ننشر الكواليس الكاملة لـفضيحة “سلق” قانون الاستثمار الجديد

وافق مجلس نواب الانقلاب، أمس ، على تعديل محدود على أحكام قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017، تضمن إضافة فقرة أخيرة على المادة الـ12 من القانون، تنص على “منح توسعات المشروعات الاستثمارية القائمة فرصة التمتع بالحوافز الخاصة المنصوص عليها في المادتين 11 و13، طبقًا للقواعد والشروط التي يصدر بتحديدها قرار من مجلس الوزراء”.

وتسببت الموافقة على “قانون الاستثمار” الجديد في أزمة بين مؤسسات الانقلاب؛ حيث كان يصرّ مجلس نواب العسكر على تمريره، فيما يعترض الكثير من الوزارات وبرلمانيون والمؤسسات عليه.

مفصل لرجال الأعمال

وشهدت الجلسة العامة للمجلس، أمس الأحد، خلافات وتبادلا للاتهامات بين أعضاء اللجنة الاقتصادية، عندما اتهم النائب عمرو الجوهري اللجنة بعدم الديمقراطية والموافقة على التعديلات من بابا المجاملة، وقال الجوهري: لا توجد ديمقراطية في اللجنة الاقتصادية وإنما مجاملات صارخة.

وتابع: القانون به شبهة ومعمول تفصيل لبعض رجال الأعمال، وتم رفض هذه التعديلات من قبل في تعديل سابق وقد رفضه وزير المالية السابق، وأضاف: كل أعضاء اللجنة متوافقين في هذا الأمر ونحاول نجّمل ونضع فيها شكل من الحكومة وبها تحايل على الحصيلة الضريبية من خلال تخفيض الرسوم”.

بينما زعم الدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس الدم، أن مشروع قانون الاستثمار الجديد يعد تشريعًا مهمًّا لتحفيز الاستثمارات بمصر خاصة أن القانون كان محل تساؤل واهتمام كبير من جانب الكثير من المستثمرين الراغبين في الاستثمار في مصر.

وشمل التعديل إضافة فقرة أخيرة إلى المادة 12، نصت على أنه “يجوز أن تتمتع توسعات المشروعات الاستثمارية القائمة بالفعل بالحوافز المنصوص عليها في المادتين، على أن يُقصد بالتوسعات في حكم هذه المادة زيادة رأس المال المستخدم بإضافة أصول جديدة بهدف زيادة الطاقة الإنتاجية للمشروع، وذلك كله طبقاً للقواعد والشروط التي يصدر بتحديدها قرار من مجلس الوزراء”.

خلاف 5 وزارت

كما فجّر “سلق” البرلمان لمشروع قانون الاستثمار الجديد،عدة خلافات بين 5 وزارت، بعد تضمينه مادة تقضي بضم جميع الأراضي الاستثمارية العمرانية والصناعية والزراعية والسياحية، إلى وزارة الاستثمار، والاتفاق على ذلك مع اللجنة الاقتصادية فى مجلس النواب، دون الرجوع إلى وزراء الإسكان والصناعة والزراعة والسياحة والمالية.

وقالت مصادر مطلعة في تصريحات سابقة: إن الوزراء الخمسة فوجئوا بقرارات الوزيرة سحر نصر دون العودة إليهم، وتضمن نص المادة أحقية وزارة الاستثمار في ضم جميع الأراضى الاستثمارية العمرانية والصناعية والزراعية والسياحية، وطرحها وبيعها، وتحصيل قيمتها المادية، ثم دفع هذه القيمة للوزارات المعنية، بدون العودة فنيًا إلى هذه الوزارات.

فيما أعلنت وزارتا التجارة والصناعة اعتراضها بشدة على تخصيص أراضي النشاط الصناعي لوزارة الاستثمار، ممثلة في الهيئة العامة للاستثمار، وأكدت أن كثرة الإجراءات من شأنها أن تؤدي لمزيد من البيروقراطية.

كما نص على إضافة فقرة إلى المادة 48 نصها كالآتي: “وفي جميع الأحوال يتعين التصديق على توقيعات الشركاء، أو من ينوب عنهم، على عقود الشركات أياً كان نظام الاستثمار الخاضعة له، مقابل رسم تصديق مقداره ربع في المائة من قيمة رأس المال المدفوع بحد أقصى مقداره عشرة آلاف جنيه، أو ما يعادلها من النقد الأجنبي (بحسب الأحوال)، سواء تم التصديق في مصر أو لدى السلطات المصرية في الخارج. وتسري هذه الأحكام على كل تعديل في نظام الشركة”.

