هل يشرعن “القضاء الإداري” انحرافات السلطة حول فصل الموظفين المتعاطفين مع الإخوان؟

في فصل الموظفين المنتمين أو المتعاطفين مع جماعة الإخوان المسلمين، لا يحتاج الانقلاب إلى شرعنة انتهاكاته للقانون، فهو ينتهك، ولا يرده أحد إلا بثورة يترقبها المظلومون، فقد فصل نظام الانقلاب بالفعل الآلاف من الطلاب والموظفين بمختلف مؤسسات الدولة خلال السنوات الماضية؛ بدعوى الانتماء لـ”الإخوان”، وذلك في حلقة من مسلسل جرائم العسكر بحق مؤيدي الشرعية.

ولكن من حين لآخر تتكشف انحيازات أطراف الدولة العميقة بواقع المصالح المشتركة مع الإنقلاب كما هو في انحياز بعض القضاة إلى الانقلاب وما تنضح به أحكامهم من مجافاة للقانون والدستور الذي حوله العسكر لصنم من عجوة ينتفون منه كلما جاعوا.

كما رصد ذلك المتابعون بحكم محكمة القضاء الإداري في 27 ابريل، بإحالة دعوى مقامة من محام مغمور يدعى طارق محمود، يطالب فيها بإلزام السلطات بإصدار قرار بفصل جميع الموظفين المنتمين لجماعة الإخوان من المناصب والوظائف التي يشغلونها في الجهاز الإداري للدولة، لهيئة مفوضي مجلس الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها.

استجابة للضغوط

واعتبر محللون أن الحكم من المفوضين المرتقب سيكون بداية السيسي مذبحته ضد موظفي مصر لتصفية 4 ملايين موظف، قبل يونيو 2019، ويمهّد لذلك بتشريعات تستهدف الإخوان المسلمين أولًا ثم ينتقل لباقي موظفي الدولة.

وقال مراقبون: إن دعوى إلزام السلطات بالفصل ليست الأولى من نوعها، لكنها تؤكد خوف الانقلابيين من أي مواطن حر، بغض النظر عن كونه من الإخوان أم لا؛ حيث يردد كل من رفعوا دعاوى بهذا الشأن – ومعهم إعلاميو الانقلاب – أن ” وجود أعضاء وكوادر الجماعة في مناصبهم حتى الآن دون صدور قرار بفصلهم يعرض المصالح العليا للبلاد للخطر باعتبارهم منتمين لجماعة إرهابية”!.

وأضافوا أن هذه الدعاوى تنضح به من عنصرية ورغبة في الإقصاء، كما تؤكد أن سلطة الانقلاب ماضية في تدمير بنية المجتمع المصري وتكميم الأفواه بطريقة انتقائية لا تقوم على أي دليل ولا تستند إلى أي قانون، وهو ما يزيد من شحن المجتمع ضدها وليس العكس.

استمرار الجور

والحكم يعتبره البعض استمرارا لأحكام أخرى جائرة؛ حيث قضت محكمة القضاء الإداري في البحيرة في 12 يوليو 2016، بفصل 510 موظفين بجامعة دمنهور، بادعاء مجاملة قيادات الإخوان بالبحيرة، ومنهم النائب السابق د. جمال حشمت في تعيينهم، خلال فترة حكم د. محمد مرسي، وهو ما نفاه الموظفون ومن اتهموا بهذا الاتهام الباطل، وكان رئيس المحكمة المستشار أحمد محمد بكار أصدر حكم بالفصل وإعادة المسابقة تحت زعم تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية!

ومن أبرز تلك المصالح التي يسعى إليها مصدروا القرارات التعسفية، قرر عضو الحزب الوطني المنحل مصطفى خليل، والذي عينه الأمن الوطني بالفيوم مدير الإدارة التعليمية بسنورس ثم بطامية محافظة الفيوم، استكمال “دوره” الأمني، بفصل 43 مدرسًا من العاملين بالإدارة بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، زاعما أنه قرر تطبيق نص المادة 98 من قانون العاملين رقم (47) الذي ينص على الفصل مباشرة بعد المدة القانونية للغياب والمقررة بـ15 يومًا متصلة.

