بعد تضخم الديون وفوائدها.. السيسي يُحلّق بمصر في عصر ناطحات الفوائد

واقع الأمور التي يراها المصريون ويعلمون عنها الكثير، توقّعهم بأن كارثة قادمة لا محالة، فمصر تسير بالديون، والانقلاب يسعى إلى تقليل الديون بمزيد من الاستدانة لديون طويلة الأجل يجري ترحيلها للأجيال القادمة لسداد الديون قصيرة الأجل.

وبات من أبرز كوارث الفوائد، أن التزامات الديون والقروض المحلية والأجنبية على مصر تقفز إلى 375.5 مليار جنيه خلال العام المالي المقبل، بزيادة قدرها نحو 99.5 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي، وفق وكالة “إنتربريز”، ومن المتوقع ارتفاع إجمالي الفوائد المستحقة على الديون إلى 569 مليار جنيه خلال العام المالي المقبل، منها 44.7 مليار جنيه قيمة فوائد الدين الخارجي و2.2 مليار جنيه فوائد السندات الدولارية.

أما عن ملامح الأزمات المتوقعة خلال المرحلة القادمة، فتأتي نتيجة تزايد الديون بصورة كبيرة جدا وغير مسبوقة، وتأثير ذلك كله على مستقبل الاستثمارات في مصر خلال المرحلة القادمة.

حجم الكارثة بات صعبًا تخيله على الخبراء الماليين، فالمستشار المالي لعدد من الشركات، عصام عبد المحسن، رأى أنه على افتراض وجود دولة ميزانيتها ١٠٠٠ مليار جنيه، وأن أكثر من نصف هذا المبلغ ٥٤٥ مليار جنيه يقدم لسداد فوائد الديون فقط وليس الديون. ولكنه في الواقع شدد على أن “بلاءنا في مصر هم حكام ظلمة وجهلة أغرقوا مصر وأوحلوها بالديون”.

ثلث المصروفات

وأظهرت بيانات البيان المالي التمهيدي لمشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية المقبلة، ارتفاع قيمة مخصصات فوائد الديون بمشروع الموازنة بنسبة 6.7%، لتلتهم أكثر من ثلث مخصصات المصروفات في العام المقبل.

وبحسب البيان المالي التمهيدي للموازنة، والصادر مساء 31 مارس الماضي، عن وزارة المالية، تستهدف الوزارة أن تسجل قيمة فوائد الديون 569.1 مليار جنيه في العام المالي 2019-2020 مقابل 533.2 مليار جنيه متوقعة للعام المالي الجاري.

ورغم زيادة القيمة المتوقع أن تسجلها الفوائد في العام المقبل بحوالي 35.9 مليار جنيه عن المتوقع لها في العام الحالي، فإن نسبتها المستهدفة ستنخفض في العام المقبل إلى 36.1% مقابل 38% خلال هذا العام.

وتوقعت المالية أن ينخفض متوسط سعر الفائدة على الأذون والسندات الحكومية خلال العام المالي المقبل إلى 15.5%، مقابل 18% للعام الجاري.

بيع شركات الدولة

واستجابة لضغوط صندوق النقد الدولي، وافقت حكومة الانقلاب على مشروع قرار بإنشاء صندوق لتمويل برنامج تطوير الشركات المملوكة للدولة، علما أن مصر تخطط لبيع أسهم في عشرات الشركات المملوكة للدولة على مدار السنوات القليلة القادمة، للمشاركة في دعم المالية العامة، في إطار إصلاحات اقتصادية أوسع نطاقا، مرتبطة ببرنامج قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد تم التوصل إليه أواخر 2016.

وتملك الدولة قطاعات واسعة في الاقتصاد المصري، وتخطط حكومة الانقلاب لبيع حصص في 3 بنوك، وشركة لصناعة السجائر (الشرقية للدخان)، وشركة للخدمات النفطية، وشركة للأسمدة بين شركات أخرى.

