فآتاهم الله من حيث لم يحتسبوا

تابعت ما يحدث في الاراضي المحتلة من حرائق ، تحرق الاخضر واليابس ، والتي ظلت اربعة ايام لم يستطع احد اخمادها  ، وهي لم تخمد حتي كتابة هذه السطور ..!!

رغم تباين التحليلات ، واختلاف التفسيرات ، وتباعد التوقعات ، الا انها حتما رسائل من رب الارض والسموات …!!  ايات كونية  وظواهر طبيعية ورسائل الهية تخويفية  ” وما نرسل بالايات الا تخويفا ”  الاسراء

ادرت رأسيى  ، واستدعيت خواطري ، واسترجعت ما قرأت لأكتب  – بتوفيق الله –  هذه السطور …!!

لاتجدي تكنولوجيا بدون الله ، ولا تنفع قوة بدون الله ، ولا تبقي حياة ناعمة او طاعمة مطمئنة  بدون الله ..!!

اذا اغتر الناس اخذهم رب الناس ” حتي اذا اخذت الارض زخرفها وازينت وظن اهلها انهم قادرون عليها  اتاها امرنا ليلا او نهارا فجعلناها حصيدا كان لم تغن بالامس ان في ذلك لاية لقوم يتفكرون ” يونس

وهذا لكل الناس ، اذا اصابهم الغرور ..!! مؤمنهم وكافرهم ، ابيضهم واسودهم ، قويهم وضعيفهم ، غنيهم وفقيرهم ، الحاكم والمحكوم ، الرئيس والمرؤوس ،  اذا تعدوا الحدود واكلوا الفروض وخانوا العهود  وتملكهم الغرور ، ضربهم الله باياته  انتقاما او ابتلاء ، اخذا او عطاء ، “واما عاد فاستكبروا في الارض بغير الحق وقالوا من اشد منا قوة او لم يروا ان الله الذي خلقهم اشد منهم قوة وكانوا باياتنا يجحدون * فارسلنا عليهم ريحا صرصرا في ايام نحسات  لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الاخرة اخزي وهم لا ينصرون ” فصلت

التحصن بالقوة من دون الله ضعف ، والتحصن بالمال من دون الله  فقر ، والتحصن بالعزوة من دون الله عزلة ، اما التحصن بالله عز وجل فهو القوة والغني والعزوة …!!

والذين يفضلون الضلال علي الحلال ، والكفر علي الايمان ، والخير علي الشر ، والعمي علي الهدي  ، يحيطهم غضب الله وانتقامه فيضربهم بصواعقه ”  واما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمي علي الهدي فاخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون ” فصلت

هذا علي المستوي الجماعي ، اما علي المستوي الفردي فاليك عزيزي القارئ ما جاء به القرآن الكريم …!! 

قال فرعون ” انا ربكم الاعلي ” النازعات ،   فاهلكه الله في الاسفل  ( قاع البحر )

 وقال  ” ما علمت اكم من اله غيري  وهذه الانهار تجري من تحتي ” القصص 

 فجعل الله الانهار تجري من فوقه …اتاه الله من حيث لم يحتسب  فاغرقه …!!

اصدر اوامره بان اي مولود ولد يذبح فورا  ” يذبح ابنائهم ويستحي نسائهم ”  القصص

والولادة التي لم تبلغ  تقتل مكان المولود ، لكن الله تعالي قضي علي ملكه بمولود تربي في قصره ” لاتقتلوه عسي ان ينفعنا او نتخذه ولدا وهم لا يشعرون ”  القصص

 اتاه الله تعالي من حيث لا يحتسب فقتله بنفس القانون الذي سنه ، فكانت نهايته علي يد المولود الذي نجا من قتله و الذي تربي في قصره …!!

قارون كانت مفاتحه لتنوء بالعصبة اولي القوة ،

” اذ قال له قومه لا تفرح ان الله لا يحب الفرحين ”  لا يحب الفرحين بالظلم والاستبداد والبغي والبطش  امثالك ….!! ” قال انما اوتيته علي علم عندي ”  القصص  تحبرا وتكبرا وتعاليا …!!

كانت النتيجة ” فخسفنا به وبداره الارض وما كان له من قوة ينصرونه من دون الله وما كان من المتصرين ” القصص

 

انتصر البدريون بفقرهم الي الله وبذلتهم لله ” ولقد نصركم الله ببدر وانتم اذلة ” ال عمران

 

اما يوم حنين قالوا : لن نهزم اليوم من قلة ، فاوكلهم الله اي انفسهم ” ويوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم  فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ”  التوبة

 

كان من دعاء النبي صلي الله عليه وسلم : اللهم لا تكلنا الي انفسنا طرفة عين  ..

