بنات المعتقلين.. متدينات ومتفوقات ومشاعر صادقة فى الدفاع عن الحق

باتت بنات المعتقلين يحملن قضايا آبائهن العادلة بوجه أعتى آلة إجرامية تراقب الصادر  والوارد إلى العالم، من خلال صفحاتهن على مواقع التواصل الاجتماعي، مرة بالكتابة وأخرى بالصور وثالثة بالدعاء ورابعة بصرخات استغاثة بالفيديوهات.

آخرهن منة، ابنة الدكتور حسام محمد العدل، التي وجهت رسالة لأهل الكويت وأحرارها الكرام، ووجهت رسالة تُخاطب بها أهل الرحمة والأحرار بألا يسلّموا أباها الذي لم يظلم أحدا، بل وعرفته بالرحمة والحب والاحتواء والرعاية والحنان والابتسامة التي لا تفارق الوجه الطيب.

وقالت: “يا كل الرجال الذين لم يعرفوا من الأخلاق إلا المروءة والإخلاص والأمانة والصدق، هكذا كان أبي.. يا كل أم، يا كل أب، يا كل حر، يا كل إنسان، يا إخواننا الذين جئناهم ببلادهم نطلب الأمان فلم تخذلونا.. تحدثوا عن أبي الذي لا حياة لنا بدونه.. تحدثوا عن أبي الذي لم يغرس بنا تجاهكم إلا الحب والأخوة والتلاحم.. تحدثوا عن أبي ليعلم العالم أنه يستحق الحرية والحياة، لا يستحق إلا الخير الذي لا يحمل سواه تجاهكم.. نناشد فيكم كل الخير والإنسانية التي نتوقعها لديكم ولا نعرف غيرها في قلوبنا”.

للمرة الرابعة

تُرى ما هو إحساس ابنة المعتقل وهو يساق إلى معتقلِه مرة وراء أخرى، وهي تراه في كل مرة يزيد مرضه ويحط عليه الزمن بآثاره!، ومن هؤلاء ابنة المعتقل أشرف متولي، معلم اللغة الفرنسية من الشرقية.

تحكي الابنة التي زرع العسكر بداخلها مقاومتهم وفضحهم لأباها الذي اعتقل للمرة الرابعة من منزل صديق له، في شقته التي أجّرها للبعد عن الاعتقال مجددا، وتروي كيف كانت الأربع ساعات التي جلست مليشيات الأمن الوطني وهي تعبث بشقة صديقه المطارد.

ثم كيف ينزلون أباها مكبل اليدين ومعصوب العينين، في مارس الماضي، وكيف سرق الأمن سيارة الصديق رغم أنها في جراج بيته الذي اعتقل منه، وظل مختفيا حتى وقت قريب.

الفتاة التي روت القصة هي الأخرى مطاردة، فقالت إن “الأمن لم يكتف بهذا فقط بل قام بمداهمة سكن الطالبات الذى أقام به فى الحى العاشر بمدينة نصر بحثا عنى وعن أى معلومات يقدروا يحرزوها، وفى نفس اللحظة كان الأمن عندنا فى محافظة الشرقية داهم منزلنا وأخد تيلفون والدتى وكُتب وفلوس ومقتنيات عديدة”.

لا تكل أو تمل

حقيقة تقف الزهراء عيد دحروج موقفا كبيرا في الحديث عن والدها الأستاذ المعتقل إلى جوار الدكتور محمد بديع، وكان آخر مرة كتبت عنه فيها في 12 يوليو، حكت عن والدها بحب كبير وعن مطالبه البسيطة التي هي من حقه حتى وإن كان مذنبا، فقالت: “بابا طالب نظارة من شهر 4، ومن ساعتها بنحاول ندخلها وهما رافضين وأخدناها الجلسة والمحامي استأذن من القاضي أكثر من مرة، وللأسف برضه رفض دخولها ولحد الآن النظارة معانا.. علما أن مقاسات النظارة عملناها بالتقريب يعني إيه بالتقريب يعني بابا قعد يشاور من القفص لنا على أرقامها ورحنا لمحل النظارات نعملها قال لنا المقاسات كده فيها حاجة مش مظبوطة.. ورجعنا تاني جلسة نحاول نتأكد بالإشارة على أرقام النظارة لحد معملناها ولسه هندخلها وكنا هنشوف هتناسب عين بابا ولا لا.. طب اللي هيسالني بابا ليه مابعتش ورقة بمقاس النظارة هقوله ماتنساش بابا معتقل في مقبرة العقرب يعني بقالنا سنة ونصف من غير زيارة خمس سنوات، بدون رعاية صحية.. ممنوع عنه علاجه من سنين، وأصلا درجات النظارة دي مين وصفها لبابا ليس لدينا معلومة هل هو دكتور السجن أم بالتقريب”.

