في ذكراها السادسة.. رابعة لم تكن المذبحة الوحيدة

ست سنوات مضت على ذلك اليوم المشؤوم من تاريخ مصر، حين أمطر الرصاص صدور آلاف المعتصمين المحتجين على الانقلاب العسكري، الذي وأد أول تجربة ديمقراطية حرة تشهدها بلادهم.

ففي يوم الأربعاء 14 أغسطس/آب 2013 كان لميداني رابعة العدوية، شرقي القاهرة والنهضة غربها، النصيب الأكبر من الضحايا، بجانب التركيز الإعلامي والحقوقي، غير أن مصر شهدت في ذلك اليوم وما تلاه أحداثا دامية راح ضحيتها كثير من أفراد الشعب في ميادين ومناطق عدة بمختلف أنحاء البلاد.

وأسفرت عملية فض الاعتصامين عن سقوط 632 قتيلا منهم ثمانية رجال شرطة، حسب المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي)، في الوقت الذي قالت فيه منظمات حقوقية محلية ودولية (غير رسمية) إن أعداد الضحايا تجاوزت ألف قتيل.

وفي هذا التقرير نرصد أبرز المذابح المنسية -إبان عملية الفض وما بعدها- ومنها فض المعتصمين بمسجد الإيمان بمدينة نصر، فضلا عن مذابح ميدان مصطفى محمود بالمهندسين، ونفق نصر الدين بشارع الهرم وأحداث ميدان رمسيس الثانية، وفق روايات رسمية وإعلامية وحقوقية، وشهود عيان للجزيرة نت.

الطريق إلى رابعةفي 23 يونيو/حزيران 2013، بدأ اعتصام أنصار الرئيس الراحل محمد مرسي، في ميداني رابعة العدوية والنهضة دعما للشرعية، في مقابل دعوات الانتخابات الرئاسية المبكرة التي تصاعدت، بعد نحو عام واحد من وصول مرسي للسلطة.   ولم تمر سوى أيام قليلة، حتى أعلن الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي -وزير الدفاع آنذاك- الإطاحة بمرسي، مساء 3 يوليو/تموز 2013، على وقع مظاهرات معارضة لمرسي وفي ظل تأييد من الأزهر والكنيسة وقوى سياسية وشبابية معارضة أخرى.   وبالتوازي مع أعمال القتل والاعتقال بحق أنصار مرسي خلال فترة الاعتصام (أبرزها أحداث بين السرايات والحرس الجمهوري والمنصة)، تصدرت منصتا رابعة والنهضة خطابات الرفض ومنهما خرجت مظاهرات التحدي لمدة بلغت شهرا ونصف الشهر.   وفي السادسة صباح الأربعاء 14 أغسطس/آب 2013، بدأت الشرطة والجيش تنفيذ قرار فض الاعتصامات بالقوة، مخلفة مئات القتلى والمصابين والمعتقلين، فضلا عن المخفيين قسرا.

الإيمان.. قِبلة الشهداءفي نهاية يوم الفض، غادر عدد كبير من المعتصمين صوب مسجد الإيمان القريب من ميدان رابعة، بينما امتلأ المسجد بعشرات الجثث التي نقلت من مقر الاعتصام الرئيس.   وتحول المسجد عقب الفض، من قبلة للصلاة إلى قبلة للشهداء، فمع مرور الوقت لم يعد المسجد يفتح الأبواب سوى لاستقبال ضيف جديد مخضب في الدماء.   صرخات ونحيب ونظرات تترقب في سكون أوراق الهوية والأكفان الممهورة بأسماء الشهداء، ومع امتلائه احتشد المعتصمون مجددا في ساحة الإيمان. وما لبث سكون الليل قليلا حتى حاصرت القوات المسجد بمزاعم وجود مسلحين قبيل اقتحامه.

جمعة الغضب الثانيةبعد يومين من فض الاعتصام أعاد المتظاهرون تنظيم أنفسهم، وخرجوا في مسيرة حاشدة بعد صلاة الجمعة إلى ميدان رمسيس (وسط القاهرة)، فرّقتها قوات الأمن بالقوة المفرطة، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 210 متظاهرين بالميدان ومحيط مسجد الفتح وقسم شرطة الأزبكية، حسب مصلحة الطب الشرعي.   بدأت الأحداث بانطلاق مسيرات تشييع قتلى الفض، من مساجد عدة بالقاهرة، صوب مسجد الفتح بميدان رمسيس، حيث التحمت معها عدة مسيرات أخرى خرجت من مناطق متعددة بمحافظة الجيزة.   وكثفت قوات الأمن آنذاك هجومها على المتظاهرين، وحوصر المئات منهم داخل مسجد الفتح، بينما كانت وسائل الإعلام الموالية للسلطة تبث حملة مسعورة لشيطنتهم.   ثم دخلت قيادات من الجيش في مفاوضات لتوفير خروج آمن للمحاصرين داخل المسجد، وسط دعوات بالزحف إلى مسجد الفتح لإنقاذ المعتصمين بداخله.   وما إن فتحت أبواب المسجد أمام خروج من كانوا بداخله، لم يسمح للجميع بالعودة إلى منازلهم، حيث تم وضع عدد منهم في سيارات الترحيلات ومدرعات الجيش، وتم نقلهم للتحقيق معهم، وتحويل نحو خمسمئة للمحاكمة في تهم ارتكاب عنف وقتل.

ترحيلات أبو زعبلسيارة ترحيلات شرطية، لا تتجاوز ثمانية أمتار، دون منفذ هواء، وضع بداخلها عشرات المعارضين والمؤيدين الذي قبض عليهم عشوائيا، عقب الفض، حيث كانوا في طريقهم إلى سجن أبو زعبل.   ففي يوم 18 أغسطس/آب بعد أربعة أيام من فض رابعة، استيقظ المصريون على جريمة جديدة راح ضحيتها 37 شخصا، بعد أن أطلقت عليهم الشرطة وابلا من القنابل المدمعة (المسيلة للدموع) والغازات السامة التي أودت بحياتهم حرقا أو اختناقا.

نصر الدينفي منطقة نصر الدين بأول شارع الهرم وقرب ميدان النهضة، لملم معتصمون شتاتهم عقب فض الاعتصام، وأقاموا منصة بديلة، وسط إطلاق نار من جانب قوات الجيش وصل إلى حد استخدام طلقات الجرينوف (رشاش بلجيكي).   كانت الساعات دامية، وامتدت حتى الساعات الأولى لليوم التالي لفض الاعتصامات، وراح ضحية تلك الليلة 57 شخصا.   ولم يسعف الكر والفر المعتصمين، من مواجهة بطش الجيش والشرطة، المعززين بمروحيات وقناصة، فضلا عن “المواطنين الشرفاء”، وهو لفظ أطلق على أنصار السلطة الجديدة ممن كانوا يبطشون بمعارضيها تحت حماية الشرطة والجيش.

مصطفى محمودوكما تخندق معتصمون بنصر الدين، توجه آخرون إلى ميدان مصطفى محمود، القريب من ميدان النهضة، في اعتصام لم يدم طويلا.   وشهدت منصة اعتصام مصطفى محمود مقتل 66 شخصا، برصاص الجيش والشرطة، اكتظت بهم المستشفى الميداني، بالإضافة إلى عشرات المصابين.   وعلى مقربة من ميدان مصطفى محمود، تجددت الاشتباكات عصر يوم الفض في شارع البطل أحمد عبد العزيز بالجيزة، وأسفرت عن إصابة العديد من المتظاهرين.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...