رغم الأرقام الخادعة.. 11 سببا لهروب الاستثمار الأجنبي

كشفت دراسة بالأرقام عن أن هناك العديد من العوامل التي أدت إلى ضعف مردود برنامج حكومة الانقلاب لجذب الاستثمارات الأجنبية.

وقال الباحث د. أحمد ذكر الله – في دراسه بعنوان “الاستثمار الأجنبي في مصر.. واقع وتحديات”، المنشورة على موقع المعهد المصري للدراسات: إنه رغم الإجراءات الاقتصادية لدعم مناخ الاستثمار المحلي والأجنبي، التي اتخذتها حكومة الانقلاب والتي كان أبرزها إصدار قانون جديد للاستثمار، وإصدار قوانين الشركات وسوق المال والإفلاس، إضافة إلى تعديل بعض السياسات النقدية التي تضمن توفر العملة الأجنبية مثل تعويم الجنيه.. رغم كل هذه الإجراءات فإن أرقام الاستثمار الأجنبي لم تعكس هذه الإجراءات الإصلاحية.

عوامل خمسة

واعتبر أن عوامل ثابتة تسببت في هذا التضاؤل؛ من أهمها: انخفاض مستويات الشفافية وانسياب المعلومات، وصعوبة عمليات التخليص الجمركي وانتشار الفساد في الموانئ، والرسوم الجمركية المرتفعة على بعض المواد، وإدارة النظم وصعوبة تحديد المسئوليات الوظيفية لبعض الأجهزة الحكومية.

وكشف الباحث عن أن (قدرة الحكومة على استعادة النمو الاستهلاكي) لا تزال منخفضة لا سيما في استقطاب استثمارات أجنبية غير بترولية، والنمو الاستهلاكي هو أن تكون هناك فرص صناعية حقيقية، وليست مجرد وعود.

وأوضح أن حجم السوق لا يقاس بعدد السكان، ولكن بمتوسط نصيب الفرد من الدخل القومي، وهنا نجد أن السوق المصرية ليست جاذبة للعديد من المستثمرين، خاصة مع استمرار الحكومة في استكمال خطط الإجراءات الاقتصادية، والتي تسببت وستتسبب في المزيد من الضعف الاستهلاكي.

العرض والطلب

وقال “ذكر الله”: من الملاحظ أن تردد المستثمر الأجنبي الراغب في إقامة مشروعات إنتاجية كبيرة في حالة الاقتصادات التى تخيم عليها سحب الركود والتأخر التكنولوجي النسبي؛ نظرًا لعدم القدرة على تشكيل الظهير المحلى القوى المساند للشريك الأجنبي الجاد، إنْ وُجِد.

وتابع: تأثرت قوة العمالة المصرية سلبا من جراء تدهور منظومة التعليم العام والجامعي، والتعليم التقني والتدريب المهني؛ ما أفقد السوق المحلية جزءا من قوة العمل الجاذبة للاستثمار الاجنبي.

وأشار إلى أنه رغم ان قانون الاستثمار الجديد اعترف بأزمة نقص العمالة المدربة عبر السماح للأجانب بجلب 10% من العمالة المستخدمة في المشروع من الخارج، لكنه ما زالت 90% من العمالة محلية غير مدربة والنظام لم يتحرك في هذ الملف المهم حتى الآن.

وأوضح أنه بالنسبة لعوامل الطلب فإنها تتصل بطبيعة الأسواق، حجمًا وتركيبًا، والسوق المحلية سوق أسعار وليست سوق جودة، ولذلك يتردد المستثمر الأجنبي في الدفع برأسماله وما يملك من تكنولوجيا في سوق تنظر للسعر قبل الجودة.

سعر الفائدة

وأضاف الباحث أن (خفض التضخم وسعر الفائدة) من تلك العوامل الـ11 حيث يعد ارتفاع معدل التضخم ومعدل الفائدة من أهم العوامل التي تؤثر بشكل مباشر على قرارات المستثمرين الأجانب، ومن بينها ارتفاع التضخم، وأسعار الفائدة على الاقتراض، وفى ظل وصول الفائدة البنكية لنحو 20%، وتجاوز معدل التضخم حدود 30%، فانه من الصعب تحسين تدفقات الاستثمار الأجنبي، وبالتالي فان انخفاضهما مستقبلاً سيسهم في زيادة الاستثمار بشكل كبير.

