“هالة أبو شعيشع”.. منصورة التحدي والشهيدة التي هزمت قاتليها

كان آخر ما كتبت هاله ابو شعيشع، 16 سنة، الصف الثاني الثانوي، شهيدة المنصورة علي حسابها: “عشقنا للشهادة. أكبر بكثير من عشقنا للحياة ..لذلك لا تتحدوننا ..لأن الشهادة “أسمى أمانينا”.
وفي 19 يوليو تحل الذكرى السادسة لتضحيات المرأة المصرية بذكرى استشهاد أبو شعيشع و3 من أخوات المنصورة نعاهن د. محمد عبدالرحمن المرسي، مسؤول اللجنة الإدارية لجماعة الإخوان المسلمين قبل اعتقاله، في ذكراهن الثالثة،  وقال: “لن ننسى دماء بناتنا ونسائنا الطاهرة التي أريقت علي يد بلطجية وداخلية الانقلاب في مدينة المنصورة، قبل ثلاث سنوات، وهن يتظاهرن رفضًا للانقلاب.. لن ننسي الشهيدات: هالة أبو شعيشع وآمال فرحات والحاجة فريال الزهيري والصيدلانية د. إسلام عبد الغني وغيرهن، ولن ننسي دماء كل الشهداء والجرحى .. ستظل دماؤكم لعنات على الانقلاب الخائن، ستظل ثورة الشعب مستمرة حتي يسترد حريته وشرعيته وكافة حقوقه بإذن الله”، في حين أن زوجته النائبة منى الجمل كانت من المصابات في هذا الحادث.
وأخذت “هالة” مساحة واسعة من الاهتمام حيث كانت الأصغر سنا والفتاة بين الشهيدات الكريمات، اللواتي كان أغلبهن زوجات فالسيدة آمال فرحات المتولي زوجة الشيخ شعبان الزهيري ود.إسلام عبدالغني زوجة د.سامح الغزاليز
ورغم حداثة سنها إلا أنها سطرت بدمائها الطاهرة سنوات مديدة لوطن بأكمله، فالقتل في مجزرة أعقبت الإنقلاب العسكري أمر له بشاعته فافتتحت بنت المنصورة السطور المظلمة في تاريخ مصر بقتل البنات التي أراد الرئيس المنقلب عليه “الحفاظ على البنات” فكان إلى جوارها من الحرائر حبيبة عبد العزيز، وأسماء البلتاجي.
 

معلومات قد لا تعرفها
كان الدكتور أسامة ياسين وزير الشباب بحكومة د.هشام قنديل من أوائل من نعى الشهيدة وكتب عبر تويتر “إلى هالة أبو شعيشع: ليت دمى سال قبل دمك، وليت دم ابنتى سارة كان مكان دمك، مسك رائحة دمك فى أنف الوطن سيوقظ الناس بأن الانقلاب الدموى قد سقط”.
وأضاف “إلى هالة أبو شعيشع: إذا اطّلع عليك ربك كشهيدة، وسألك هل بك من حاجة؟ فاسأليه بحرمة دمك المسال أن يحقن دماء أمثالك من القتلة السفاكين الخائنين”.
غير أن الإنقلابيين ومن سفكوا دمها أصروا بعد نحو 4 أيام من استشهادها على الإنتقام من والدها فحرق البلطجية

