بعد فشل السيسي.. “بروفة الجيش الإلكتروني” مسار إجباري لتوجيه ضربة عسكرية لـ”سد النهضة”

منذ أن وقَّع عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي السابق هيلا مريام ديسالين، والرئيس المتنحي عمر البشير، بالخرطوم فى 23 مارس 2015، وثيقة إعلان “مبادئ سد النهضة”، والكوارث تتوالى على مصر من خفض حصص مياه الرى ورفع أسعارها للمصريين والنقص الحاد للمنتجات الاستراتيجية، وهو ما دفع مخابرات العسكر لبث مقاطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي لسيناريو تخيُّلي لعملية ضرب سدّ النهضة الإثيوبي لعدم استكماله، في حال عدم استجابة إثيوبيا للملاحظات المصرية المتعلقة بالمخاوف من اكتمال بناء السد، وتأثيراته السلبية على حصة مصر من مياه النيل المقدرة بنحو 55.5 مليار متر مكعب سنويًّا.

تضمّن مقطع الفيديو، والذي تداولته حسابات واسعة الانتشار مثل “الجيش الإلكتروني”، رسالة تشمل تصورًا عسكريًّا لاستهداف سدّ النهضة من جانب سلاح الجو المصري، بعد انتهاء إثيوبيا من عمليات البناء المقررة نهاية عام 2020، عبر استخدام تشكيلات مقاتلة مثل طائرات “إف 16″، و”رافال” الفرنسية، التي حصلت عليها القوات المسلحة المصرية أخيرًا في صفقات باهظة الثمن.

الجيش الإلكتروني

وقبل المقطع، نشرت وسائل إعلامية مقربة من العسكر عن اختراق قراصنة مصريين، موقع سد النهضة الإثيوبي، وكتبوا على الصفحة الرئيسية: “الجيش المصري الإلكتروني”.

ووضع القراصنة فوق صورة نسر عبارة: “لن نترككم تمنعون عنّا المياه ننتظر اللحظة المناسبة وحنطربقلكم سد النهضة على دماغكوا”.

ويوم الأربعاء الماضي، اجتمعت اللجنة العليا للمياه برئاسة رئيس حكومة الانقلاب، مصطفى مدبولي، وعدد من الوزراء، وممثلين عن جهاز الاستخبارات العامة ووزارة الخارجية، بعد الخطوة الأوغندية المفاجئة، في وقت سلّم فيه رئيس الاستخبارات العامة، اللواء عباس كامل، رسالة من السيسي إلى نظيره في دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت خلال زيارة مفاجئة إلى جوبا.

فى حين حدد الفيديو، الذي أعدّ بشكل فني احترافي يتجاوز أمثاله من المقاطع التي يعدها هواة، مجموعة من الخطوات العسكرية لضرب السدّ، وذلك عبر طريق مباشر تتخذه المقاتلات المصرية فوق السودان، بعد استخدام أجهزة تشويش متطورة لمنع الرادارات من التقاطها.

وتعليقًا على ذلك، قال خبير في الشأن الإفريقي بمركز “الأهرام” للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنّ استخدام مصر الخيار العسكري في الوقت الراهن بات صعبًا، خصوصًا أنّ أديس أبابا أوشكت على الانتهاء من بناء السدّ.

واستدرك الخبير المصري الذي فضّل عدم ذكر اسمه بالقول: “على الرغم من ذلك، فتلك الأساليب الخاصة بتسريب رسائل معينة عبر مسئولين سابقين أو خبراء مقربين من الدولة، لا سيما من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، تعدّ واحدة من أساليب المفاوضات، لإيصال رسالة إلى الجانب الآخر بأنّ الخيار العسكري غير مستبعد، ويمكن اللجوء إليه إذا ما أُغلقت الأبواب السياسية والدبلوماسية كافة لحلّ الأزمة”.

بناء 90% من “سد النهضة”

وأقر الخبير في العلاقات الدولية، أحمد سيد أحمد، بأن صور الأقمار الصناعية تؤكد أن إثيوبيا انتهت من بناء ما يقرب من 90% من سد النهضة، كما أنها أجرت تشغيلًا تجريبيًّا لـ4 بوابات منه.

وخفّضت دولة الانقلاب المساحة المزروعة من محصول الأرز للعام الثاني على التوالي، من مليون ومائة ألف فدان إلى 724 ألفا ومئتي فدان بمحافظات الدلتا، بعدما وافق مجلس نواب العسكر على تعديل أحكام قانون الزراعة العام الماضي، بغرض منع زراعة المحاصيل الأكثر استهلاكا للمياه مثل الأرز وقصب السكر والكتان؛ بسبب التهديدات التي تواجه حصة مصر من مياه النيل، والزيادة المطردة في أعداد السكان.

وأوضح أحمد، خلال لقاء له في برنامج “السوق”، المُذاع على فضائية “الغد العربي” الإخبارية، أن عرض الاتفاق على مكتب استشاري لدراسة الأضرار المترتبة على السد تأخر كثيرًا، وأن إثيوبيا تستهلك الوقت لأنها تريد فرض الأمر الواقع وتكتفي ببعث رسائل طمأنة للقاهرة والخرطوم.

