لهذه الأسباب.. رفع الأدنى للأجور إلى “2000ج” زيادة خادعة

الشيء المثير في قرارات زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي أمس السبت 30 مارس 2019م بشأن رفع الأدني للأجور والمعاشات أنها تأتي في ظل حالة تقشف قاسية عرف فيها عن السيسي عدة أكليشيهات تدعي الفقر مثل (احنا فقرا أوي، أنا مش مش عاوز أديك أنا مش قادر أديك، هتدفع يعني هتدفع، صبح على مصر بجنيه، اتبرع بالفكة علشان مصر)! كما أنها تأتي بعد عرض الموازنة الجديدة لعام 2019/2020 والتي تشهد مزيدا من التقشف وتراجع معدلات الدعم بنسبة تقترب من نفس الرشوة التي أعلن عنها السيسي أمس.

لكن السيسي الذي مصّ ولا يزال يمصّ دماء المصريين ويفرض الجباية والإتاوات الباهظة يفزع مرة واحدة بقرارات تصل إلى 60 مليار جنيه سنويا! فما الذي تغير؟ فهل انتهى الفقر مثلا؟ وهل ارتفعت إيرادات الدولة من الصناعة والزراعة والتصدير وقناة السويس والسياحة؟ على الإطلاق فماذا جرى إذا؟

أليس هذا هو السيسي الذي أحرج نائبا في البرلمان في 24 مايو 2017، عندما احتد على أبو المعاطي مصطفى، خلال افتتاح مشروع للأثاث في مدينة دمياط، لمطالبته بتأجيل زيادات أسعار الوقود والكهرباء آنذاك لحين رفع الحد الأدنى للأجور إلى 3 آلاف جنيه، قائلاً له بلهجة غاضبة: “إنت مين؟ ونواب إيه؟… إنت دارس الموضوع اللي بتتكلم فيه.. إنت تريد الدولة تنهض، ولا تفضل ميتة؟… لو سمحتوا ادرسوا المواضيع جيداً، ثم تحدثوا”.

أمران خطيران!

وخلال كلمته أمس قال زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي إن “زيادة الحد الأدنى للأجور من 1200 إلى 2000 جنيه يستهدف التخفيف ما أمكن عن المواطنين”، مضيفا: “رغم تحسّن بعض الأوضاع، غير أن الفترات الصعبة لسه ما خلصتش (لم تنته).. فلا يوجد عمل صعب إلا وله نتائج منتظرة، طالما أن الهدف منه هو البناء والتعمير والتنمية”!.

هذه التصريحات تؤكد أمرين خطيرين:

الأول: التأكيد على أن هذه الزيادات سوف يتبها قرارات صادمة سوف تفضي إلى موجات جديدة من الغلاء الفاحش وذلك بتأكيده أن الفترات الصعبة لسة مخلصتش! على حد قوله. وهو ما يشير به إلى الزيادة المتوقعة في أسعار الوقود في يونيو المقبل ترجمة لشروط وإملاءات صندوق النقد الدولي واتساقا مع توجهات النظام نحو تحرير أسعار الوقود حتى تكون بالسعر العالمي على الرغم من أن الأجور والمرتبات أدني بعشرات الأضعاف من المستويات العالمية!.

الثاني: أن هذه القرارات تمثل تخفيفا لا حلا للأزمة خصوصا وأن الأجور والمرتبات تآكلت بشدة في أعقاب قرارات التعويم في نوفمبر 2016م حيث تراجع الجنيه أمام الدولار من 8 جنيهات إلى 18 جنيها.

لكن يبقى التساؤل الأكثر أهمية: هل تعتبر هذه الزيادة في الأدني للأجور عادلة؟ وهل تساوي قيمة الأدني للأجور التي طبقت في أواخر 2013م؟

بالطبع لا يمكن إغفال التوظيف السياسي لهذه القرارات باعتبارها تأتي قبل أسابيع قليلة من الاستفتاء المرتقب على التعديلات الدستورية التي تمنح السيسي صلاحيات فرعونية مطلقة. كما أن السيسي في كلمته أمس استهدف قطاعات شعبية محددة ويراهن عليها من أجل صناعة حشود موالية له في الاستفتاء الصوري المرتقب وهذه القطاعات هي موظفو الدولة والذين يمكن حشدهم بالترهيب والترغيب والفئة الثانية هم أصحاب المعاشات وكبار السن والفئة الثالثة هم المرأة.

وبرصد الاستحقاقات الصورية السابقة التي نظمها الانقلاب بعد 3 يوليو 2013م فدائما ما يراهن على هذه الفئات. لكن يبدو أن الفضيحة المدوية في مسرحية الرئاسة في مارس 2018م دفعت النظام إلى تقديم هذه الرشوة في ظل تقارير أمنية تؤكد تآكل شعبية النظام بشكل حاد ومخيف.

زيادة خادعة

وبحسب صحيفة “العربي الجديد” فقد وصف محلل مالي في أحد بنوك الاستثمار في مصر، زيادة الحد الأدنى للأجور، بـ”الخادعة”، مشيرا إلى أنها لا تواكب الارتفاع الكبير في الأعباء المعيشية، بفعل زيادة أسعار السلع والخدمات بشكل كبير، خلال الأعوام الأربعة الماضية.

وقال المحلل المالي، الذي طلب عدم ذكر اسمه: “الحد الأدنى للأجور الذي جرى تطبيقه نهاية 2013 كان يعادل نحو 155 دولاراً بسعر الصرف آنذاك، لكنه مع الزيادة التي قررها السيسي وصولا إلى 2000 جنيه تعادل 115 دولارا فقط”.

وأضاف أن “سعر صرف الجنيه تراجع بأكثر من 124 في المائة منذ تطبيق الحد الأدنى للأجور، في أكتوبر/تشرين الأول 2013، بواقع 1200 جنيه شهرياً، لذا كان ينبغي أن تكون زيادة الحد الأدنى للأجور بنفس نسبة تراجع الجنيه منذ ذلك الحين، إذا ما كانت الحكومة تريد بشكل حقيقي أن تخفف من الأعباء المعيشية للمواطنين”.

وكان رئيس الوزراء الأسبق، كمال الجنزوري، قد وافق، خلال فترة حكم المجلس العسكري في 2012، على زيادة الحد الأدنى للأجور من 700 جنيه إلى 1200 جنيه، لكنه قرر إرجاء التطبيق إلى العام المالي 2014/2015.

بينما أعلن رئيس الوزراء لأول حكومة للانقلاب حازم الببلاوي، في أكتوبر2013، بدء تطبيق الزيادة، وذلك بعد نحو أربعة أشهر من الانقلاب على الرئيس مرسي وذلك لامتصاص غضب الشعب من جهة وضمان ولاء فئات شعبية من جهة ثانية.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...