شاهد.. كيف حول السيسي الحلم الإسرائيلي من التطبيع إلى الشراكة؟

“لقد جرب العرب قيادة مصر للمنطقة مدة نصف قرن فليجربوا إذن قيادة إسرائيل”، كان هذا حديث رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني الأسبق شمعون بيريز تعليقا على كتابه الصادر عام 1996 بعنوان “الشرق الأوسط الجديد”، والذي تنبأ فيه باتحاد التفوق الصهيوني مع أموال النفط العربية من أجل تحقيق الازدهار.

كان هذا الحديث المجرم عربيا في حينه جزءا من دعاية الحلم الصهيوني بإنهاء عصر التعامل مع الاحتلال كجسم غريب يلفظه العرب وبما يعوق قيامه بدوره الوظيفي كقاعدة للمصالح الغربية في المنطقة.

حلم كانت خطواته تتجسد على أرض الواقع منذ إبرام اتفاقية السلام المزعوم مع الاحتلال، فكان التطبيع طريقة الأنظمة العميلة في رأي الشارع العربي لشرعنة الاحتلال على الأرض الفلسطينية العربية.

واليوم وبعد 40 سنة من توقيع هذه الاتفاقية الخطوة الأولى في تحقيق الحلم يحتفي الكيان الصهيوني بتحول نهج التطبيع إلى نهج الشراكة ويؤكد وزير البترول المصري طارق الملا أن مشروع تصدير الغاز هو ثمرة توقيع هذه الاتفاقية.

ثمة حاجة إذن إلى إعادة توصيف المشهد أو بالأحرى تصحيح المفاهيم للسيد الوزير وللإعلام المصري الرسمي، فمصر لن تستورد الغاز الإسرائيلي إنما في الحقيقة ستستورد الغاز الفلسطيني اللبناني المصري المنهوب على يد الاحتلال الصهيوني، ومصر لم تسجل هدفا في تركيا كما عبر السيسي عن اتفاق الغاز العام الماضي، لكنها قدمت خدمة خاصة جدا للكيان الصهيوني في سبيل تحقيق ازدهاره عبر نقل الغاز المغصوب وإسالته ومن ثم تصديره إلى أوروبا لصالح الكيان الصهيوني.

وهذا كله يأتي والمصريون أنفسهم لا يزالون يرزحون تحت وطأة إجراءات التقشف في برنامج الإصلاح الاقتصادي المسمى عبر إصرار هذا النظام على إنهاء عصر الدعم على المحروقات.

قناة مكمين ناقشت عبر برنامج “قصة اليوم”، قصة الحلم الإسرائيلي من التطبيع إلى الشراكة، وكيف انقلب السيسي على الثوابت المصرية في التعامل مع الاحتلال؟ ومن المستفيد من عقود الغاز المبرمة بين مصر والاحتلال الصهيوني؟

وقال الدكتور نهاد إسماعيل، الخبير الاقتصادي: إن استيراد مصر الغاز من الكيان الصهيوني ليس له جدوى اقتصادية، ولكن له أبعاد سياسية؛ لأن مصر لديها احتياطي ضخم جدا من الغاز الطبيعي، فلماذا تصر على استيراده من الكيان الصهيوني؟

وأضاف “إسماعيل” أن مسئولي الانقلاب يزعمون أن الصفقة ستحول مصر إلى مركز دولي لإعادة توزيع الغاز وتقطير المواد النفطية وإعادة تصديرها، متسائلا: هل الهدف من الاتفاقية إرضاء واشنطن عبر بوابة الاحتلال الإسرائيلي؟

وأوضح إسماعيل أن توقيع اتفاقية لاستيراد الغاز من الكيان الصهيوني لمدة 15 عاما يرهن السوق المصري لاستيراد كميات هائلة من الغاز الإسرائيلي، لافتا إلى أن منطقة شرق البحر المتوسط باتت منطقة صراع على الغاز من قبل دول عديدة مثل مصر وإسرائيل ولبنان وتركيا واليونان وقبرص اليونانية.  

بدوره قال الباحث السياسي محمد الجبة: إن الصراع على الغاز في منطقة البحر المتوسط يعود إلى عام 2002 عندما أجرت قبرص عملية ترسيم الحدود مع مصر واليونان وتركيا، وعند إجراء ترسيم الحدود عام 2015 بين نظام السيسي وقبرص اليونانية تنازلت عن بعض النقاط لصالح الكيان الصهيوني فأصبح يرتع في أكبر حقول الغاز في البحر المتوسط.

وأضاف أن الغريب أن أقرب نقطة بين قبرص اليونانية واليونان تبعد 294 كيلومترا وأقرب نقطة بين بلطيم المصرية وتركيا 274 كيلومترا، لافتا إلى أن اتفاق ترسيم الحدود كان الهدف منه حرمان تركيا من حقها في غاز المتوسط لصالح الكيان الصهيوني، وهذا ما فطنت له تركيا وأرسلت سفينة للتنقيب عن الغاز في البحر المتوسط بصفتها دولة ضامنة لحق الشعب التركي في قبرص.

من جانبه قال الدكتور محمد الأسواني، المحلل السياسي: إن عبدالفتاح السيسي منذ استيلائه على السلطة يخطط لتمكين وشرعنة ما استولت عليه دولة الاحتلال من حقول مصرية للغاز في البحر المتوسط.

وأضاف الأسواني أن هذه الاتفاقيات المشبوهة التي بدأت عام 2005 في عهد المخلوع مبارك خارج نطاق الشرعية ولم تخضع لرقابة الشعب أو البرلمان، وسبق للسفير المرحوم إبراهيم يسري إقامة أكثر من دعوى لإبطال هذه الاتفاقيات؛ لأنها تضيع حقوق مصر في غاز البحر المتوسط وقضت المحكمة الإدارية بعدم شرعية هذه الاتفاقيات.

وأوضح الأسواني أن الاحتلال بدأ في التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط قبل ترسيم الحدود أصلا، وجاء ترسيم الحدود ليشرعن استيلاءه على الغاز، مضيفا أن الاحتلال بدأ الاستيلاء على الغاز من الحقول المصرية في البحر المتوسط منذ عقد من الزمن، وسط تعتيم كامل من نظام المخلوع مبارك.

وأشار إلى أنه بعد قيام الثورة وتولي الرئيس الشهيد محمد مرسي السلطة بدأ مراجعة هذه الاتفاقيات فانقلب عليه السيسي خوفا على مصالح الجنرالات.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...