بعد وعد بلفور وسايكس بيكو.. ترامب يفضح صهاينة العرب بـ”صفقة القرن”

“صفقة القرن”.. إن شئت الاختصار فهي النتيجة المحقَّقة والمؤكدة لصفقات القرن الماضي، من وعد بلفور للحركة الصهيونية بقيادة هرتزل بتسليمها فلسطين أرضًا بلا أصحابها لتُقيم فوقها وعلى حساب أهلها كيانًا صهيونيًّا في فلسطين، لتكون أرض الميعاد، وليخرج الفلسطينيون إلى حيث ألقت رحلها أُم قشعم!.

ومن وعد بلفور إلى معاهدة سايكس بيكو التي قضت بأن يتقاسم المنتصران في الحرب العالمية الأولى، بريطانيا وفرنسا، بلاد المشرق العربي، فيكون “لبنان” من نصيب الاستعمار الفرنسي، وسوريا من نصيب البريطانيين، التي اقتطع منها الضفة الشرقية لنهر الأردن لتكون إمارة للشريف عبد الله ابن الشريف حسين، قائد ما يسمى الثورة العربية الكبرى، تمهيدا لما يدبر لفلسطين.

ومنذ أكثر من عامين أو ثلاث سنوات سَرَبت الإدارة الأمريكية كلاما عن شيء أسمَوه “صفقة القرن”، ولكن بدون تسريب أى ملامح لهذه الصفقة، وقيل إنها ستحل القضية الفلسطينية ومشاكل الشرق الأوسط، وأنها ستشمل كل بلدان المنطقة وسيعم الرخاء على الجميع.

ومع مرور الوقت أخذت التساؤلات عن هذه “الصفقة” تتزايد بشكل مضطرد، وأطلق العنان لكل التخيلات الممكنة وغير الممكنة لإثارة الشغف لدى الشعوب العربية وبالأخص الشعب الفلسطيني.

تماما كما يفعل التاجر اليهودي لتسويق سلعة سوف يطرحها في الأسواق من خلال خلق حالة من الترقب والانتظار لدى المستهلك، مما يدفع المستهلكين للمزاحمة لاقتناء هذه السلعة لحظة طرحها فى الأسواق، حتى إن لم يكن هناك حاجة حقيقة لاقتنائها.

من بلفور إلى ترامب

وأخيرا وبعد طول انتظار وفى يونيو الماضي، رُفع الستار عن الصفقة وظهرت ملامح شيء لا يمكن وصفه بالصفقة بل بالخديعة والتنازل والاستسلام، وأمس الثلاثاء قال جيسون غرينبلات مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط: إن الرئيس دونالد ترامب “يأمل في اتخاذ قرار قريبا بشأن متى سيكشف النقاب عن خطة للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين”، في إشارة إلى ما يعرف إعلاميا بـ”صفقة القرن”.

وخلال كلمة له في مجلس الأمن، قال غرينبلات: “الرئيس ترامب لم يقرر بعد متى سيكشف عن الجزء السياسي من الخطة، ونأمل أن يتخذ هذا القرار قريبا”، مضيفا: “لا يمكن حل الصراع على أساس التوافق الدولي أو القانون الدولي غير الحاسم وقرارات الأمم المتحدة”، وفق تعبيره.

ودعا المسئول الأمريكي مجلس الأمن الدولي إلى “تشجيع الفلسطينيين وإسرائيل على العودة إلى طاولة المفاوضات”، كما دعا الفلسطينيين “إلى التخلي عن الرفض القاطع لخطة لم يطلعوا عليها، وإبداء الاستعداد لمحادثات مع إسرائيل”.

صهيونية متوحشة

هناك مَثَلٌ يُؤمن به الغربيون عموما والأمريكيون خصوصا يقول “لا يوجد شىء لا يستطيع المال أن يشتريه”، كل شىء يمكن أن يُشترى أيا كان: “كرامة، إخلاص، شرف، أمانة، عرض، وطن وبشر” بما فى ذلك شراء من يقتل ويسلب ويسرق ويغتصب.

هذا المثل هو الأساس والمبرر الفلسفي للصهيونية المتوحشة التى تُدير العالم اليوم، وعلى ما يبدو أن هذا المنطق هو المسيطر على أمخاخ من تخيلوا ووضعوا صفقة القرن، فهى ليست بصفقة سياسية أو اقتصادية ولا حتى بصفقة لإظهار نوايا حسنة أو حتى لحفظ ماء الوجوه، فهى لا ترتقى حتى إلى مرتبة الصفقة، ناهيك عن أن تكون صفقة القرن.

قضية فلسطين هي تاريخ طويل من الفرص الضائعة، لكن “ورشة المنامة” لم تكن بينها لأنها ببساطة ليست فرصة حقيقية على الإطلاق إلا لليهود فقط، تلك “الورشة” التي سبقتها حملة علاقات عامة ضخمة للترويج لها تحت عنوان كاسح ماسح هو “صفقة القرن”.

كان يمكن لوم الفلسطينيين لو أن الورشة جاملتهم بقليل من الحديث عن حقوقهم، واعترفت لهم ولو بجزء من مظلوميتهم التاريخية والمتواصلة، وأقرت بأن أرضهم محتلة، ولقال المراقبون إنهم للمرة العاشرة يفرطون بفرصة أخرى لاستعادة ما يمكن استعادته.

ولكنّ المنظمين الصهاينة لم يفعلوا ذلك أبدا، بل إن عرّاب الصفقة جاريد كوشينر، الشاب الوسيم الأنيق صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزوج ابنته الجميلة إيفانكا، أعلن منذ البداية عن أن هذه “الورشة” لن تتحدث عن السياسة وإنما هي عن الاقتصاد، وأنها تهدف إلى جمع استثمارات تقدر بمبلغ 50 بليون دولار يتم إنفاقها على مدى عشر سنوات لإنشاء مشاريع بنية تحتية لصالح الفلسطينيين من أجل أن يكفّوا عن إزعاج أمن المحتلين الصهاينة.

يبرز اسم جاريد كوشنر اليوم قبل أيام من طرح “صفقة القرن” والإعلان عنها، تحضيرا لإنهاء القضية الفلسطينية وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، مقابل أموال واستثمارات تقدمها الدول المانحة للدول التي ستقبل بتوطين الفلسطينيين على أرضها، وتلك الدولة هي مصر التي يحكمها الصهيوني السيسي.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...