جزارة (المراعي) لصاحبها م . محمد ابو شعيشع.
وزاد الانتقام من نظام في 26 أغسطس 2013، بالإفراج عن البلطجية السيد العيسوي وآخرين قتلوا هالة أبو شعيشع وحرائر المنصورة، بعدما اعتقلوا والدها في اليوم السابق مباشرة، فأحدثت رجة في الشارع الدقهلاوي بشكل خاص، من العدالة المقلوبة والظلم الفاجر.
الشارع كان الصغار أكثر تعبيرا عنه عندما تراصت طالبت المنصورة الثانوية بنات بشارع المختلط القريب من المحامي العام الأول لنيابات المنصورة صفا يحملن جميعا صورا للشهيدة هالة أبو شعيشع في أول يوم دراسة في سبتمبر 2013، ووصف أحدهم مشهد داخلي بفصل بمدرسة بالمنصورة، فمجند جيش ينادي بالغياب ف الحصة الأولي وينطق: “هالة ابو شعيشع”، فأجابته الطالبات: شهيده .. اتقتلت بسبب اﻹنقلاب العسكري. لسان حالهن “لن ننسى. لن نعفو”.

عاقبة المجرمين
كان عقوبة عاجلة من الله قضاها الله للبلطجية المجرمين، سافكي دماء حرائر المنصورة، بعد استعراض للقوة ضد واحدة من مسيرات أحرار وحرائر مدينة المنصورة الرافضة للإنقلاب العسكري فأصابت داخلية الإنقلاب “الشرطة” على سبيل الخطأ سيد العيسوي القاتل الذي أفرج عنه قبل أسابيع فأصابوه بطلقتين في الظهر وهو مستلق على ظهره أعياه المرض لدرجة النحافة كمريض الكبد، بات يشكر السيسي على رعايته فأصيب بشلل رباعى وخرج وهو قعيد الفراش لا يستطيع خدمة نفسه، يتمنى أهله له الموت، بحسب روايات منتشرة، ويقول: هذا ذنب من قتلتهن في 19 يوليو.
الأكبر جرما من العيشوي القاتل، المحرضان أخوي “فودة” ممدوح ووحيد عضوي الحزب الوطني البائد، وأكبر حاشدي البلطجية كما وصف الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية أمس فودة في واحد من خطاباته.
رحل ممدوح فودة الأقل حدة من شقيقه المستمر إلى الآن في دعم الإنقلاب، وحيد فودة كبير بلطجية الحزب الوطني بالمنصورة والمسئول عن استشهاد هالة أبو شعيشع وآخرين، ترشح ل”انتخابات” 2015، ليكون نائبة من نائبات برلمان الإنقلاب، إلا أن اللجن  العليا للانتخابات أعطه جزاء سنمار فاستبعدته من الترشح والسبب هو أن الكشف الطبي كشف عن تعاطيه مخدر “الأفيون”!
واستغرب المحسوبون على الإنقلاب كيف يحدث استبعاد مع رجل كثفت قوات الجيش والشرطة من تواجدها حول منزله وشقيقه المعروفين بأنهم من كبار موردي البلطجية علي مستوي الجمهورية ومحافظة الدقهلية، بعد استشهاد 4 سيدات بالمنصورة شاركن في مظاهرات رافضة للإنقلاب العسكري.
غير أن أهالي المنصورة هموا أن يبطشوا بفودة الذي يعرفه ويشهد له بالإجرام شارع الحوار ومحمد فتحي وسوق ستوته وعزبة الشحاتين ونادي الحوار بما فعل من تحريض على قتل الثوار الاحرار والحرائر، إلا أن تمركزات المدرعات أمام منزله منحت انطباعا لدى الدقهلاوية أن الجيش يحمي البلطجية لاستعمالهم في أعمال الترويع و التصدي للمتظاهرين.


إجرام الإنقلاب
من أبرز المشاهد التي تلت مقتل الحرائر اتهام نحو 38 شابا من ابناء المنصورة بقتل السيد عيسوي الذي قتله الإنقلاب، ثم الحكم على عدد منهم بالإعدام وهم من اتهما بهزلية “شباب المنصورة”، هاني فيصل، وأحمد فيصل، وعامر مسعد، وعبد الرحمن عطية، وتم قبول نقصهم في 14 نوفمبر 2017، ومع إعادة المحاكمة الباطلة أحالت الجنايات أوراق الشيخ عامر مسعد إلى المفتي في 23 مارس الماضي، في نقض قضية مقتل محمد ربيع في إعادة المحاكمة