قال سليمان عليه السلام  ” رب اغفرلي وهب لي ملكا لاينبغي لاحد من بعدي “

طلب الغفران والاعتراف بان الذي يهب هو الرحمن  اعطاه الله الملك ، فكانت الريح تحمله ، والطير تخدمه ، والجن تغوص له في الارض فتبني له من الصروح ما يشاء وتستخرج له من الكتوز ما يريد ..!!

لم يطغي ولم يتجبر ولم يتكبر  وانما قال ” هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر ام اكفر ”  النمل

 

قرأت  انه في ليلة القدر في عام من الاعوام دعا امام الحرمين علي اليهود ربع ساعة ، بكي وابكي المصلين ، وفي ذات الوقت هيأ اليهود طائرتين لضرب جنوب لبنان ، فيها ضباط يهود علي اعلي مستوي ، مدربين تدريب عال ، تكلفة كل واحد يقارب خمسة ملايين دولار ، غادرتا الطائرتان ، لكن فور اقلاعهما وقعت واحدة علي الاخرى وسقطتا فوق مستعمرة ، وخسر اليهود خسائر فادحة ، لما سمعوا الصندوق الاسود فكان اخر ما قاله الطيار : انا اسقط ولا ادري لماذا اسقط …

” فآتاهم الله من حيث لم يحتسبوا ” 

 

ما يحدث الان في الارض المحتلة يذكرنا بما حدث سابقا وذكره الله في كتابه … كيف ؟!!

” هو الذي اخرج الذين كفروا من اهل الكتاب من ديارهم لاول الحشر ماظننتم ان يخرجوا وظنوا انهم مانعتهم حصونهم من الله فآتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب فاعتبروا يا اولي الابصار ” الحشر 

 

 كانت لليهود حصون قوية وبساتين ثرية واعوان مواتية ، ( خيبر وقريظة وقينقاع ) بالاضافة الي عملائهم من المنافقين ،  قالوا لن يقدر احد اي كان علي اخراجهم “وظنوا انهم مانعتهم حصونهم من الله “

 وغيرهم من المؤمنين كذلك ” ما ظننتم ان يخرجوا ”   ظنوا انهم الو قوة ، اولو باس ولن يحركهم احد ولن يزحزحهم شئ ،  ” فآتلهم الله من حيث لم يحتسبوا ” اناهم من داخل قلوبهم لا من حصونهم ، اتاهم من داخل نفوسهم لا من داخل قصورهم ، فقذف فيها الرعب …!!

القلوب بين اصبعين من اصابع الرحمن ، تملأ باليقين او تملأ بالرعب ، قل النبي الكريم نصرت بالرعب مسيرة شهر ، لكن الامة لما تركت سنته واهملت رسالته هزمت بالرعب مسيرة سنة ..!!

 

الانسان اي انسان مؤمن اوكافر ، جاحد او شاكر ، مقيم او مسافر ، اذا اعتد بقوته او ماله فهو مهزوم مهما تحصن بالحصون ، لا قوته تمنعه من الله ، ولا حصونه تمنعه من الله ، فالله هو القاهر الغالب ، القوي القادر ، المغز المذل ، المانح المانع ، فمن نسي الجبار العلي ، من تخلي عن الله وتولي غير الله ،فهو ضعيف مهزوم مهما بلغت قوته ، ومهما قويت حصونه “فآتاهم الله من حيث لم يحتسبوا “

وما حدث لليهود في الوقت الحالي من حرائق انتشرت في ربوع فلسطين المحتلة ما هي الا اية من ايات الله ، تجبروا وتكبروا ونسوا ان هناك اله يتحكم في كونه ويري ما يحدث لعباده من ظلم الظالمين ،  فيسمع لدعوات المظلومين ،  كانوا يرسلون قمر صناعي انفجر الصاروخ واشعل البلاد المحتلة والفئات المغتصبة ، ودب الرعب في القلوب ،حسبوا انها تكنولوجيا ، لكن الله تعالي اتاهم من حيث لم يحتسبوا ، فانتشرت النيران بفعل الرياح ، لتكون درسا لكل ظالم مستبد ، يغتصب البلاد ويظلم العباد …!!

اللهم عليك بالظالمين المحتلين ، ارنا فيهم اياتك فانهم لا يعجزونك …!!

اللهم انصر عبادك المستضعفين في فلسطين وفي كل مكان يارب العالمين ….

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...