برلمان السيسي يتجاهل كوارث الاقتصاد ويسابق الزمن لتمرير التعديلات

في الوقت الذي يستصرخ فيه أحد نواب برلمان العسكر زملاءه المشغولين بالتعديلات الدستورية، أن ينقذ البرلمان مستقبل مصر من الديون التي دمرت بيوت المصريين وتهدد معيشتهم، بعد أن ارتفع مستوى خدمة الدين إلى معدلات غير مسبوقة، كشفت مصادر مطلعة في برلمان العسكر عن أن رئيس المجلس، علي عبد العال، دعا لجنة الشئون التشريعية إلى الانعقاد بشكل مغلق في حضوره، اليوم الثلاثاء، للتصويت على تقرير اللجنة الفرعية المُشكلة لدراسة تعديلات الدستور، إيذانًا بصياغة اللجنة للمشروع النهائي للمواد المقترح تعديلها، وطرحه للمناقشة والتصويت في جلسات البرلمان المنعقدة أيام 14 و15 و16 أبريل الحالي.

وكان النائب محمد بدراوي، عضو اللجنة الاقتصادية ببرلمان العسكر، قد قال في حديثه بالمجلس الشهر الماضي: إنه رغم برنامج الإصلاح الاقتصادي المزعوم إلا أن الديون الداخلية والخارجية ما زالت في ارتفاع مستمر، وأشار إلى أن خفض الدين يتوقف على مدى التزام الحكومة بتوفير الإيرادات التي تؤدي إلى خفض الدين، موضحًا أن فائض الديون ارتفع من 200 مليار سنويًّا منذ عامين إلى 540 مليارًا في العام الحالي، رغم برنامج ما يسمى بـ”الإصلاح الاقتصادي”؛ نتيجة الاقتراض الطويل والمستمر، وهو ما يؤثر على الإنفاق في تحسين مستوى معيشة المواطن، نتيجة فوائد الديون، حتى اضطرت الحكومة إلى طلب اعتماد إضافي 70 مليار جنيه في الموازنة الحالية لاستكمال فوائد الدين.

إلا أن هذا كله لم يشغل نواب العسكر، ولم ينظروا في الوقت الحالي سوى لزفة التعديلات التي تسمح ببقاء السيسي في الحكم، من أجل استكمال مخطط هدم مصر.

ونقلت صحيفة “العربي الجديد”، عن مصادر برلمانية، أن اللجنة الفرعية شُكلت في الأصل لجمع الاقتراحات المقدمة من النواب على تعديلات الدستور، وكذلك المقدمة كتابيًّا في جلسات “الحوار المجتمعي” التي عقدها المجلس، غير أن تقريرها انتهى إلى تأييد جميع التعديلات المقترحة، وعلى رأسها المادة المستحدثة التي تعطي عبد الفتاح السيسي حق الترشح مجددًا لانتخابات الرئاسة بعد انتهاء ولايته الثانية في عام 2022.

وأضافت المصادر أن بعض أعضاء تكتل “25-30” المعارض للتعديلات، تلقوا تهديدات من رئيس المجلس، عبر القيادي في ائتلاف الأغلبية والمتحدث باسم البرلمان صلاح حسب الله، بشأن إمكانية فتح ملفات إسقاط عضويتهم الموضوعة في مكتب لجنة القيم، بدعوى تورطهم في العديد من الوقائع ومخالفة اللوائح، في حالة إعلان رفضهم لتقرير اللجنة الفرعية، والتي اختير جميع أعضائها من الأغلبية المؤيدة للتعديلات.

وأشارت إلى أن رسالة عبد العال سمحت لنواب التكتل بالاعتراض على أي من التعديلات، عدا المتعلقة بمد الفترة الرئاسية من 4 إلى 6 سنوات، أو المستحدثة على قياس السيسي، لافتة إلى إبقاء تقرير اللجنة الفرعية على جميع التعديلات كما هي، باستثناء مادة تخصيص ربع مقاعد مجلس النواب للمرأة، من خلال تخيير أعضاء اللجنة التشريعية بين أن تكون “كوتا المرأة” بشكل دائم، أو تقتصر على دورتين تشريعيتين (10 سنوات).

وأوضحت المصادر أن تقرير اللجنة الفرعية لم يتعرض لأي من المواد الخاصة بتعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية، أو إنشاء مجلس أعلى للقضاء برئاسة رئيس الجمهورية، للنظر في الشئون المشتركة للجهات والهيئات القضائية، وكذلك إنشاء غرفة ثانية للبرلمان تحت اسم “مجلس الشيوخ”.

