“من يأتي بعدنا”.. عبارة مطاطة ماذا تعني في قاموس الانقلاب؟

“سنُسلم مصر بلا ديون لمن يأتي بعدنا!”، دعنا من مقدار كمية الكذب في هذه العبارة التي نطق بها وزير مالية الانقلاب، والتي يبلغ وزنها أحجار الهرم الأكبر خوفو، ففي الوقت الذي تهذي فيه حكومة الانقلاب بتلك العبارة وتدغدغ أحلام المصريين، وصف محللون وخبراء اقتصاديون اعتزام حكومة الانقلاب تعديل قانون ضريبة القيمة المضافة، وصياغة قانون جديد لضريبة الدخل، بالصفعة القوية للمصريين بعدما شارفت على رفع الدعم نهائيا عن الطاقة والوقود.

وبالنظر إلى عبارة “من يأتي بعدنا” التي نطقها الدكتور محمد معيط، وزير المالية في حكومة العسكر، فإنها عبارة مطاطة ومائعة، وبعدنا هذه في معجم العسكر تتخطى مائة عام أو قرونًا، فيما أكد الاقتصاديون أن مثل هذه التعديلات ستعمّق أزمة الفقر الآخذة في الاتساع في حال اكتمالها؛ لأنها ستحمل الطبقات الفقيرة والمتوسطة أعباء ضريبية جديدة.

تحت خط الجوع

وفي يوليو الماضي، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر عن ارتفاع معدلات الفقر إلى 32.5 في المئة من عدد السكان، بنهاية العام المالي 2017/ 2018، مقابل 27.8 في المئة لعام 2015/ 2016.  

وهنا يجب سؤال صاحب عبارة “من يأتي بعدنا”: “من سيسد الديون قبل عامين؟ ومعاليك تقصد الدين الخارجي أم الداخلي أم كل الديون؟ و70% من دخل الدولة قائم على الضرائب فقط، يا ترى من سيدفعهم وما المقابل إن شاء الله؟”.

يقول الخبير مصطفى عبد السلام، الكاتب المتخصص في الشئون الاقتصادية: “بل ستغرقون البلد في مزيد من الديون؛ ليقل لنا الوزير كيف سيسدد أكثر من 100 مليار دولار دينًا خارجيًّا ونحو 6 آلاف مليار جنيه دينًا عامًّا في عامين فقط، وهل سيؤجل خطته لاقتراض المليارات ليجمد الوزير خطة القروض الجديدة وبعدها يحدثنا عن سداد الديون خلال عامين!”.

بينما يقول الناشط مصطفى فتحي: “سداد ديون مصر أولى من البذخ بلا حدود للسياديين الساديين في مدينة العاصمة الصهيونية، وفي رواتب القتلة من جند وقضاة وإعلام زور.. اللهم لا تدع لمن يصدون عن سبيلك ويعادون دينك ويقتلون أولياءك.. لا تدع لهم جندا ولا سلطة ولا قدرة على ظلم”.

حزام الفقر

من جهته، علق المستشار السياسي والاقتصادي الدولي، حسام الشاذلي، بالقول: “بات من الجلي أن حكومة السيسي في مصر هي حكومة تنتهج منهج الجباية كأساس للحكم وكركيزة لخططها الاقتصادية التي تمثل حصيلة الضرائب فيها أكثر من 75% من إيرادات موازنتها العامة”.

وأضاف أن “منهجية النظام المصري تمثل نموذجًا متطرفًا، ليس فقط في قيام منظومتها الإصلاحية على القضاء على الطبقة الفقيرة والمتوسطة، ولكن في غياب أي رابط بين التشريعات الضريبية والخدمات المقدمة للمواطن”، مشيرا إلى أنه “في الوقت الذي تتذيل فيه مصر قوائم العالم في خدمات التعليم والصحة ويتسع حزام الفقر، تتحدث الحكومة عن تشكيل لجان وتعديل تشريعات تمس الضريبة على الدخل”.

واعتبر أن “تلك المنظومة الاقتصادية المسمومة في مصر السيسي، قد باتت تهدد قوت المصريين وحياتهم اليومية، في ظل غياب أي منهجية محترفة لبناء سوق حر، وتحقيق أي تطور في منظومة الزراعة والصناعة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة ومع تركيز النظام علي سياسة القروض طويلة الأمد” لافتا إلى “التلاعب بمؤشرات النمو، ومعدلات القيمة السوقية للعملة عن طريق إلغاء الدعم وتوظيف أموال القروض في شراء الأسلحة وتمويل مشاريع غير ذات أولوية، ولا تخدم تطوير البنية التحتية أو اللوجستية”.

واختتم حديثه بالقول: “إن كل ما سبق يثير علامات استفهام كبيرة علي صعيد التخطيط الاستراتيجي وتوظيف الموارد”، معتبرا أن “هذه التشريعات الضريبية المزمعة ما هي إلا حلقة جديدة في تلك المنظومة الاقتصادية المسمومة في مصر”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...