ويرى الباحث أن فرصة تراجع سعر الفائدة موجودة الي حد كبير في ظل سيطرة الدولة علي قرارات البنك المركزي، وبالتالي فمن المتوقع كما تشير الكثير من المراكز البحثية الي تراجع معدل الفائدة بنسبة 200 نقطة أساس حتى نهاية 2018.

أما بالنسبة لمعدل التضخم فمن الصعوبة بمكان استمرار تراجعه، فرفع أسعار المشتقات البترولية في نهاية العام المالي الحالي، وكذلك الإعلان عن حزمة من الإجراءات الاقتصادية التي تهدف الي الوصول إلى معدلات السعر العالمية، كل هذه الإجراءات التي باتت قريبة لا يمكن أن تبشر الا باستمرار ارتفاع معدلات التضخم.

السيطرة الأمنية

وضمن تحديد عامل “مدى سهولة أداء الأعمال” أشار الباحث إلى أنه رغم قانون الاستثمار ولائحته التنفيذية الأخيرة، واستجابة حكومة الانقلاب لطلب صندوق النقد الدولي بإصدار قانون لتسهيل إصدار التراخيص الصناعية والذي اختصر فترة إصدار التراخيص لمعظم المشروعات الصناعية إلى أسابيع بدلاً من نحو عامين في السابق.. فإنه لا تزال السيطرة الأمنية وتغول المؤسسات السيادية وتدخل الجيش في العديد من المشروعات، وسيطرة الأمنيين على إدارات الحكم المحلي والتراخيص، يعطي انطباعا أن الإجراءات وحتي القوانين منها رهينة لتصرف وقرارا هؤلاء، مما يهدد التدفق الاستثماري أو يعطله على أقل تقدير.

الاستقرار السياسي

وضمن هذا العامل قال إن هناك صورة ذهنية للمستثمرين توحي بعدم الاستقرار السياسي بسبب الترويج للحرب على الإرهاب ومجموعة من الإجراءات من بينها استمرار تمديد حالة الطوارئ، والتي يمكن اعتبارها مؤشرا غير إيجابي للمستثمر، إضافة الي العمليات في سيناء، والازمة الاقتصادية بالداخل وما ترتب عليها من شحن سياسي يقابله النظام بالقمعية الشديدة التي تراكم العداوات، ومعاداة السلطة لطوائف بعينها تخطت السياسي منها إلى الرياضي.

ولا يحتاج الوضع السياسي الداخلي في مصر إلى الاجتهاد للتدليل على حالة عدم الاستقرار الذي يعتبر عاملا مهما في طرد وتثبيط حركة الاستثمار الأجنبي الي الداخل.

كما تلعب التوترات الجيوسياسية عالميا، وفي منطقة الشرق الأوسط خصوصا، دورا كبيرا في التثبيط الاستثماري، واتحاده مع الوضع السياسي الداخلي يصعب إمكانية التنبؤ بتطورات مهمة لهذه التدفقات.

الأرقام المعلنة

وأكد ذكر الله أن من الصعوبة تحقيق الأرقام المعلنة رسميًا من الحكومة في مجال جذب الاستثمار الأجنبي، فالمستثمر الأجنبي يريد مناخًا مستقرًا للأعمال، وسياسات ضريبية واضحة لا تتغير باستمرار، وسعر فائدة منخفض فالمستثمر خارج مصر يمكنه الاقتراض بسعر فائدة 2%، بينما في مصر أقل فائدة تتجاوز 18%، وهو ما يجعله يستثمر في أدوات الدين الحكومي ويكسب دون تعب.

وبحسب الباحث، تمثل التدفقات الاستثمارية المحققة، النصف الأول من العام الجاري أقل من 40% من مستهدفات وزارة الاستثمار والتعاون الدولي التي تتطلع لجذب 10 مليارات دولار بنهاية العام المالي المنتهي في 30 يونيو المقبل.

وتشير الأرقام إلى أن معدلات الاستثمار الأجنبي في الشهور الستة الأولى من العام المالي الجاري، غير مطمئنة لقدرة الحكومة على الوصول لمستهدفاتها بنهاية العام، خاصة أن النصف الأول من العام المالي الماضي شهد تدفق نحو 55% من إجمالي استثمارات العام البالغة 7.9 مليار دولار.

كما أن المقارنة مع العام الماضي تشير إلى صعوبة تحقيق هذه المستهدفات؛ حيث كان النصف الأول من العام المالي الماضي أفضل كثيرًا من الفترة نفسها العام الجاري على مستوى التدفقات الاستثمارية الأجنبية غير البترولية، إذ تراجعت إلى 1.7 مليار دولار، مقابل 2.5 مليار في 2016- 2017.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...