وتأجيل قضيته الثانية (قضية مقتل السيد العيسوي ) وقضيته الثالثة (ردع المنصورة )مع باقي الشباب أحمد فيصل وهاني فيصل وعبد الرحمن بيومي ووسام عويضه والمحرضين.
الدكتور ابراهيم عراقى، أستاذ جراحة المسالك البولية بكلية الطب جامعة #المنصورة، ورائد جراحات مناظير المسالك البولية بالشرق الوسط وافريقيا، ويقضي عقوبة السجن المؤبد في سجن وادي النطرون، منذ يناير 2014، وكان متهما بقتل قاتل هالة شعيشع.

لن أنسى
وفي واحدة من المواقف كتب أسامة محمد مرسي نجل الرئيس الشهيد، تحت عنوان “موقف لن أنساه ….. ما بقيت في الجسد حياة” أنه قابل والد هالة محمد شعيشع، وقال: “كنت في رابعة العدوية قبل الفض بأيام أجول في الميدان وأفكر بعمق مع أخي وأستاذي باسم عودة في مستجدات الثورة وسبل مواجهة الانقلاب وانتهى بنا المطاف في المركز الإعلامي لاعتصام رابعة التقينا مئات المعتصمين ودارت عشرات المناقشات وفجأة جاءني رجل أسمر اللون عريض المنكبين بسيط الملبس نظيفه للغاية يرتدي منظارا طبيا تبدو طلته محببة إلى النفس قال لي ممكن أتصور معاك يا أستاذ أسامة ؟ وقبل أن أجبه مال على أذني الدكتور باسم عوده وقال : هل تعلم من هذا ؟ فنظرت له متسائلا فابتسم وقال : هذا والد الشهيدة هالة أبو شعيشع .

صعقت ……. وشرد بصري في وجه الرجل المبتسم والد الشهيدة واستصغرت نفسي أمام الرجل وشعرت أنه يتضخم ليصبح عملاقا مهولا وبدوت كقزم أمامه …. من أكون ليطلب مني هذا المربي الفاضل والمجاهد الصابر أن يلتقط لنفسه صورة معي … تبا لي ألف مرة ….. انحنيت أقبل يد الرجل وأنا لا أستطيع أن أكف دموعي واحتضنني بحنان غامر وأخذ يربت على ظهري وقلت له نبئني بربك يا سيدي كيف ربيت هالة كيف كانت تعيش تلك الطفلة وما الذي بينك وبين ربك ليرزقك مثل هذه الابنة … ثم كيف أنت لا زلت هنا أفلا تكون حزينا محطما تستغفر لها بدلا من أن تكون هنا معتصما ؟

قال الرجل : هالة استشهدت عشان احنا نكمل مش عشان ننكسر ولو كانت حاسة اننا ممكن ننكسر ماكنتش نزلت ….. يا بني هالة عند ربها أفلا أستكمل ونستكمل جميعا طريقها .

ثم قلت له اسمحلي أن ألتقط لنفسي صورة معك يا أبا هالة فوافق الرجل متواضعا ثم انصرف وأنا أتابعه ببصري مبهورا مسحورا .

أدركت يومها أننا منصورون … وكيف لا وهالة كانت في صفنا هي وكل أخواتها واخوانها من الشهداء الأبرار نحسبهم كذلك والله حسيبهم وكيف لا نستصغر الطاغية ونراه قزما وفينا عمالقة مثل والد هالة أبو شعيشع .

ولئن رزقت يوما بابنة فسأسميها هالة.

يا معشر الشباب والبنات ابحثو عن محمد أبوشعيشع وزوجه ومن كمثلهم من آباء وأمهات الشهداء وتتلمذوا على أيديهم وتعلموا كيف نربي أبناءنا ليكونوا كمثلها ….. كمثل “هالة”.
 

‎وسوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...