تحكي الفتاة عن والدها المعتقل في سجن العقرب منذ ما يقرب من 6 سنوات فتقول: “بابا داخل العقرب ماكنش فيه حاجة غير سكر وكان لحد آخر تواصل معاه كان من سنة ونصف أصيب بسبع أمراض، ومن ضمنهم ضعف في الشبكية وذبابة عين مزمنة يعني دي لوحدها محتاجة دكتور كويس ومستشفى يتلقى فيها علاج.. والدي بقاله سنتين تقريبا لم يعرض على طبيب ولم يتلق علاجا فعليا في أي مستشفى.. حتى أبسط حقوقه يرتدي نظارة ممنوع منها”.
 بنت متفوقة

بنات الشاطر

واحدة تسلم أخرى، تمسك عائشة بزمام الدفاع عن أبيها وتدعو في كل مرة تمسك فيها هاتفها لتكتب لأبيها وأخيها وزوجها أن يفرج الله عنهم، وتعتقل عائشة ابنة المهندس خيرت الشاطر فك الله أسرهم جميعا، فتمسك سارة خيرت الشاطر وتتحدث اليوم الأربعاء عن أبيها الذي ترافع عن نفسه فشرحت وفصلت عن المنع والحظر والقمع للإعلام في محاكمته.

وما إن تترك الكتابة حتى ترصد حفصة الشاطر نفسها للدفاع عن أبيها الذي غاب عنهم خلال 27 عاما الماضية 19 عاما، وهو في سجون الانقلاب وأشدها قمعا، وكأنه في هجرة، فتقول عنه وربما هي الأصغر: “لو تعلم أبي كم خفق قلبي بشدة وتسارع نبض قلبي يا قلبي عندما سمعت المحامي يطلب من القاضي أن تتحدث.. هل حقا سأسمع صوتك؟!! صوتك الذي حرمت من سماعه طيلة ٣ سنوات مضت حرمت فيها من زيارتك.. صوتك الذي أحرص على حضور الجلسات من أول لحظاتها حتى أسمعك وأنت تجيب القاضي بنعم حينما ينادى اسمك.. صوتك الذي لم أسمعه يومًا إلا بالحسنى من القول.. صوتك الذي داعبتنا به أطفالا وداعبت به أطفالنا ونحن كبار.. تحدثت وما إن سميت الله وصليت على رسوله الكريم سكن فؤادي وأنصت مع كل جوارحي لينعم بصوتك.. تحدثت وكان حديثك يدفع عنك كل ما اتهمت به ظلما وعدوان.. تحدثت ففُقت بحديثك كل المرافعات.. تحدثت ولم تدفع عنك فقط بالحجة البينة والبرهان.. بل دفعت عن كل من معك.. وسُقت أدلة البراءة بينه لكل لبيب منصف يود أن يحكم بالعدل.. تحدثت فصرت مع كل حرف أود لو أصيح بأعلى صوت هذا أبي.. هذا فخرى.

في أحيان كثيرة يكون لدى ابنة المعتقل التحدي مع ذاتها ومع الانقلاب وأحيانا مع الجيران في الشارع، أن ترفع رأس والدها وهو في المعتقل، ورأينا الأولى على الجمهورية أميرة ابنة الأستاذ الدكتور إبراهيم العراقي، البروفيسور في أمراض الكلى وجراحة الكلى من المنصورة.

وفي 2016، حصلت أسماء بنت المعتقل وليد شلبي مستشار المرشد للإعلام على 98.65%.، كما كانت الزهراء من الشرقية الأولى على علمي علوم في 2018، ابنة عائلة من المطاردين من سلطات الانقلاب، بسبب رفضهم لحكم العسكر.
 

لن تقابل أباها

وكم من بنات للمعتقلين توفوا وهن في زيارة أبيهن في المعتقل، ومنهن بنت المعتقل صابر محمد أحمد، التي توفيت بعد زيارة والدها بوادي النطرون على الطريق السريع وهى ليست الحالة الأولى.

أما ليلى وهي صاحبة الصورة الشهيرة “ليلى طلع لها أسنان”، في لغة إشارة أمها لزوجها أحمد وهدان الذي أعدمه العسكر ضمن 9 في هزلية اغتيال النائب العام، رفضت حضانة (إنجليش هوس) قبولها وتم طردها من الحضانة؛ لأنه بنت المهندس أحمد وهدان، رغم أنها لن تقابله مجددا.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...