كما فصل “خليل” 129 مدرسًا ينتمون للجماعة إبان توليه مهام منصبه مديرًا لإدارة سنورس التعليمية العام الماضي، من بينهم 3 قيادات هاربين، مطالبًا بضرورة تطبيق نص القانون في كافة المصالح الحكومية دون اللجوء للشئون القانونية؛ حتى لا تكون له فرصة في العودة إلا من خلال المحكمة.

كما قرر مجلس الانقلاب بجامعة كفرالشيح في أغسطس 2017؛ إنهاء خدمة الدكتور جمال أحمد الشربينى مصطفى، الأستاذ بقسم الفارماكولوجي بكلية الصيدلة، بدعوى الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، وتنفيذ قانون الخدمة المدنية الذي أصدره قائد الانقلاب السيسي.

عسف مبكر

ومبكرا قال صلاح زيادة محافظ المنيا في 2015 إنه “لن يعود موظفو الإخوان المفصولون إلى أعمالهم حتى وإن برّأهم القضاء”، وذلك بعدما قام بفصل المئات تعسفيا من موظفي الإخوان ممن اعتقلوا وحصلوا علي إخلاء سبيل من النيابة وحكم قضائي بعودتهم إلى وظائفهم.

وكان محب الرافعي، وزير التربية والتعليم بحكومة الإنقلاب السابق، أعلن فصل أي معلم إخواني نهائيًّا من المدرسة وتحويله لوظيفة إدارية، مشيرًا إلى أنه لا يملك قائمة محددة بأعداد المعلمين والإداريين الإخوان الذين يعملون في الوزارة، وأنه بعد اطلاعه على التقارير المعدة بشأنهم.

وقالت الوزارة إن هناك أكثر من 200 مدرس تم فصلهم من مناصب مهمة وقيادية وإحالتهم إلى أعمال إدارية، بعدما ثبت انتماؤهم لجماعة الإخوان المسلمين، مشيرة إلى أن هذا العدد هو حصيلة العام الدراسي الماضي فقط، بخلاف التحفظ على ما يقرب من 100 مدرسة مملوكة لأعضاء من جماعة الإخوان المسلمين.

ومن بين عشرات الأكاديميين المعتقلين من مختلف الجامعات في مصر (165) أستاذًا فصلت جامعة القاهرة في فترة جابر نصار نحو 16 أكاديميًا منهم 6 في ديسمبر 2017.

آلاف الإخوان

وسبق أن كشفت مصادر إعلامية عن أن الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وبناء على أوامر أمنية بدأ في مراجعة ملفات 112 ألف موظف، تقول الأجهزة الأمنية إنهم التحقوا بالجهاز الإداري للدولة في عهد الرئيس محمد مرسي، وطالبت الأجهزة الأمنية بمراجعتها وإنهاء خدمة من يثبُت منهم انتماؤه لجماعة الإخوان المسلمين.

وأصدرت الأجهزة الأمنية تكليف إدارات بعينها بمراجعة ملفات القضايا السياسية بالمحاكم والنيابات لحصر أعداد الموظفين المعتقلين والصادر بحقهم أحكام لانتمائهم للإخوان، وطبقا للإحصاء فإنهم توصلوا لوجود 5 آلاف موظف معتقل حاصلين على أحكام نهائية أو أحكام من الدرجة الأولى والثانية وخاصة بوزارات التربية والتعليم والأوقاف والتنمية المحلية والتعليم العالي.

وترددت أنباء عن فصل حوالي 200 موظف في مجلس النواب ووزارتي الخارجية والعدل، من الوظيفة العامة أو نقلهم إلى هيئات خدمية لا تناسب خبراتهم أو مؤهلاتهم تابعة لوزارات النقل والزراعة والتعليم، وذلك بعدما أجريت تحريات أمنية واسعة على جميع الموظفين العاملين في كل الجهات الحساسة بالدولة في الفترة من أبريل إلى يوليو 2018، ونتج عنها تحديد أسماء هؤلاء الموظفين الذين تم استبعادهم.

وتبع هذا قول صالح الشيخ، رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، إن “هناك بعض الجهات الحكومية أخطرت الجهاز بأسماء موظفين يعملون لديها، وينتمون للجماعات المحظورة والإرهابية” وأن هذه الجهات هي المسئولة والمختصة باتخاذ إجراءات مع الذين يثبت انتماؤهم لهذه الجماعات، طبقا لـ”قانون الخدمة المدنية”، الذي يشترط توافر النزاهة والكفاءة لدى موظفي الدولة.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...