وأضاف أحمد، أن الجانب المصري أمامه تحدٍ كبير في البحث عن بدائل أخرى عن التفاوض، كونه لا يفضي إلى نتيجة، مثل اللجوء للتحكيم الدولي أو تدويل الملف إفريقيًا ودوليًا، مشددًا على أن القاهرة ستحافظ على الخيار السلمي ولن تلجأ للخيارات الأخرى، مشيرًا إلى أن إصرار الجانب الإثيوبي يقلل الخيارات أمام الجانب المصري المصر على التفاوض.

طرح الخيار العسكري

من جانبه، زعم مصدر مسئول في وزارة خارجية الانقلاب، أنه “ليس صحيحا أنّ هناك خيارات مستبعدة خلال أي عملية تفاوض، خصوصا إذا كانت القضية التي يتم التفاوض حولها، قضية حياة أو موت”.

مضيفا أنّ “الحديث عن تفعيل اتفاقية عنتيبي (لإعادة توزيع حصص مياه النيل على دول المنبع والمصب)، عبر توقيع دول حوض النيل عليها، ومواصلة إثيوبيا بناء السدّ، من دون التفات لملاحظات مصر بشكل يضرّ بدرجة كبيرة بمصالحها، أمرٌ في غاية الخطورة، بدرجة تجعل الخيارات كافة مطروحة، بما فيها الخيار العسكري”. وتابع: “الجانب الإثيوبي نفسه يُدرك جيدا أنّ مصر لم تستبعد الخيار العسكري، وخير دليل على ذلك ما أثير أخيرا بشأن تعاقد الحكومة الإثيوبية مع إسرائيل، لإمدادها بأنظمة دفاع جوي لنصبها حول سدّ النهضة”.

وتتزامن التسريبات المصرية مع تصاعد أزمة مياه النيل بالنسبة للحكومة المصرية، في ضوء اعتزام البرلمان الأوغندي التصديق على توقيع بلاده على اتفاقية عنتيبي، وهي الاتفاقية التي جمّدت مصر بسببها عضويتها في مبادرة حوض النيل عام 2010، بدعوى أنها تنتقص من حقوق مصر المشروعة في مياه النيل.

احتلال إثيوبيا

كما خرج أحد أذرع الانقلاب المبهمة، ويدعى “زيدان القنائي”، محذرًا إثيوبيا من أي نقص فى حصة مياه نهر النيل، بعد اكتمال بناء سد النهضة الإثيوبي.

وأكد القنائي، فى تصريح له، أن أي نقص فى حصة مصر من مياه نهر النيل سيعنى احتلال كافة الأراضي الإثيوبية عسكريًّا وسيطرة مصر على منابع النيل بأكملها، كما أن منظومة الصواريخ الإسرائيلية التى تم نشرها حول سد النهضة لن تمنع مصر من قصف سد النهضة عسكريا وضرب السد، وإغراق إثيوبيا بأكملها بالمياه.

ألغاز العسكر

وفضح طلعت خليل، عضو نواب الانقلاب، صمت العسكر، حيث أكد أنّ الحكومة تتجاهل الردّ على البيانات العاجلة وطلبات الإحاطة المقدمة من النواب بشأن أزمة سدّ النهضة، رغم أنها “معركة وجود” للدولة المصرية، في ظلّ الخطر الشديد الذي يُهدد الموارد المائية لها مع استمرار الجانب الإثيوبي في بناء السدّ، وما يتبع ذلك من آثار وتداعيات سلبية على الأمن القومي المصري.

وأضاف خليل، في تصريح له، أنه طالب مرارا مع نواب آخرين رئيس برلمان العسكر، علي عبد العال، بدعوة لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب للانعقاد، لبحث أزمة سدّ النهضة في حضور خبراء ومتخصصين، وذلك للرد على تساؤلات مشروعة مثل مصير الدراسات الصادرة عن اللجان الفنية السابق تشكيلها، وما إذا كانت هذه الدراسات مُلزمة للحكومة الإثيوبية من عدمه، ولكن من دون جدوى.

إسرائيل تتحدى مصر

فى حين كشف المحلل والباحث فى الشأن الإفريقي، عامر مصطفى، عن مدى اصطدام عسكر مصر بصواريخ إسرائيل التى تنشرها مؤخرًا.

كانت وسائل إعلام إسرائيلية قد أفادت بوجود حالة توتر كبيرة بين مصر وإسرائيل، على خلفية إكمال الأخيرة نشر منظومة الصواريخ الإسرائيلية Spyder-MR حول سد النهضة الذي بنته إثيوبيا.

وقال موقع ديبكا الاستخباراتي الإسرائيلي، إن مكتب السيسي شهد مشاورات حول كيفية إقناع إسرائيل بالتوقف عن نشر نظام الصواريخ هذا في إثيوبيا.

وأضاف الموقع أن تل أبيب رفضت النداءات المباشرة وغير المباشرة من السيسي الواردة إلى مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وأضاف مصطفى أنه يجب وضع بدائل غير (العسكرية) لتنفيذ مخطط وقف استكمال بناء السد، وإلا فإن الخاسر الأول والأخير مصر والسودان.

وبحسب الموقع المذكور، بدأت إسرائيل ببناء النظام الدفاعي حول السد العملاق في أوائل شهر مايو الماضي، وذلك عقب قرار إثيوبيا شراء النظام الإسرائيلي المضاد للطائرات، بعد تتبع أدائه خلال الاشتباكات العسكرية التي وقعت قبل خمسة أشهر بين الهند وباكستان في كشمير

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...