بين الحقوقي والقضائي.. مسارات دولية لمحاسبة قتلة الرئيس مرسي

قال محمد سودان، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في حزب “الحرية والعدالة”: إنهم في حزب الحرية والعدالة يسيرون على مسارين: “الحقوقي” عبر منظمات حقوق الإنسان الدولية، و”القضائي” عبر مكتب محاماة دولي، مشيرا إلى وجود “اتصالات مع بعض مكاتب المحاماة الدولية لقبول القضية”.

وكشفت جماعة الإخوان عن سعيها الحثيث للكشف عن حقيقة وفاة الرئيس مرسي ومحاسبة من تسببوا في وفاته، وأكد سودان أن الحزب والجماعة يعملان بالتواصل مع منظمات حقوق الإنسان الدولية لرفع تقرير إلى (مجلس حقوق الإنسان) التابع للأمم المتحدة بجنيف، بحيث يتم اتخاذ خطوة فاعلة”، مضيفا أن “الأمور تسير بصعوبة وبطء شديد”.

وأنهم يتجهون أيضا للاستعانة بأحد مكاتب المحاماة الدولية لرفع دعوى ضد الحكومة المصرية بسبب الإهمال الذي أدى للقتل”، موضحا أن “الحديث عن مسألة القتل العمد للرئيس لا يمكن قبولها إلا بوجود تقرير طبي يثبت هذا الكلام”.

ولفت القيادي في حزب “الحرية والعدالة”، في تصريح لعربي 21، إلى أن “النظام لن يمكننا من الحصول على التقرير الطبي للرئيس، كما أنه لم يتم تشريح الجثة، حتى إن تقرير الطب الشرعي لم يتم الإعلان عنه”.

وأوضح سودان أن اغتيال الرئيس مرسي ليس بالقضية الهينة ولا البسيطة وتحتاج إلى مغامرة من مكتب المحاماة، خاصة مع وجود عداء دولي تجاه هذه الخطوات”. وقال: “وكأن هناك مؤامرة أقلها غض الطرف عن قتل الدكتور مرسي من المجتمع الدولي، الذي لا ننسى أنه أيد الانقلاب منذ اللحظة الأولى.”

وألمح سودان إلى صعوبة التواصل مع عائلة الرئيس صاحبة الحق الجنائي الأول بمقاضاة النظام، وأرجع ذلك لحصارهم من قبل النظام، قائلا: “ليس أمامنا سوى إقامة القضية باسم الحزب أو الجماعة أو باسم أي مصري انتخب الرئيس الشرعي محمد مرسي”.

دعوى دراج وحامد

وكشف يحيى حامد وزير الاستثمار الأسبق، ود. عمرو دراج وزير التخطيط والتعاون الدولي الأسبق، في ٢٦ يونيو، في بيان صحفي مشترك، عن مخاطبتهما مكتب المفوض الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة الموجود في سويسرا، “من خلال مكتب محاماة دولي قمنا بتكليفه بهذا الأمر، لطلب إجراء تحقيق دولي نزيه وشفاف حول ملابسات مقتل الرئيس مرسي”.

وأرجعوا ذلك إلى عدم الثقة في التقارير الرسمية المصرية التي تقول بوفاته بأزمة قلبية أثناء جلسة المحاكمة، في ضوء تكاثر الشواهد والتقارير التي تتحدث عن شبهات جنائية. وقال البيان، إن الملابسات التي صاحبت استشهاد الرئيس الدكتور محمد مرسي تؤكد استهداف النظام المصري الممنهج للرئيس والتسبب في مقتله بشكل مباشر، لذا فإنه يجب طرق كل الأبواب التي قد تُسهم في كشف الحقيقة.

وتابع الوزيران- عبر بيانهما المشترك- إلى تأكيدهما أن الهدف ليس سعيا لتدخل جهات خارجية في الشأن المصري، ولكنه شعور بالمسئولية في وجوب طلب العدالة للرئيس الشهيد الذي عملنا معه عن قرب، وإيمان منا بأن الرئيس مرسي أصبح باستشهاده رمزا دوليا للثبات على المبدأ والتضحية في سبيل حرية شعبه وكرامته، وهو بهذا يستحق كل تكريم دولي ويستحق بذل كل الجهود لكشف حقيقة استشهاده.

