بشهادة الأهالي ومراجعة خبراء شرعيين وجنائيين كشفت وكالة “رويترز” في تقرير استقصائي كذب بيانات داخلية الانقلاب خلال 3 سنوات بين 2015 و2018.
مئات المصريين سفكت دماءهم عمدًا قوات أمن الانقلاب على مدى 3 سنوات ونصف، بحسب تحليل أجرته وكالة “رويترز” لبيانات وزارة داخلية الانقلاب في الفترة ما بين يوليو 2015 وحتى مهاية 2018.
وادعت وزارة الداخلية أن هؤلاء الضحايا قتلوا نتيجة اشتباكات مزعومة بينما نقلت “رويترز” شهادات أطباء شرعيين بجامعات أمريكية شككوا في صحة الروايات الأمنية بعد تحليلها صور جثامين الضحايا التي أظهرت آثار الأعيرة النارية والتفاوت الواضح بين وقت موت الضحايا.
الوكالة لاحظت أيضًا التشابه المذهل بين بيانات وزارة الداخلية في كل مرة؛ حيث كانت الوزارة تدعي كل مرة أن قواتها اقتربت من مخبأ لمن تسميهم بالإرهابيين الذي يبادرون بإطلاق النار ثم ترد عليهم قوات الأمن وتقتلهم جميعا دون أن يصاب أحد من الشرطة.
فيما أكدت تقارير حقوقية عديدة ونقلت “رويترز” عن أحد أفراد أسرة من أسر الضحايا أن معظم القتلى كانوا تعرضوا للاعتقال والإخفاء القسري قبل أن يعلن نبأ قتلهم في اشتباكات مزعومة مع قوات الشرطة.
ورغم أهمية تقرير رويترز فإن حقوقيين أكدوا أن من تم تصفيتهم خلال عام 2018 فقط بلغ 864 مواطنًا من واقع بيانات وزارة الداخلية والمتحدث الرسمي للقوات المسلحة.
التقرير الذي نشرته “رويترز” يأتي قبيل استقبال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسيسي الذي يصوره التقرير بأنه سفاح أراق دماء المصريين بشكل غير مسبوق على يد فرق موت شكلها لقتل المصريين خارج إطار القانون وهي جريمة يقول حقوقيون إنها لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمن.
من جانبه أشاد محمد زارع، نائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، بتقرير “رويترز” بأن التقرير مدقق واستعان بشهادات حية لأهالي الضحايا والباحثين ويوثق جريمة خطيرة وهي القتل خارج إطار القانون وهي لا تسقط بالتقادم.
وأضاف زارع – في مداخلة هاتفية لقناة “مكملين” – الإحصاءات التي ذكرها التقرير غاية في الخطورة؛ حيث أشار إلى أن النصف الأول من 2015 شهدت قتل عدد ضئيل خارج إطار القانون، لكن العدد تضاعف إلى 465 شخصًا في أقل من 3 سنوات.
وأوضح زارع أن التقرير أوضح أن كل الضحايا سقطوا في حوادث زعمت وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب أنها اشتباكات مسلحة، وهناك شهادات موثقة تؤكد وجود هؤلاء الضحايا بحوزة وزارة الداخلية والعديد من أهالي الضحايا اتخذت إجراءات قانونية تثبت ذلك، كما أن كل الاشتباكات انتهت بمقتل الضحايا دون أي مقاومة وهو ما يشير إلى أنها جرائم تصفية وليس اشتباكا مسلحا.
وأشار زارع إلى أن جمع شهادات ووقائع وهو ما يمكن استخدامه لمقاضاة نظام السيسي الخائن، لكن يشترط الأمر توافر الإرادة الدولية، مضيفًا أن المجتمع الدولي منح السيسي غطاء شرعيا لممارسة انتهاكاته، لكن مع تغير النظام العالمي سوف يحاسب السيسي على كل تلك الجرائم.
بدورها قالت فاطمة الزهراء زوجة ياسر شحاتة الذي تم اغتياله على يد داخلية الانقلاب: إن روايات داخلية الانقلاب حول مقتل زوجها والدكتور محمد كمال بشقة 6 أكتوبر في اشتباكات مسلحة عارية تماما من الصحة، مضيفة أن قوات الأمن حاصرت المكان وعندما رآهم زوجها من الشرفة رفع يديه في إشارة للاستسلام، لكن قوات الأمن اقتحمت المكان وقتلت كل الموجودين.
وأضافت – في مداخلة هاتفية لبرنامج “المسائية” على قناة “الجزيرة مباشر” – أن الدكتور محمد كمال كان مريضًا ولا يستطيع رفع كوب الماء للشرب، وبالتالي لم يكن قادرًا على حمل سلاح، وما يؤكد ذلك عدم إصابة أي من عناصر الشرطة خلال العملية، رغم أن الضحايا كانوا في الدور الرابع، وهو ما يمنحهم قوة في مواجهة الداخلية.
من جانبه قال أيمن سرور، الحقوقي الدولي: إن التقرير له أهمية كبيرة؛ لأنه أتى من جهة محايدة، وتطرق إلى نقاط فنية غاية في الدقة وتضمن تحليلا فنيا وحقوقيا ما يضع نظام السيسي المنقلب في ورطة كبيرة.
وأضاف سرور – في مداخلة هاتفية لبرنامج “المسائية” على قناة “الجزيرة مباشر” – أن قانون مكافحة الإرهاب الذي أقره عبدالفتاح السيسي والذي يتضمن إعفاء أفراد الشرطة والجيش من المساءلة القانونية عن قتل المواطنين، يعد سببا رئيسا في تفاقم حالات الاغتيالات.
وأوضح سرور أن شهادة الخبراء الفنيين والتي تشكك في رواية الداخلية حول حوادث الاغتيالات، تعد إحدى عناصر القوة في تقرير “رويترز”، ودليلا دامغا على تورط نظام السيسي المنقلب في جرائم قتل خارج إطار القانون.