احتكار بالعافية.. 7 تحفظات على قرار حكومي جديد يمنح مزايا لمَعارض الجيش

القرار الذي أصدره رئيس حكومة الانقلاب مصطفى مدبولي، بإلزام المحافظين والمسؤولين عن أسواق الجملة بمختلف المحافظات، بتخصيص أماكن لمعارض القوات المسلحة لبيع منتجاتها الغذائية، وتخصيص الثلاجات العمومية التابعة للمحافظات والقطاع الخاص لحفظ منتجات الجيش. يكرس هيمنة المؤسسة العسكرية على مفاصل الاقتصاد المصري بدعوى توفير السلع  وضبط الأسعار؛ رغم أن أسعار هذه المعارض هي نفسها أسعار السلع في القطاع الخاص ، رغم  ما تتمتع به المؤسسة العسكرية من امتيازات لا تتوافر للقطاع الخاص؛ ما يتوجب معه أن تكون أسعارها أقل من أسعار الآخرين، لكن ذلك لا يحدث؛ لأسباب تتعلق بتحول المؤسسة العسكرية إلى مؤسسة ربحية تتعامل بمنطق رجال الأعمال والصفقات والبيزنس.

كثير من الخبراء والمتخصصين اعتبروا القرار  تكريسا لاحتكار الجيش لسوق الغذاء في  مصر؛ لا سيما وأن مدبولي عقد الخميس الماضي لقاء خاصا بمشاركة وزير التموين والتجارة الداخلية ووزير التنمية المحلية وعبدالعزيز قنصوة، محافظ الإسكندرية، واللواء حمدي عثمان، محافظ الإسماعيلية، واللواء أحمد راشد، محافظ الجيزة، واللواء خالد عبد العال، محافظ القاهرة، واللواء محمد عبد الحي، رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للزراعات المحمية، التابعة للجهاز؛ من أجل تحقيق أعلى الامتيازات لمعارض الجيش على حساب الآخرين.

وعلى المستوى الاقتصادي، لم تحدث بمصر طفرة بعد سيطرة الجيش على القطاع الاقتصادي الذي شمل الإعلام والرياضة والعقارات ومواد البناء، والأغذية واللحوم والأسماك، والنقل، وحتى الطرق السريعة التي تعد الأبرز بين هذه المشروعات التي تم فرض رسوم على المواطنين للمرور عليها، كما أن الحساب الختامي لموازنة الدولة لعام 2017/2018 التي وافق عليها مجلس نواب العسكر مؤخرا، لم يكن بها أي بند عن الضرائب المحصلة من المشروعات العملاقة التي يسيطر عليها الجيش”.

لهذه الأسباب، استبعد خبراء ومختصون أن يكون الهدف هو  خدمة المواطن، مؤكدين أن أسعار المنتجات التي يتم بيعها في معارض جهاز المشروعات والخدمات الوطنية التابعة للجيش، مثل غيرها بباقي المعارض التابعة للقطاع الخاص، أو التابعة لوزارة التموين. رغم ان منتجات الجيش تتوافر لها امتيازات كبيرة لا تتوافر لغيرها ؛ حيث يتم إعفاؤها من الضرائب والجمارك، ولديهم عمالة مجانية من المجندين، وهو ما يجعلها خارج المنافسة، ويمنحها فرصة احتكار السوق المصري دون منافس. أضف إلى ذلك أن مكاسب الجيش لا تضاف للخزانة العامة للدولة بينا تذهب إلى دهاليز أخرى لا يعلم أحد عنها شيئا.

وثمة “7” ملاحظات على هذا القرار:

أولا، القرار ظاهره الرحمة وباطنه العذاب. ويحمل العديد من المعاناة الجديدة للمصريين”، وكان أولى برئيس حكومة الانقلاب دعم المؤسسات الحكومية مثل المجمعات الاستهلاكية، ومراكز بيع منتجات وزارة الزراعة، وليس إخلاء الساحة لمنتجات الجيش فقط.

ثانيا، جهاز المشروعات والخدمات العامة التابع للجيش، هو المستورد الرئيسي للحوم الحية والمجمدة، وهو الذي يقوم ببيعها بالأمر المباشر للمؤسسات الحكومية مثل المستشفيات والمدن الجامعية والسجون، ومن ثم فإن الجيش لا يريد أن يشاركه أحد في مكاسبه، “ولذلك أراد أن تكون له منافذه الخاصة، ليكون هو صاحب المكسب الوحيد.

ثالثا، المفترض أن القوات المسلحة من مؤسسات الدولة، وعليها واجب وطني لدعم المواطنين وقت الأزمات، ولكن ما يحدث هو تسخير الدولة لإمكانياتها ومواطنيها لصالح القوات المسلحة، التي أصبحت أكبر مستثمر عقاري بمصر، وأصبحت المنتج الأكبر للأسماك والمواد الغذائية، ولديها مصانع للحديد والأسمنت، وتحولت من مؤسسة داعمة للدولة، لمؤسسة مسيطرة ومحتكرة للدولة”.

رابعا، حتى اليوم لم يستفد المواطنون من احتكار الجيش للاقتصاد كله، وبسبب احتكار الجيش لسوق العقارات، ارتفعت أسعار الشقق لأكثر من خمسة أضعاف عما كانت عليه قبل الانقلاب العسكري في 2013، وتجاوز سعر الوحدة السكنية المدعومة من الدولة إلى 750 ألف جنيه (46 ألف دولار)، ما قفز بسعر الوحدات السكنية الأخرى لضعف هذا الرقم.

خامسا، يفسر البعض هذا القرار بأنه محاولة لتجنب الخسارة كما حدث في شحنة الدواجن المجمدة التي استوردها الجيش قبل ثلاث سنوات وظلت بالمخازن حتى فسدت وبيعت على الأرصفة وتسببت في فضيحة مدوية للمؤسسة العسكرية ولذلك تسعى المؤسسة العسكرية لتجنب  مثل هذا السيناريو بإرغام الحكومة على مثل هذه القرارات لخدمة بيزنس الجيش.

سادسا، يكشف قرار مدبولي أن هناك أزمة في ترويج منتجات الجيش، رغم كثرة المنافذ الموجودة بالمحافظات، حيث لا تقل أسعار بيع منتجاته، عن الأسعار الموجودة بالأسواق لنوعية المنتجات وجودتها نفسها، فالجيش مثلا لم يقدم اللحوم البلدي أو الطازجة، وإنما يقدم اللحوم المجمدة المستوردة من إثيوبيا والسودان والبرازيل، والنوعيات الموجودة من الأصناف الرديئة وليست المميزة”.

سابعا، القرار يترجم كذلك “شراهة الجيش الاقتصادية، وكيف يستخدم الظروف الاقتصادية للمواطنين في تحقيق مكاسب سريعة وهائلة، لا تحقق استفادة حقيقية للاقتصاد القومي، وإنما تأتي بنتائج سلبية على كل العاملين بالمنتجات الغذائية وغيرها من القطاعات التي يتنافس فيها الجيش”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...