جهود خارجية

وكشف سودان، في تصريحاته الصحفية، عن أن الإخوان والحزب قاما بخطوة سابقة عند الاتفاق مع لجنة بالبرلمان البريطاني قبل عام لزيارة الرئيس الشهيد مرسي بزعامة رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس العموم البريطاني كريستين بلانت، وبعض رجال القانون والأطباء الكبار ببريطانيا، والذين قدموا طلبا رسميا للقاهرة لزيارة الرئيس دون رد من النظام. معتبرا أن اللجنة البريطانية وتقريرها الشهير شهادة تؤكد تعمد النظام إخفاء وضع الرئيس مرسي بمعتقله، وهو ما يدعم ملف الإهمال بحقه.

وفي أبريل 2018، استوفت السفارة المصرية بلندن مهلتها (10 أيام) وأكثر من الوقت الذي طلبته بعد التقرير الذي أعدته اللجنة البريطانية البرلمانية، وتضم عددًا من كبار النواب وقادة الأحزاب السياسية ومحامين وحقوقيين من الحكومة المصرية، في 6 مارس 2018، حيث طالبت بالسماح لها بزيارة الرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا بالبلاد، في محبسه قبل استشهاده لتقييم ظروف احتجازه.

وذكر “كريسبن بلنت”، عضو مجلس العموم البريطاني وعضو اللجنة التي تشكلت لزيارة مرسي في محبسه، أنه لم يحصل على رد رسمي من السلطات المصرية حول طلبه. وتعليقا على ذلك، قال المحامي محمد الدماطي، رحمه الله، عضو فريق الدفاع عن مرسي: “إن الرفض المصري يعزز المخاوف المثارة بشأن صحة الرئيس مرسي، وتساءل عن سبب الرفض طالما لا يُخشى ظهور مخالفات للعهود والمواثيق الدولية في حال تمت الزيارة.

خلاصة التقرير

خلصت اللجنة إلى أن الدكتور محمد مرسي يتم احتجازه في ظروف لا تفي بالمعايير الدولية المعروفة باسم “قواعد مانديلا”. وترى اللجنة أن الدكتور مرسي، الذي يعاني من مشاكل صحية مزمنة مثل أمراض السكر، والكبد، والكلى، لا يحصل على الرعاية الطبية الكافية المطلوبة. وأن هذا يمكن أن يؤدي إلى وفاته المبكرة.

وسلطت اللجنة الضوء على أن الدكتور مرسي محتجز في الحبس الانفرادي لمدة 23 ساعة في اليوم، مع ساعة واحدة لممارسة التمارين الرياضية بمفرده. ووفقاً للمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من أنواع المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، فإنه في مثل هذه الحالات يمكن تصنيف الحبس الانفرادي على أنه “تعذيب”.

وخلص التقرير أيضا إلى أنه نظرا لأن الدكتور مرسي ليس سجينا عاديا، فإن ظروف احتجازه يجب أن تكون محل اهتمام المسئولين في مصر، وبالتالي فإن تسلسل القيادة المصرية بأكملها، وصولاً إلى الرئيس الحالي، تتحمل المسئولية عن ذلك. وأن ظروف احتجازه تلك تدخل في إطار ما يمكن اعتباره أحد أنواع التعذيب، وذلك وفقا للقانون المصري والقانون الدولي . وكما هو معلوم، فإن التعذيب يُعد جريمة دولية يمكن نظرها قضائياً في العديد من الدول، بموجب مبادئ الولاية القضائية العالمية.

