مذبحة الحرس الجمهوري.. هل تختلف عن مذابح “صبرا وشاتيلا” وقانا ودير ياسين؟

في مثل هذا اليوم، الثامن من يوليو عام ٢٠١٣ وفي الركعة الثانية من صلاة الفجر، فتحت قوات الجيش والشرطة المصرية النار فجأة على معتصمي الحرس الجمهوري، فقتلت وأصابت واعتقلت، ومنذ ست سنوات لم يُفتح ملف مذبحة الساجدين، حيث سقط قرابة ١٦٠ شهيدا بعد إطلاق الأمن النار عليهم وهم في الركعة الثانية في صلاة الفجر، إنها بحق نقطة اللاعودة للانقلاب العسكري، وتحوله إلى انقلاب دموي.

مجزرة لا تختلف عن صبرا وشاتيلا أو قانا أو مجزرة دير ياسين، ارتكبها الجيش فجر يوم الثامن من يوليو 2013، وانهمر رصاص الضباط والمجندين على المصلين المحتجين أمام دار الحرس الجمهوري على وقع اعتصام المئات من مؤيدي الرئيس الشهيد محمد مرسي، أمام مكان اعتقال رئيس البلاد، عقب خمسة أيام من انقلاب الجيش تحت قيادة وزير الدفاع آنذاك، جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي.

وبينما كان المعتصمون في الركعة الثانية من صلاتهم، قامت قوات من الداخلية والجيش بمحاصرتهم من كافة الجوانب وبدأت بإلقاء الغاز المسيل للدموع بكثافة، مما أدى لاختناق بعض المعتصمين من بينهم أطفال، وعلى امتداد أكثر من خمس ساعات نفذت قوات الجيش- مدعمة بقناصة فوق أسطح المباني على جانبي شارع الطيران- مجزرة بشرية راح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات المصابين.

مكافأة قاتل!

تلاقت الأفكار بين قادة كيان الاحتلال الصهيوني وجنرالات الجيش المصري، وعلى رأسهم الخائن العميل السيسي في ضرورة التخلص من الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي، وكانت الحجة المشتركة “السعي لإقامة دولة إسلامية”، ومثّلت أحداثُ “الحرس الجمهوري” نقطةً فارقة فيما يعرف بجبهة “30 يونيو”، بعدما أعلن الكثير من مؤيدي الانقلاب عن مراجعة مواقفهم، بعدما سقط أكثر من 160 شهيدا بين صفوف المتظاهرين السلميين، وأكثر من 435 مصابا آخرين، تحت إشراف اللواء محمد زكي، الذي خان مرسي أثناء توليه منصب رئيس الحرس الجمهوري، وكافأه السيسي على دوره في الانقلاب، بتعيينه وزيرا للدفاع.

قام السفيه السيسي وعدد من قيادات المجلس العسكري، بالتخطيط مع المعارضة للانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب، اجتمع كبار قادة الجيش بشكل منتظم منذ عدة أشهر مع قادة المعارضة ومنهم البرادعي، عمرو موسي، حمدين صباحي، وكانت رسالتهم أن الجيش سيتدخل وسيعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي بشكل قسري، إذا استطاعت المعارضة حشد عدد كافٍ من المتظاهرين في الشوارع.

وكان السفيه السيسي على اتصال دائم مع الإدارة الأمريكية بما فيها جهاز المخابرات “السي آي إيه”، وكان يطلعهم على كل ما يحدث في مصر، وقال في حديثه للواشنطن بوست: “إن الولايات المتحدة لم تكن بعيدة بأي حال من الأحوال عما يجري هنا، وكنا حريصين على أن نمد مسئوليهم بإحاطات كافية حول الوضع الراهن، ومنذ شهور أخبرتهم بأنه هناك مشكلة كبيرة في مصر، وطلبت دعمهم ومشورتهم ونصيحتهم كشريك استراتيجي وحليف لنا”.

البرادعي أكمل مهمته!

وتعد “الحرس الجمهوري” بداية لأحداث أكثر دموية من جانب سلطة الانقلاب، إذ أعقبتها أحداث “المنصة” التي قتل فيها قرابة الـ200 من المحتجين، ثم فضّ اعتصامي “رابعة العدوية” و”نهضة مصر”، اللذين راح ضحيتهما أكثر من ألف و500 من مؤيدي الشرعية، وأعقبها استقالة صورية من نائب الطرطور، محمد البرادعي من منصبه، ومغادرته إلى الخارج بعدما قام بتسويق الانقلاب دوليا، وسط إدانة دولية واسعة لجرائم الجيش.

من جانبه يقول الطبيب “عمر مجدي”، مدير عيادة أحداث محمد محمود وأحد المصابين في مذبحة الحرس: “في هذا اليوم رأيت مصريين ليسوا ببشر.. يقتلون الطفل والمرأة والشيخ الكبير، يُجهزون على المصاب المستحق للعلاج، يعذبون الأسرى والجرحى.. رأيت مصريا يعتقل ويهين أخاه وكأنه أسير حرب وليس مصريا مثله يطالب بحقه”.

وأضاف مجدي “ولكن في المقابل.. اليوم تأكدت أن البشر كما فيهم شياطين بينهم ملائكة أيضا، فقد رأيت مجموعة تضحي وتخاطر بأعز ما تملك لتنقذ ما كانت تظنه باقيًا مني.. “جثتي” فقد كانوا شبه متأكدين من وفاتي، ولكن شهامتهم وهمتهم العالية وحبهم لله ولوطنهم وتقديرهم للمواطن وقيمته.. ارتأوا أن يخاطروا لينقذوا جثتي من الهلاك.. وسبحان الله جعلهم الله سببا لإنقاذ حياتي”.

شرفت بأني أمك

واعتبر مجدي هذه المذبحة استكمالا لمذابح كانت مستمرة منذ 2011، سواء محمد محمود، رئاسة الوزراء، العباسية 1 و2، ولكن كل ما في الأمر أنها كانت أول مذبحة لا ينكرها العسكر ولا يتملص منها بل يعترف بفعلها بك، وتعرض المئات للاعتقال، وتم توجيه تهم التجمهر لهم والبلطجة والتعدي على أفراد القوات المسلحة، بالإضافة إلى الاختفاء القسري لعدد من المتظاهرين.

وحصدت رصاصات الجيش فيما حصدت ذلك اليوم، روح المصور الشهيد “أحمد عاصم”، الصحفي بجريدة “الحرية والعدالة”، الذي استطاع أن يصور قاتله، في واقعة لا تتكرر كثيرا، أثناء محاولة منه لتوثيق المذبحة فكان الخلاص منه بإطلاق الرصاص عليه.

وكتبت والدة عاصم تقول: “شرفت بك وبأني أمك”، وأضافت: “أفتقدك أحمد وأتوق لرؤيتك.. روحي إليك تحن ونبض قلبي لك يئن.. ستعيش في قلوبنا وستظل بيننا.. لن أقول وداعا بل إلى الملتقى.. ما يواسيني أنك شهيد أحسبك في الجنة إن شاء الله.. إن القلب ليبكي وإن العين لتدمع وإننا على فراقك يا أحمد عاصم لمحزونون”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...