وكانت حكومة السيسي تخطط لبيع حصص فيما يصل إلى خمس شركات في الفترة من أكتوبر 2018 إلى نهاية العام الماضي، لكنها تخلت عن تلك الخطط بعدما تراجعت الأسهم بحدة في الأسواق الناشئة العام الماضي. وكان من المتوقع أيضا بيع حصص في 18 شركة على مدار العامين إلى الثلاثة أعوام القادمة. وأشار وزير المالية بحكومة الانقلاب محمد معيط، إلى أن الحكومة ستستأنف برنامج الخصخصة “قريباً”.

أزمة في العقارات

وبحسب تقرير “عقار ماب”، المعني بحركة البيع والشراء داخل السوق، فإن القطاع العقاري في مصر يمر حاليًا بمرحلة تغيُّرات على جميع الأصعدة؛ نتيجة تغير الزيادة في المعروض من الوحدات وتراجع القدرة الشرائية، بجانب تباطؤ البيع، بالإضافة إلى عدم تنوع آليات التمويل، مشيرًا إلى أن التراجع على طلب شراء العقارات بدأ يظهر بقوة منذ شهر أكتوبر الماضي بنسب وصلت إلى 12%.

كما أسهم الانقلاب في زيادة أزمات المطورين العقاريين، فبالرغم من ظهور مؤشرات قوية على حدوث فقاعة عقارية في السوق المصرية، إلا أن جنرالات العسكر واصلوا سياستهم التي تحولوا بها إلى تاجر أراضٍ ومقاولٍ ومطورٍ في نفس الوقت، لمنافسة الشركات في مشروعات الشرائح مرتفعة الدخول، وإهمال الحاجات الأساسية للمواطنين، الأمر الذي أدى إلى قرب انهيار هذا القطاع الذي كان يعتبره كثيرون صمام الأمان للاقتصاد المصري.

كارثة الفوائد

وتمثل فوائد الديون كارثة تهدد الاقتصاد المصري، وذلك مع ارتفاع معدلاتها في مقابل إيرادات الميزانية، وقال إبراهيم نوار، الخبير في الشأن الاقتصادي: إنه من المرجح أن تصل قيمة فاتورة أقساط وفوائد الديون على حكومة الانقلاب إلى 1150 مليار جنيه تقريبًا في السنة المالية الجديدة، أي ما يقرب من خمس قيمة الإنتاج المحلي.

وأضاف أن تكلفة خدمة الديون تعادل 183.7% من حصيلة الضرائب الكلية، حيث تبلغ الإيرادات الضريبية 856.7 مليار جنيه. بينما فاتورة فوائد الديون وحدها (أي بعدم احتساب الأقساط) تعادل حوالي 70% من الحصيلة الكلية للضرائب، وتبلغ أيضا 73.1% من إجمالي المصروفات، حيث تبلغ المصروفات التقديرية 1574 مليار جنيه، كما تبلغ 17.8% من الناتج المحلي الإجمالي، المقدر بنحو 6.16 تريليون جنيه، وأكثر من 3 أمثال قيمة الأجور والرواتب، و6 أمثال مخصصات الإنفاق على التعليم العام والجامعي والصحة مجتمعين.

ووفق ما أفاد به مصدر مطلع لوكالة رويترز اليوم، فإنه من المقرر أن تعلن يوركلير رسميًا عن مذكرة تفاهم مع حكومة الانقلاب لتهيئة الظروف المناسبة للسوق لإصدار الديون السيادية بالعملة المحلية.

وفي وقت سابق، أظهرت بيانات رسمية أن الاستثمار الأجنبي في مصر تراجع خلال الأشهر الستة الأولى من العام المالي الجاري 2018/ 2019 بمعدل كبير بلغ 24.4%، ليحقق 2.8 مليار دولار، مقابل 3.76 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام السابق.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...