رابعةُ رابعة.. دم على وجه “المدينة الفاضلة”

عادت عقارب الساعة أربع سنوات للوراء لتنكأ جراح الكهل محمد نجيب، الذي عاش كل تفاصيل الاعتصام الشهير في ميدان “رابعة العدوية” بالقاهرة.

يفتح نجيب أمام سائله “باب الحارة القاهرية” على كل مصراع لتمر منه حكايات الذاكرة عن أيام الاعتصام الذي يصفه بأنه كان “مدينة فاضلة”، قبل أن تقتات “نار الموت” على دماء من كانوا يعتصمون فيه.

وفي رابعةِ رابعة، يستحضر نجيب بانسياب شديد شريط الصور، ففي إحداها تطالعك وجوه أبناء مدينته الإسماعيلية محمد شاويش وياسر مجدي معاذ، اللذين قضيا في فض الأمن المصري للاعتصام في رابعة نهار 14 أغسطس/آب 2013.

وفي صورة أخرى، يتذكر نجيب امرأة قال إنها ظلت منذ التاسعة صباحا ترفع المصحف وتتلو منه آية “من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه” حتى قضت نحبها عند الرابعة عصرا وهي تتلو هذه الآية.

عصف الصور

ويستمر عصف القصص بذاكرة الإسماعيلاوي، فيروي عن امرأة قتلت فانكفأت على وجهها بجانب طفلها الذي ظل يبكي، حتى قام المتواجدون بقلبها على ظهرها ليلقي الطفل عليها نظرة الوداع، لكنهم تفاجأوا بأن أحشاءها قد خرجت من بطنها الذي شقه الرصاص.

ولا ينسى نجيب أن يقص للجزيرة نت عن الأطباء في رابعة، قائلا إنهم “كانوا يخيطون الجروح بالإبرة والفتلة”، ويتذكر كيف اقتحم مستشفى الاعتصام وأحرق، قبل أن يضيف “ولو لم يتم إجلاء الجرحى لكانوا اُحرِقوا داخله أيضا، وقد أحرقوا أرض المسجد وهي من الرخام بالنابالم كما أكد البعض”.

وفي الصورة المقابلة، يتذكر نجيب الجنود والضباط وهم يتنقلون فوق الأسطح لقنص الجرحى أثناء نقلهم للعلاج، ويقسم قائلا “رأيت بأم عيني سائق عربة إسعاف تم قنصه وتعطيل السيارة كي لا تنقل المصابين”.

مدينة فاضلة

ويضيف “رابعة كانت ميدان جهاد كلمة ودفاع عن النفس بالحق، ولم يكن فيها سلاح، فالشباب استخدموا الحجارة دفاعا عن النفس، كثير من الشهداء سقطوا وهم صائمون أيام الستة من شوال، وقد عرضت على أحدهم شربة ماء فأبى قائلا إنه سيفطر بين يدي الله”.

ويقول إن رابعة قدمت قبل فضها صورة للمجتمع الإسلامي الفاضل، الذي يعيش فيه الشباب مع الشيوخ في أجواء قرآنية فيها توقير الكبير والرفق بالصغير.

ويستشهد على ذلك بالتأكيد على أن من كانوا يعتصمون في الميدان تمسكوا بشرعية محمد مرسي كأول رئيس مدني منتخب لمصر وكانوا يقضون ساعات اعتصامهم متنقلين بين دروس بالدين ومحاضرات في علم السياسة و”أجواء تعبد وتلاوة آمنين مطمئنين”.

ذاكرة حية

وكانت قوى “دعم الشرعية ورفض الانقلاب المصري” في تركيا قد أحيت أمس الأحد الذكرى السنوية الرابعة لفض اعتصام ميدان رابعة العدوية بفعاليات جماهيرية وسياسية وإعلامية شهدتها مدينة إسطنبول.

ومن الفعاليات وقفة شعبية جددت دعمها لشرعية الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، ورفضها لانقلاب الجيش الذي قاده الرئيس عبد الفتاح السيسي، في 3 يوليو/تموز 2013 حين كان برتبة وزير الدفاع.

ودعت إلى الوقفة أحزاب الفضيلة والإصلاح والوسط والثورة والبناء والتنمية والحزب الإسلامي، إضافة إلى تجمع رابعة وحركة نساء ضد الانقلاب والجبهة الوطنية المصرية وجماعة الإخوان المسلمين وتحالف دعم الشرعية ورفض الانقلاب.

ورفع المشاركون في الوقفة أعلاما عليها شارة رابعة وأطلقوا هتافات دعت للقصاص من مرتكبي المجزرة والمتورطين فيها.  

وقالت الناشطة المصرية في مجال الشؤون الأسرية والتربوية هالة سمير إن ذكرى رابعة تعيد للأذهان قصص مدينة فاضلة، عمتها القيم الإنسانية النبيلة.  

وذكرت للجزيرة نت أن إحياء الذكرى لا يعني تذكر ما جرى برابعة، لأنه “لن ينسى أحد”، وأكدت أن مشاركتها في فعاليات إحياء الذكرى الرابعة لفض اعتصام رابعة تحمل التأكيد على أن المصالحة مع القتلة غير ممكنة، وأن كافة المصريين ينتظرون القصاص.المصدر : الجزيرة

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...