“الدستور كان سكره زيادة”.. هل يطبخ السيسي للمصريين نسخة أكثر مرارة؟

عبثًا بحث النائب في برلمان الدم “أسامة هيكل”، عن حجة تسوغ لجنرال إسرائيل السفيه السيسي تعديلاته الدستورية، وفي نفس الوقت تكون تلك الحجة طازجة وخارج الصندوق، فتفتّق ذهنه عن مقولة غاية في الغرابة والدهشة ومثيرة للسخرية، عندما قال إن “الدستور كان سكره زيادة ومن حلاوته الزيادة الناس ما استطعمتوش”!.

فيما أكد خبراء ومختصون في الشئون السياسية، أن إصرار السفيه السيسي على تمرير التعديلات الدستورية خلال شهر أبريل الجاري من عام 2019، رغم الأحداث الساخنة التي تشهدها دول الربيع العربي الجديدة السودان والجزائر، نتيجة خطة مسبقة، ارتبطت بترتيبات داخلية وأخرى خارجية، تدعمها واشنطن وكيان العدو الصهيوني والخليج.

من جهته يقول وكيل لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري سابقا، محمد جمال حشمت، إن السفيه السيسي “لديه قناعة بأن وجود الرئيس الأمريكي ترامب بالبيت الأبيض سوف يساعده في تمرير هذه التعديلات، وهو ما اتضح بشكل كبير في إعلان ترامب الصريح بعدم اعتراضه عليها خلال زيارة السيسي الحالية لواشنطن، وهو ما يشير إلى أن الأهم عند السيسي هو مدى القبول الأمريكي بالتعديلات، وليست القناعة الشعبية بها”.

تنازلات مفضوحة

ويوضح حشمت أن “الحكومات الغربية لا ترغب في رحيل السيسي، على عكس موقف منظمات المجتمع المدني بهذه الدول، باعتبار أن السيسي يقدم لهذه الحكومات خدمات جليلة دون أن يكلفها أي شيء سوى غض الطرف عن جرائمه في ملف حقوق الإنسان، كما أنه في مقابل دعمها لوجوده يقدم لها رشاوى مفضوحة”.

ويحدد البرلماني السابق هذه الرشاوى “بصفقات السلاح التي توسع فيها السيسي خلال السنوات الماضية رغم الأزمة الاقتصادية التي تشهدها مصر، أو بمنحها حقوق التنقيب عن الغاز والبترول بامتيازات تمثل نهبا للثروات الطبيعية، أو بالقروض التي لجأ إليها بشكل دمر الموازنة العامة، بالإضافة إلى دوره في محاربة حركات الإسلام السياسي بحجة محاربة الإرهاب نيابة عن العالم، كما يزعم في خطاباته”.

ويرى حشمت أن “أخطر ما قدمه السيسي لصالح أمريكا وإسرائيل مقابل تمرير التعديلات كان الجيش المصري نفسه، الذي تحول لخط دفاع لصالح إسرائيل في سيناء، وهي الخطة القديمة التي لم تستطع الإدارات الأمريكية تنفيذها خلال الأعوام التي سبقت الانقلاب العسكري للسيسي في يوليو 2013، وهو ما يبرر الدعم الكبير الذي تقدمه القيادات الإسرائيلية للسيسي لدى الإدارة الأمريكية على وجه التحديد”.

ميلشيات ناصرية

ويرى مراقبون أنه رغم التحذيرات التي تلقاها السفيه السيسي من بعض الأجهزة الأمنية عن خطورة إجراء الاستفتاء على التعديلات الدستورية خلال الوقت الراهن، نتيجة الثورات التي تشهدها عدد من الدول العربية مثل الجزائر والسودان، إلا أن الفريق الأكثر نفوذا وجد أن المرحلة الحالية مناسبة لإنهاء ملف الدستور قبل الانتخابات البرلمانية في 2020.

ويشير المختصون إلى أن التركيز على المواد المتعلقة بمدد الرئاسة، وبقاء السفيه السيسي في الحكم حتى 2034، جعل الرأي العام يغفل عن أسباب أخرى لهذه التعديلات تعكس تصور عصابة العسكر لحكم مصر خلال المرحلة المقبلة، سواء فيما يتعلق بفرض المزيد من نفوذ وسيطرة القوات المسلحة، أو من خلال الإجهاز بشكل دستوري على ما تبقى من استقلال السلطة القضائية، بالإضافة إلى العودة بمصر لفكرة التنظيمات والميلشيات الناصرية، بعيدا عن التجربة الحزبية.

وبدأت إرهاصات تعديل دستور الانقلاب، عقب إشارة السفيه السيسي، في سبتمبر 2015، إلى إمكانيّة تعديل الدستور، إذ قال: “الدستور المصري كُتب بنوايا حسنة، والدول لا تُبنى بالنوايا الحسنة فقط”، لتبدأ بعدها أذرعه الإعلامية في جمع عتادها وعقد الحوارات التي تُبرّر إجراء تعديلات على دستور 2014؛ لمنح السفيه السيسي صلاحيات أوسع ومددًا أطول، ليستمر الحديث وترتفع وتيرته وتنخفض حتى يومنا هذا.

نهاية السيسي

وظهرت ملامح مسودة تعديل الدستور، والتي جرى إعدادها مسبقًا داخل مقر جهاز الاستخبارات العامة، تحت إشراف الضابط محمود السيسي، نجل السفيه السيسي، ومستشار الأخير القانوني، محمد بهاء أبو شقة، وتروج وسائل الإعلام الموالية للعسكر أن استمرار السفيه السيسي في منصبه ضروري حتى يستكمل المشاريع “القومية” التي بدأها، وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة، وعدم توقفها في حالة تولي رئيس جديد للبلاد، في اعتراف ضمني منها بعدم جدواها الاقتصادية، وهو ما أكده الإعلامي الموالي للعسكر، المعتز بالله عبد الفتاح، قائلاً، في مقطع فيديو: “إن بطن البلد مفتوحة، ولا بديل عن تعديل الدستور، واستمرار السيسي”.

ويتردد أنه بعد ثورة 25 يناير 2011 وأثناء الاستفتاء على التعديلات الدستورية، أشار وقتها معتز عبد الفتاح- القريب من العسكر حالياً- على أحد قادة المجلس العسكري بمشورة، طبقها ملوك بني أمية من قبل بمواجهة خصومهم، القصد منها نشر الانشقاق بين صفوف ثوار الميدان، ومفادها أن “ألق إليهم أمرا إذا قبلوه اختلفوا وإذا رفضوه اختلفوا”.

وفيما يتعلق بالأحداث المحيطة بمصر وتأثيرها على تمرير التعديلات، يؤكد الخبير السياسي أحمد الشافعي أن هناك أصواتا داخل عصابة الانقلاب “حذرت بالفعل من استكمال خطة التعديلات، نتيجة الأحداث الساخنة بالجزائر والسودان، وقبلها أزمة الصحفي جمال خاشقجي في السعودية، ولكن في النهاية فإن السيسي نفسه اعتبر أن التراجع عن التعديلات يعد انتقاصًا من قوته وقبضته الأمنية، وبالتالي سار بالتعديلات وفق الجدول الزمني الذي سبق أن وضعه لها”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...