وبحسب النتائج التي توصلت إليها اللجنة، فإنها رجحت أن البيانات التي قدمها مرسي صحيحة، لتطابقها مع النتائج التي تم التوصل إليها بخصوص معاملة السجناء في مصر عموما، والسجناء السياسيين على وجه الخصوص؛ وكذا النتائج التي توصل إليها د. بول وليامز، بشأن عدم تلقي مرسي الرعاية الطبية الكافية، ومعاناته من القصور في العلاج والمتابعة إزاء مرض السكري، ومرض الكبد، اللذين كان يعاني منهما.

واستنادا إلى التقارير الطبية، بينت اللجنة المستقلة احتمالية أن تؤدي نتيجة هذه الرعاية غير المناسبة إلى تدهور سريع لظروف مرسي الصحية على المدى الطويل، وهو ما قد يؤدي إلى الموت المبكر له، مشيرة إلى أن ظروف احتجازه كانت دون المستوى المتوقع للمعايير الدولية للسجناء، وقد تدخل في إطار أنواع التعذيب، نظراً لما تشكله من معاملة قاسية ولاإنسانية ومهينة.

وكان من بين أعضاء اللجنة: “اللورد إدوارد فولكس”، وزير الدولة السابق للعدل، والدكتور “بول وليامز” عضو لجنة الصحة والرعاية الاجتماعية، والنائب بمجلس العموم البريطاني. وشارك الدكتور “تيم مولوني”، و”سام جيكوبس” كمستشارين للفريق من “دوتي ستريت تشامبرز”، وهي تضم كبار المحامين المتخصصين الذين يقدمون الاستشارات القانونية ويمثلون موكليهم في المحاكم والهيئات القضائية في جميع أنحاء العالم، وشارك طيب علي من مكتب محاماة “آي تي إن” كسكرتير قانوني للفريق.

جهود للملاحقة الدولية

ومنذ ارتكاب سلطات الانقلاب مجزرة فض رابعة العدوية والنهضة، يسعى معارضو الانقلاب العسكري إلى تقديم دعاوى أمام المحاكم الدولية لملاحقة السيسي ومحاكمته، حيث قامت منظمتان حقوقيتان بتقديم دعاوى بالمحكمة الجنائية الدولية، إلا أنها قوبلت بالرفض، بسبب عدم توقيع مصر على طلب العضوية بالمحكمة.

ومن ناحية أخرى، كشفت شبكة “ميدل إيست مونيتور” عن أن المحكمة العليا البريطانية قد وافقت، في نوفمبر 2015، على إمكانية الملاحقة القضائية لأعضاء الحكومة المصرية بالمملكة المتحدة، مشيرةً إلى أن هذه الخطوة تجعل احتمالات مقاضاة مسئولي الحكومة أمرًا واردً جدًّا في بريطانيا حتى مع استمرارهم في مناصبهم، لافتةً إلى البيان الذي أصدرته شركة محاماة “ITN Solicitors” التي يقع مقرها في لندن.

وأوضحت الشبكة البريطانية المتخصصة في رصد شئون الشرق الأوسط، أن القرار يؤكد إمكانية التحقيق مع أعضاء الحكومة المصرية في جرائم دولية، تتضمن التعذيب حتى وإن كانوا مستمرين في مناصبهم.

وأشار البيان إلى موافقة النيابة العامة البريطانية على إمكانية محاكمة أعضاء الحكومة المصرية خلال جلسة مراجعة بالمحكمة العليا بلندن بموجب دعوى رفعتها شركة المحاماة المذكورة ممثلة عن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين.

وكان الفريق القانوني في 28 فبراير 2014، قد قدم ملفًّا إلى “وحدة جرائم الحرب” بشرطة متروبوليتان، ووافقت الشرطة على مقابلة المحامين الممثلين لحزب “الحرية والعدالة”، وفتح تحقيق في الادعاءات التي تضمنها الملف، والتي قد تورط أعضاء في حكومة ما بعد “انقلاب 2013″، وأعضاء بالمؤسسات العسكرية والأمنية في اتهامات تتعلق بجرائم ضد الإنسانية، تشمل التعذيب، والضلوع في قتل آلاف المتظاهرين غير المسلحين في ميدان رابعة بحسب بيان الفريق القانوني.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...