بالأعمالِ الصالحاتِ تُقْتَحمُ العقبات

 قال تعالى: { فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ. فَكُّ رَقَبَةٍ . أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ. يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ. أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ. ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ . أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ }( البلد: 18)يقول سلطان العلماء- عز الدين بن عبد السلام – رحمه الله:{الْعَقَبَةَ} طريق النجاة أو جبل في جهنم أو نار دون الجسر أو الصراط يضرب على جهنم صعوداً وهبوطاً أو أن يحاسب نفسه وهواه وعدوه الشيطان.( )المعنى الإجمالي: بهذه الأمور الأربعة تقتحم العقبة وتجتاز فينجو صاحبها من النار والأمور الأربعة هي :1- فك رقبة. 2- إطعام في يوم ذي مسغبة أي مجاعة يتيمًا ذا مقربة أي قرابة أو مسكينًا ذا متربة أي ذا لصوق بالأرض لحاجته وشدة فقره.3- إيمان صادق بالله ورسوله وآيات الله ولقائه يحيا به قلبه.4- تواصى بالصبر اي مع المؤمنين المستضعفين بالثبات على الحق ولزوم طريقه وتواصي بالمرحمة مع أهل المال أن يرحموا الفقراء والمساكين فيسدوا خلتهم ويقضوا حاجتهم .بهذه الربعة تجتاز العقبة وينجو المرء من عذاب الله ، وفي مثل هذا تنفق الأموال لا أن تنفق في الدسائس والمكر بالصالحين وخداع المؤمنين .قال تعالى: { وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا }(الإسراء: 19) وقال:{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ } (النحل: 97).روي عن أبي ذر الغفاري – رضي الله عنه – أنه قال : إنه بين أيدينا عقبة كؤود ، لا ينجو منها إلاَّ كل مخف . وكما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنه بكى حين حضرته الوفاة ، قيل له : وما يبكيك؟ قال : بُعْدَ المفازة ، وقلة الزاد ، وضعف النفس ، وعقبة كؤد ، والهبوط منها إلى الجنة أو إلى النار ( )قال قتادة: إنها قحمة شديدة فاقتحموها بطاعة الله عز وجل.وقال ابن زيد: { اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ } أي: أفلا سلك الطريق التي فيها النجاة والخيرعَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ فِيهِ انْتِقَاصٌ وَلَا وَهْمٌ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ” مَنْ وُلِدَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ فِي الْإِسْلَامِ، فَمَاتُوا قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ ، أَدْخَلَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ، وَمَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بَلَغَ بِهِ الْعَدُوَّ، أَصَابَ أَوْ أَخْطَأَ، كَانَ لَهُ كَعِدْلِ رَقَبَةٍ، وَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ، يُدْخِلُهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَيِّ بَابٍ شَاءَ مِنْهَا الْجَنَّةَ ” ( )عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار )( )عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه- قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي إِذَا رَأَيْتُكَ طَابَتْ نَفْسِي، وَقَرَّتْ عَيْنِي، أَنْبِئْنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، قَالَ: «كُلُّ شَيْءٍ خُلِقَ مِنَ الْمَاءِ»، فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ إِذَا عَمِلْتُ بِهِ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ، قَالَ: ( أَطْعِمِ الطَّعَامَ، وَأَفْشِ السَّلَامَ، وَصِلِ الْأَرْحَامَ، وَقُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلِ الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ) ( )الوعيد لمن لم يحض على طعام المسكين ولمن منع الماعون:قال تعالى:{ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ. ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ . ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ . إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ . وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}( الحاقة: 30 : 34 )المعنى الإجمالي للآيات: يقال لخزنة جهنم: خذوا هذا المجرم الأثيم، فاجمعوا يديه إلى عنقه بالأغلال، ثم أدخلوه الجحيم ليقاسي حرها، ثم في سلسلة من حديد طولها سبعون ذراعًا فأدخلوه فيها؛ إنه كان لا يصدِّق بأن الله هو الإله الحق وحده لا شريك له، ولا يعمل بهديه، ولا يحث الناس في الدنيا على إطعام أهل الحاجة من المساكين وغيرهم. ( )قال تعالى:{ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ. إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ. فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ . عَنِ الْمُجْرِمِينَ . مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ . قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ . وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ . وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ. وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ. حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ } ( المدثر: 38: 47 )المعنى الإجمالي للآيات: كل نفس بما كسبت من أعمال الشر والسوء محبوسة مرهونة بكسبها، لا تُفَكُّ حتى تؤدي ما عليها من الحقوق والعقوبات، إلا المسلمين المخلصين أصحاب اليمين الذين فكُّوا رقابهم بالطاعة، هم في جنات لا يُدْرَك وصفها، يسأل بعضهم بعضًا عن الكافرين الذين أجرموا في حق أنفسهم: ما الذي أدخلكم جهنم، وجعلكم تذوقون سعيرها؟ قال المجرمون: لم نكن من المصلِّين في الدنيا، ولم نكن نتصدق ونحسن للفقراء والمساكين، وكنا نتحدث بالباطل مع أهل الغَواية والضلالة، وكنا نكذب بيوم الحساب والجزاء، حتى جاءنا الموت، ونحن في تلك الضلالات والمنكرات. ( )وقال تعالى:{ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ } ( الماعون: 1) أي: أَعَرَفْت الذى يكذب بالجزاء والحساب فى الآخرة؟ منهم : الذين يمنعون الماعون: (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ }( الماعون: 7) ويمنعون معروفهم ومعونتهم عن الناس.( )من هداية الآيات :1- التنديد بمن ينفق ماله في معصية الله ورسوله ، والنصح له بالإِنفاق في الخير فإِنه أجدى له ، وأنجى من عذاب الله .2- بيان أن عقبة عذاب الله يوم القيامة تقتحم وتجتاز بالإِنفاق في سبيل الله وبالإِيمان والعمل الصالح والتواصي به .3- الإيمان والعمل الصالح قرناء والعمل الصالح دليل وبرهان على صدق الإيمان.4- الإسلام حرر الإنسان من رق العبودية لغير الله.5- فضيلة إطعام الطعام.6- فضل كفالة الأيتام.7- فضيلة الصبر.8- فضيلة الرحمة.9- التكافل بين الأفراد والمؤسسات والدول.10 – الوعيد الشديد لمن منع الماعون عن الناس.الجمعية الشرعية نموذجًا:الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية – في مقدمة الجمعيات التي قامت بمشروع كفالة اليتيم، كفالة مادية ومعنوية أو تربوية ، وكذلك هناك مشروع كفالة طالب العلم، وتيسير زواج الفتيات اليتيمات، وهناك عطاءات رمضان، وغير ذلك من المشروعات الاجتماعية المتعددة، بالإضافة إلى المشروعات الطبية العملاقة لخدمة غير القادرين من كل المصريين وبالمجان، ومعها المشروعات التنموية بفروعها المختلفة، ولذلك أوصي نفسي، وأبناء وطني الكرام بالإسهام المادي والمعنوي في هذه المشروعات المباركة، وأتضرع إلى الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...