وهو ما اعتبرته المصادر “إهدارًا لأموال الدولة”، لأن عودة مجلس الشيوخ (الشورى) جاءت مقرونة بنزع الصلاحيات التشريعية والرقابية عنه، بموجب التعديلات.

وقالت المصادر، إن إبداء اللجنة الفرعية رأيها بتأييد التعديلات الدستورية “يصادر حق النواب في إبداء آرائهم، خصوصًا من الرافضين للتعديلات”، مؤكدة أن اللجنة ليست صاحبة رأي، وفق اللائحة، ويقتصر دورها على وضع التقرير أمام اللجنة الأصلية (التشريعية)، متضمنًا ملخصًا للمقترحات المطروحة على التعديلات، سواء من نواب البرلمان أو المواطنين، أو فئات المجتمع التي استمع لها المجلس في جلسات الحوار.

وأفادت المصادر بأن عبد العال هو من سيترأس لجنة صياغة التعديلات الدستورية، حتى يضمن خروج التقرير النهائي للجنة، والمقرر عرضه على الجلسات العامة، بصورة يرضى عنها، لافتة إلى أن لجنة الصياغة ستضم عددًا محدودًا من النواب، على رأسهم رئيس اللجنة التشريعية بهاء الدين أبو شقة، وعضو اللجنة القاضي السابق حسن بسيوني، وهما من المعينين في البرلمان بقرار رئاسي من السيسي.

وقالت المصادر، إن الهيئة الوطنية للانتخابات لم تحدد بشكل قاطع مواعيد إجراء الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية، في انتظار عودة السيسي من زيارة الولايات المتحدة لأخذ موافقته على مقترح إجرائه أيام 22 و23 و24 أبريل، مضيفة أن “موافقة أكثر من ثلثي عدد أعضاء البرلمان على مشروع التعديل مسألة تحصيل حاصل، لأن هناك تعليمات مشددة من أجهزة سيادية بحشد نواب الأغلبية في جلسة التصويت المقررة الثلاثاء المقبل”.

حشد وابتزاز

من ناحية أخرى، تواصل أجهزة الأمن حشدها وابتزازها للمواطنين، من خلال إرهاب ضباط وأفراد الشرطة، وجهاز الأمن الوطني للغلابة، بإجبارهم على تسليم صور بطاقاتهم للنزول والمشاركة قسرًا، فضلا عن ابتزاز أصحاب المحال والحاجات والمطابع في الإنفاق على حملة تعديل الدستور.

وبدأت حملة واسعة على جميع المصانع والمتاجر الكبرى في مختلف المحافظات المصرية، بناءً على تعليمات من قائد الانقلاب، لإرغام أصحابها على طباعة وتعليق لافتات ضخمة لتأييد تعديلات الدستور، مصحوبة بصور السيسي، عوضًا عن توقيع غرامات مالية كبيرة عليهم، بحجة مخالفة هذه المحال أو المصانع لشروط منح التراخيص.

وتمهد تعديلات الدستور لبقاء السيسي في منصبه لمدة 12 سنة إضافية، على المدتين المحددتين بثماني سنوات في الدستور الحالي، إلى جانب منحه صلاحية تعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا ونائبه والنائب العام، بالإضافة إلى اشتراط موافقة الجيش على تسمية رئيس الجمهورية لوزير الدفاع، وإضافة “حماية مدنية الدولة” إلى الاختصاصات الدستورية للمؤسسة العسكرية.

كما تستهدف التعديلات التوسُع في محاكمات المدنيين أمام القضاء العسكري، من خلال حذف كلمة “مباشر” التالية لكلمة “اعتداء” من المادة 204 من الدستور، إيذانا بمحاكمة المدنيين “في الجرائم التي تمثل اعتداءً على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة، أو ما في حكمها، أو المنشآت التي تتولى حمايتها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك”.

وكان تقرير حديث للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في مصر، قد كشف أن الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي شهدت محاكمات عسكرية، مثل فيها 1638 مدنيا، علاوة على صدور أحكام بالإعدام ضد 24 متهما، منهم خمسة متهمين أيدت محكمة النقض حكم إعدامهم، في حين نفذت أحكام الإعدام ضد 15 متهما مدنيا في محاكمات عسكرية، بحسب ما نشرته “العربي الجديد” في التقرير.

وكانت مصر قد قالت لصندوق النقد الدولي، في إطار مراجعة برنامج قروضٍ لمصر حجمه 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات مع الصندوق، إنها ستلغي الدعم على معظم منتجات الطاقة بحلول 15 يونيو المقبل.

وقالت الرسالة المؤرخة في 27 يناير، إن هذا يعني زيادة سعر البنزين والسولار والكيروسين وزيت الوقود الذي يتراوح حاليا ما بين 85 و90% من سعره العالمي.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...