سيناريوهات مستقبل مصر بعد إقرار التعديلات الدستورية

أكد سياسيون واقتصاديون مصريون أن التعديلات الدستورية التي أدخلها نظام رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي على دستور ما بعد الانقلاب 2014، بما يسمح له بالبقاء بالسلطة لمدة 11 عاما مقبلة، لن يكون لها تأثيرات إيجابية على المستويين السياسي أو الاقتصادي.

ويوضح المختصون سيناريوهات ما بعد التعديلات، بالقول أن السنوات التي تلت الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2013، شهدت أكثر من محطة كان يمكن أن تعيد بلورة المشهد السياسي في مصر بشكل أفضل، ينهي حالة الاستقطاب والعنف السياسي الذي يمارسه النظام، ولكنه لم يحدث.

ويشير الخبراء إلى أن الهدف من التعديلات الأخيرة، لم يكن مجرد بقاء السيسي بالحكم، وإنما لترسيخ أقدام المؤسسة العسكرية في الشأن السياسي، بما يتيح لها أن تكون سلطة أكبر من أي دستور، وهي رغبة قديمة حاول المجلس العسكري أن ينفذها قبل إقرار دستور 2012، بمبادرات الدكتور علي السلمي والدكتور يحيي الجمل، ولكنها فشلت وقتها.

ويلمح المختصون إلى أن كل مواد التعديلات لم تتحدث عن الفلسفة الاقتصادية والمجتمعية للبلاد، خاصة وأن التطبيق العملي لدستور 2014، نتج عنه مشاكل عديدة بهذه المجالات، ومع ذلك كان التركيز على الجانب السياسي فقط في التعديلات.

دستور جديد

من جانبه يؤكد الخبير الدستوري أحمد الكومي أن هذه التعديلات لن تكون الأخيرة على دستور 2014، متوقعا أن يكون هناك تعديل آخر، أو تغيير شامل بعد استقرار التعديل الحالي، بما يعيد مصر لسنوات كثيرة للوراء، خاصة وأن الأصوات التي طالبت بصياغة دستور جديد على أنقاض الدستور القائم، بدأت في الظهور بشدة خلال الترويج للتعديلات الأخيرة.

ويضيف الكومي قائلا: “السيسي لا يعترف بمصطلح الرئيس السابق، ولذلك فإنه حقق مكسبا بالتعديلات الأخيرة، التي أتاحت له فرصة الاستمرار بالحكم حتى 2030، ولكن لم يكن هذا هو الهدف وحده، خاصة وأن التعديلات كانت أقرب لصفقة بين المؤسسة العسكرية والسيسي، بأن يسمحوا له بالبقاء، مقابل فرض سيطرتهم بشكل دستوري وقانوني على السلطة والحكم والاقتصاد”.

وحسب الخبير الدستوري، فإن السيسي لا يهمه الدستور، باعتباره أكثر من خالفه منذ اليوم الأول لانقلاب يوليو 2013، عندما أزاح رئيس الجمهورية المنتخب، وعطل الدستور القائم، وفرض رئيسا مؤقتا، وقام بالعديد من المجازر في سبيل ترسيخ أقدامه بالحكم، ما يعني أنه لا يعنيه حياة سياسية جيدة، أو تداول سلمي للسلطة، وأن هامش الحريات الذي كان بمثابة عرف دستوري لنظامي السادات ومبارك، أصبح حلما يراود المدافعين عن الحرية في عهد السيسي.

انفراجة محسوبة

في المقابل يتوقع الباحث السياسي بجامعة القاهرة أسامة أمجد أن تكون هناك انفراجة محدودة سياسيا، يمكن أن تتمثل في تصفية ملف المعتقلين، وتخفيف القبضة الأمنية ولكن بما لا يسمح بأي حركة شعبية أو جماهيرية، في إطار تقسيم المشهد السياسي لثلاثة أجزاء.

ويؤكد أمجد أن الجزء الأول بهذا التقسيم، هو المتعلق بالرئاسة ومنظومة الحكم العليا، وهو الجانب الذي لن يسمح السيسي بالاقتراب منه، أما الجزء الثاني فهو المتعلق بالمشاركة السياسية والتي يمكن أن تشهد انفراجة محسوبة، سواء على صعيد المؤسسات التشريعية أو حركة الأحزاب السياسية في الشارع والمحليات، أما الجزء الأخير فيتعلق بالعمل المدني والذي تمثله النقابات المهنية والجمعيات الأهلية، والذي يمكن أن يكون الأكثر توسعا في المشاركة عن سابقيه.

ويستبعد الخبير السياسي أن يقوم نظام السيسي بمصالحة شاملة مع الإخوان المسلمين، خاصة وأن أي مصالحة ستكون مرتبطة بوضع الرئيس محمد مرسي، وكبار قيادات الإخوان، وهو الأمر الذي لا يعتبره السيسي مجال نقاش، وإن كان هذا لا يمنع من حدوث انفراجة بملف المعتقلين وخاصة من الشباب.

تراجع اقتصادي

على جانب آخر يوضح الخبير الاقتصادي كامل المتناوي، أن التعديلات لن يكون لها مردود اقتصادي إيجابي على المواطن، طالما لم يكن لها نتائج إيجابية على الجانب السياسي، وفي الحالة الراهنة، فإن التعديلات تزيد من سطوة واستبداد النظام، ومنح المؤسسة العسكرية المزيد من السيطرة على الاقتصاد والسياسة، وهو ما يمثل مؤشر خطر على أي تنمية اقتصادية.

ويضيف المتناوي قائلا: “للأسف البورصة المصرية شهدت انخفاضا وتراجعا خلال أيام الاستفتاء الثلاثة، وهو انعكاس لرؤية المستثمرين للوضع السياسي وتأثيره على القطاع الاقتصادي، وفي حال استمرت نفس سياسات الدولة الاقتصادية، القائمة على الديون، وترسيخ الهيمنة الاقتصادية للمؤسسة العسكرية، فإن الوضع الاقتصادي لن يشهد أي تحسن”.

وعن تأثير استقرار الوضع السياسي للسيسي على التنمية الاقتصادية، يؤكد الخبير الاقتصادي أن الوضع السياسي ليس مستقرا، وليس هناك دلائل على استقراره، وليس معنى بقاء السيسي بالحكم، أن الأوضاع سوف تستقر، لأن أداء السيسي في حد ذاته سبب في الأزمة الاقتصادية، ما يعني أن استمراره في السلطة هو استمرار لنفس الأداء وبالتالي استمرار لنفس الأزمة.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...