كذلك شمل التعديل إضافة بند إلى المادة 74 برقم 14، نص على أن “يحق طلب المعلومات لحساب أصول الاستثمار المباشر وغير المباشر والتدفقات المالية والاستثمارية للهيئة العامة للاستثمار من دون الإخلال بالأمن القومي”، في حين وافق البرلمان على مادة مستحدثة برقم (91 مكرر)، نصت على توقيع غرامة مالية حيال مخالفة ما نص عليه البند السابق.

تهويد مصر

وعاد وخاطب النائب عمرو الجوهري، رئيس برلمان الدم على عبد العال، حيث أكد خطورة تقنين تملّك الأجانب للأراضي المصرية في المناطق الاقتصادية الجديدة بقناة السويس وسيناء، بما يسمح بدخول “جنسيات غير مرغوبة” للاستثمار بتلك المناطق الاستراتيجية، دون الاعتبار لما تُشكله من خطورة على الأمن القومي للبلاد.

ونوّه الجوهري إلى أن “القانون يُثقل موازنة الدولة بأعباء مالية ضخمة، في إطار دعم المستثمرين، من جراء تحمّلها كلفة توصيل المرافق إلى المشروعات، وتدريب الأيدي العاملة، وتخصيص أراض بالمجان للصناعات الاستراتيجية، من دون تحديد ماهية تلك الصناعات، ما يفتح بابًا خلفيًا للفساد، والتربح من وراء القرارات الصادرة في هذا الشأن”.

تسريح العمال

كما انتقد وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس نواب العسكر، منح القانون الحق للمستثمر في استقدام عاملين أجانب بنسبة 20 في المائة من إجمالي عدد العاملين بالمشروع، بما يُحجم العمالة المحلية، ويُزيد من معدلات البطالة، فضلاً عن إلغاء المناطق الحرة الخاصة، وتسريح الآلاف من العاملين المصريين بها، عوضًا عن إحكام الدولة لرقابتها على تلك المناطق، ومنع تهريب البضائع إلى السوق المحلية.

تتراجع بمؤشرات الاستثمار رغم الوعود البراقة

في ظل وعود حكومة الانقلاب بتهيئة بيئة جاذبة للاستثمار، وتأكيد أن تعويم العملة المحلية وإصدار قانون جديد للاستثمار سيساعدان في استقطاب المستثمرين الأجانب؛ جاء تقرير النمو الشامل والتنمية – الصادر مؤخرا – صادما لمدعى تحسن الاقتصاد والاستثمار بمصر.

فقد أظهر التقرير أن مصر من أسوأ عشرين دولة في مجال الاستثمارات وبيئة الأعمال والوساطة المالية، مما أثر على ترتيبها الكلي لتحل في المركز الـ73 من إجمالي 79 دولة مصنفة ضمن مجموعة الدول ذات الدخل المتوسط والمنخفض.

وكشف التقرير أن الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها القاهرة لن تكفي للإسراع بمعدلات النمو دون زيادة حقيقية في معدلات الاستثمار، وأن نسبة الفقر في مصر تبلغ نحو 27% في ظل تعويم الجنيه وتطبيق ضريبة القيمة المضافة ورفع أسعار الوقود وتقليص الدعم.

مزاحمة الجيش

ويرى الكاتب الاقتصادي ممدوح الولي أن تدهور الاستثمار في مصر يرجع إلى “تعدد مشاكل المستثمرين من البيروقراطية والفساد، ومزاحمة الجيش للقطاع الخاص، والتحفظ على أموال ومنشآت العديد من رجال الأعمال، وارتفاع التضخم وسعر الاقتراض المصرفي، وصعوبات التمويل وانخفاض إنتاجية العمالة ونقص الأراضي الصناعية وارتفاع تكلفتها وسرعة تغيير القوانين الاقتصادية”.

قلق المستثمر

ويضيف في حديث له إلى هذه الأسباب: “عدم دراسة الحكومة كافة السيناريوهات المحتملة بعد قراراتها، والذي يجعلها تتجاهل وجهة نظر المستثمر الذي يجد أمامه فرصا في بلدان عدة تمنحه مزايا في سعر الأراضي أو الإعفاءات الضريبية أو نسب فائدة التمويل، مما لا يجعله مضطرا لتحمل المخاطر الموجودة في البيئة المصرية”.

بدوره، أضاف المحلل الاقتصادي مصطفى عبد السلام من أسباب لهذا التدهور: “حالة الغموض المستمرة بالبلاد وعدم الاستقرار السياسي واستمرار الانقسامات داخل المجتمع والتنصت على السياسيين”، فهي في رأيه “وإن كانت أسبابا سياسية، لكنها تمثل قلقا للمستثمر كما ذكر تقرير صدر مؤخرا عن البنك الدولي”.

ورأى أن “هذا التصنيف سينعكس سلبا على الاقتصاد المصري خاصة مع القوة التي تحظى بها تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي في أوساط المستثمرين الدوليين، بل وسط رؤساء الدول والحكومات”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...