كما لم تستجب للمقترحات بشأن تعديل الإطار القانوني ذات الصلة بجرائم التعذيب.

وبحسب التقرير لم توفِ حكومة الانقلاب بالتزاماتها الدولية بشأن حظر ومناهضة جريمة التعذيب، ولا صدقت على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، ولا وضعت حكومة الانقلاب السياسات والأطر التشريعية لمكافحة تفشي ظاهرة التعذيب.

تأديب قضاة

التقرير أشار إلى أنه في هذا الجزء، ظهرت دراسة مشروع “مسودة مشروع قانون لمكافحة التعذيب” الذي تم إعداده من قبل خبراء قانونيين وقضاة، تقدموا به إلى “السيسي” عام 2015، وجاءت بنود القانون لتعالج الثغرات والعوار القانوني الحالي لقانون العقوبات على ضوء الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

وعلاوة على عدم استجابة الانقلاب وحكومته، أحالت أيضا القضاة للتأديب وتم توجيه تهم ممارسة نشاط غير مشروع وتكدير السلم والأمن العام على أثر تقديم المسودة البديلة.
واعتبرت “المفوضية” أن ذلك الأمر يعكس غياب الإرادة السياسية للدولة في منع ومكافحة جرائم التعذيب، إن لم تكن بأشكال أخرى تقننها.

تعامل النيابات

وكشف التقرير عن تعامل القضاء والنيابات مع شكاوى ودعاوى التعذيب عبر نمط من الأحكام المخففة في قضايا التعذيب بسبب قصور المواد القانونية، حيث يتم استخدام مصطلح “ضرب أفضى إلى موت” أو “استعمال القسوة” لتخفيف العقوبة في حالات التعذيب المفضية إلى الموت مثل حالة محمد عبد الحكيم الشهير بـ”عفروتو”.

كما يشير التقرير إلى قبول المحكمة للاعترافات المنتزعة تحت التعذيب كما في حالة قضية النائب العام، والتي على أثرها أعدم 9 متهمين في عام 2019.

وأوصى التقرير بمراجعة شاملة للتشريعات المصرية ذات الصلة بالتعذيب، والالتزام بالمعاهدات الدولية كمرجعية في التعامل مع جرائم التعذيب وحالة الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب، وتفعيل دور النيابة العامة في للكشف عن جرائم التعذيب وتقديم مرتكبيها للعدالة، وتفعيل دور المجلس القومي لحقوق الإنسان في متابعة حالة المحتجزين والتعاون مع الآليات الدولية ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بأوضاع المحتجزين.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...