في أرض الفراعنة.. لا ينتهي كابوس المعتقلين بمجرد مغادرتهم أسوار السجون

هاجم حقوقيون ومحامون مصريون تحول المراقبة بعد الإفراج عن المعتقلين السياسيين، إلى شكل جديد من أشكال العقوبة والمهانة بهدف إذلالهم، وتقييد حركتهم، ويواجه آلاف المعتقلين في مصر بعد الإفراج عنهم عقوبة المراقبة التي تقضي بأن يسلم المفرج عنه نفسه لقسم الشرطة من 6 مساء حتى 6 صباح اليوم التالي، ويمكث في زنزانة صغيرة جدا مثل “الكشك”، وهو أشبه بالحبس الاختياري، تتراوح مدته حسب مدة عقوبة السجن.

وأدانت منظمة العفو الدولية الطريقة التي حوّل بها جنرال إسرائيل السفيه السيسي، الأحكام الصادرة عن المحكمة إلى عقوبة جديدة في حق المعتقلين، وقد أكّد بعض المعارضين الذين أمضوا حوالي خمس سنوات من الحرية تحت المراقبة التزامهم الصمت خوفا من الأعمال الانتقامية التي يمكن أن يتعرضوا لها، وعند غروب الشمس، يتّجه المعتقلون السابقون إلى مراكز الشرطة المخصصة لقضاء الليل هناك.

نص يوم!

وتجبر سلطات الانقلاب الضحايا على تمضية حوالي 12 ساعة في مراكز الشرطة بشكل يومي، وغالبا ما تكون في غرف مكتظّة ذات تهوية سيئة ولا تتوفر فيها المرافق الصحية، حيث يضطر هؤلاء الضحايا في بعض الأحيان إلى أخذ بساط معهم من المنزل حتى يتجنبوا قضاء ليلة كاملة على البلاط، ولم تقدم سلطات الانقلاب أسبابًا واضحة حول إمكانية تغيير إجراء الذهاب إلى مركز الشرطة بخيار الإقامة الجبرية.

خلال الليل، يرفض زبانية الشرطة السماح بالزيارات واستخدام الهواتف والحواسيب المحمولة، وتعليقا على هذا الموضوع، قالت ماجدالينا مُغربي إن “استخدام تدابير المراقبة الصارمة ينتهك حقوق هؤلاء الضحايا في التنقل بحرية والتواصل مع الآخرين طوال الليل، يجب أن تتوقف هذه الممارسات على الفور”.

وتدافع سلطات الانقلاب عن عقوبة “المراقبة” وتصفها بأنها “غير سالبة للحريات”، وأنها نوع من التدابير الاحترازية بهدف التأكد من أن المراقب لا يرتكب أي مخالفات جديدة، كما أنها رقابة على انضباط المراقب وحسن سيره وسلوكه.

ووفقا للقانون رقم 99 لسنة 1945 الخاص بالوضع تحت مراقبة البوليس يلتزم الشخص المُراقَب بالتواجد يوميا داخل محل المراقبة “قسم الشرطة”، في أغلب الأحوال من السادسة مساء وحتى السادسة صباحا لمدة لا تتجاوز الخمس سنوات حسب العقوبة المقررة له.

ويطالب مسئول الدعوة والمناصرة بالجبهة المصرية لحقوق الإنسان، كريم طه، بوقف عقوبة المراقبة، قائلا: “يجب على النظام المصري وقف استخدام عقوبة المراقبة الشرطية والتدابير الاحترازية بالإفراج غير المشروط عن الخاضعين لها؛ كون هذه الإجراءات تُقيد حريات من تطبق عليهم، وهو ما يمكن اعتباره امتدادا لسياسات السلطات المصرية الممنهجة لتطويق حرية الرأي والتعبير، كما تعرب المنظمات عن كامل تضامنها مع الخاضعين لتلك العقوبات والإجراءات التعسفية”.

ويضيف أن ذلك “يأتي بالتزامن مع توسع القضاء المصري في استبدال الحبس الاحتياطي لنشطاء وصحفيين وحقوقيين بالتدابير الاحترازية، بعد توجيه اتهامات فضفاضة لهم”، مشيرا إلى أنه منذ انقلاب يوليو 2013 توسعت المحاكم في اعتبار الفعل السياسي كالتظاهر والانتماء لتيارات سياسية فعلا مجرما، الأمر الذي سمح لها بالتوسع في استخدام عقوبة المراقبة الشرطية كعقوبة تكميلية”.

الانتقام والتشفي

من جانبه، وصف المحامي والناشط الحقوقي عمرو عبد الهادي، عقوبة المراقبة “بغير القانونية”، وأن الهدف منها “الانتقام والتشفي في المعارضين بعد انتهاء فترة عقوبتهم في السجون”، قائلا: “عقوبة المراقبة هو انتقام وذل ومهانة أكثر من السجن نفسه”.

وبالإضافة إلى نظام المراقبة، رفض معتقلون مصريون إخلاء سبيلهم، خوفا من المصير المتوقع الذي ينتظرهم من إخفاء قسري أو تدويرهم في قضايا جديدة أو تصفيتهم جسديا، ليعكس صعوبة الوضع حتى خارج السجن، ليتحول إخلاء السبيل من أمنية أي سجين، إلى رمز للهلع والخوف مما ينتظر المفرج عنه من وضع اسوأ مما كان عليه.

وخلال الأسبوع الماضي طلب المعتقل أحمد عبد الستار عماشة وآخرون من الذين قررت المحكمة الإفراج عنهم على ذمة القضية 316 من القاضي، حمايتهم من أي مصير مجهول، أو إلغاء إخلاء سبيلهم، تخوفا من أي تعامل آخر كما حدث مع آخرين قبلهم.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...