“دابسي” وحدة استخباراتٍ في شوارع مصر

ما دُمتَ تعيش فى دولة لا تتوافر فيها أي أسس أو مبادئ، فلا عجب أن تشاهد انتهاكات خطيرة بحق سكانها، كأن تكون مراقبًا أو موضوعًا تحت “سبوت” مخابراتي.

هذه تفاصيل وخلاصة وليد الانقلاب الجديد، شركة نقل حديثة “دابسى”، والتى كانت ضمن خطوات ابن المنقلب عبد الفتاح السيسي “محمود”، بعدما رفضت شركتا “أوبر وكريم” منح سلطات الانقلاب بيانات المستخدمين (أكثر من 4 ملايين مستخدم و150 ألف سائق)، ما دفع أذرع المخابرات التجارية لتدشين المشروع المربح، وهي فكرة قديمة طُرحت أكثر من مرة داخل الجهاز.

وتستحوذ شركتا “أوبر” و”كريم” على أكثر من 50 في المائة من العمليات المنفذة لنقل الأفراد باستخدام السيارات الخاصة في مصر، غير أن شركة “أوبر” الأمريكية أعلنت في وقت سابق عن استحواذها بالكامل على شركة “كريم” الإماراتية، في صفقة تقدر بنحو 3.1 مليار دولار، مع إتمام الصفقة خلال الربع الأول من عام 2020.

كيف ظهرت «دابسي»؟

في 16 يونيو الماضي، نشر أحد «جروبات فيسبوك» منشورًا يوضح ماهية «دابسي»، جاء فيه أن الاسم مأخوذ من مدينة كرواتية سياحية «90% من سكانها أثرياء وعصاميون وهذا ما تريد تحقيقه الشركة بإطلاق هذا الاسم»، كما ذكر المنشور.

وفي 3 يوليو الجاري جاء في منشور على موقع فيسبوك: «مبروك علينا توكيل دابسي»، وصَحِبَ المنشور عدة صور، من أهمها صورتان برفقة العميد محمد سمير المتحدث العسكري السابق، وربما هذه إشارة إلى تبعيتها لجهات سيادية تقف خلف واجهات مدنية.

بعدها تزايدت المنشورات على فيسبوك عن اجتماعات شركات خدمات نقل محلية مع إدارة شركة «دابسي»، وفي 5 يوليو، ومع رفع أسعار البنزين والسولار، كثر الحديث عن «دابسي» كمنافس لشركات (أوبر وكريم وسويفل).

مكاسب عدة

وكشف مصدر مطلع عن أنه فضلا عن المكاسب المادية المنتظرة من مشروع النقل التشاركي الجديد، هناك أيضا أهداف أخرى استخباراتية، وهي الأهم بالنسبة للجهاز الذي يديره فعليًّا نجل السيسي، بعد تراجع دور مديره اللواء عباس كامل في الملفات الداخلية، وبات تركيزه في العمل على الملفات الخارجية، مثل الملف السوداني والليبي والفلسطيني وغيره.

شركة “أوبر مصر” كانت قد اعترضت على مادة في قانون النقل التشاركي تتيح لحكومة الانقلاب الحصول على بيانات المستخدمين. وأثناء مناقشة مشروع القانون المقدم من حكومة الانقلاب للنقل البري باستخدام التكنولوجيا، العام الماضي، في اجتماع بلجنة النقل بمجلس نواب الدم شارك فيه ممثلو شركتي “أوبر” و”كريم”، تحفّظت رنا قرطام، مديرة السياسات في شركة “أوبر”، على عدد من مواد مشروع القانون، خصوصا المتعلقة بربط البيانات والتي اعتبرتها اختراقا للخصوصية التي يكفلها الدستور.

شركة “دابسي” الجديدة التابعة للمخابرات، تتيح طلب “سيارات خاصة ودراجات نارية وحافلات ويخوت وطائرات” عبْر أنظمة تشغيل “أندرويد” و”آيفون”، وذلك في ثلاث مدن رئيسية كمرحلة أولى، هي القاهرة وشرم الشيخ والإسكندرية.

وسيتم تركيب نظام إلكتروني بسياراتها، يتضمن شبكة إنترنت مجاني (واي فاي) للكابتن والعميل، وكاميرا لمراقبة “سلوكيات الجانبين”، بحسب ما نشرته مواقع إلكترونية تابعة لأجهزة الاستخبارات، ومنها موقع “الوطن”.

100  ألف مُخبر

وأوضح المصدر أنّ التخطيط الاستراتيجي داخل جهاز الاستخبارات يقوم على فكرة أن توظّف الشركة 100 ألف سائق للعمل لديها، وتزوّد السيارات بكاميرات مراقبة تسجل بالصوت والصورة. كما أنه من خلال عروض أسعار مخفضة تنافس شركتي “أوبر” و”كريم”، يسعى الجهاز إلى أن يقوم مستخدمو النقل الجماعي، ويقدر أعدادهم بالملايين، باستبدال تطبيقي الشركتين الأخيرتين بتطبيق “دابسي”.

وأضاف: بالتالي تكون لدى الجهاز بيانات ملايين من المصريين وتحركاتهم اليومية، إضافة إلى ما يتم تسجيله داخل السيارة من حوارات ونقاشات مع السائقين بالصوت والصورة. وبذلك تكون لدى الأجهزة الأمنية صورة كاملة عن توجهات وأفكار الملايين، يمكن من خلالها رصد أي ظواهر اجتماعية يمكن أن تهدد أمن النظام مبكرا والتعامل معها.

واشترطت “دابسي” لانضمام السائقين إليها، شهادة المؤهل الدراسي، و4 صور شخصية، وإجراء تحليل مخدرات بمعمل “فاست سكان”، وفحصا فنيا للسيارة بقيمة ألف جنيه، إلى جانب رخصة السائق والسيارة، واعدةً المتقدمين للعمل معها بإتاحة تأمينات اجتماعية وطبية لهم، وحوافز للحاصلين منهم على تقييمات عالية.

دولة بوليسية

وذكرت تقارير أمنية، أنّ أجهزة الأمن تحرص دائما على الاتصال بسائقي سيارات الأجرة حتى قبل ظهور شركات النقل التشاركي الإلكتروني. وهو ما أكده أحد السائقين، قائلا “هناك الكثير من سائقي التاكسي وأوبر يتواصلون مع الأمن الوطني بشكل منتظم”، مشيرا إلى أنّ “وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب أحياناً كثيرة تكلف هؤلاء السائقين بمهام محددة، مثل الدفاع عن سياسات الدولة والحديث عن إنجازاتها أثناء التحدّث مع الزبائن”.

وفي إبريل من العام 2018، شنّت الإدارة العامة للمرور في وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب حملة أمنية واسعة ضدّ العاملين في شركتي “أوبر” و”كريم”، شملت ضبط عدد من السائقين، بدعوى أن نشاط الشركتين “غير قانوني” داخل البلاد، رغم إصدار محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، حكما مؤقتا يسمح لهما بالعمل في مجال نقل الأفراد، إلى حين فصل المحكمة الإدارية العليا في الطعن المقدم من شركة “أوبر” على حكم حظر تشغيلها الصادر في 20 مارس 2018.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...