بعد أكاذيبه حول مشروعاته الوهمية.. لماذا يصر السيسي على العاصمة الإدارية؟

حاول رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة أمس الأحد 10 مارس 2019م، أن يدافع عن إهداره مئات المليارات على مشروعاته الوهمية، وبالأخص العاصمة الإدارية الجديدة، مدعيًا أن المليارات التي تنفق عليها من خارج الموازنة العامة للدولة، وهو عذر أقبح من ذنب؛ ذلك أن هذه الأموال كان يتعين أن تدخل الموازنة أولًا كإجراء رسمي حتى تخضع لرقابة الأجهزة الرقابية بدلًا من الإنفاق منها مباشرة دون حسيب أو رقيب، ما يفتح الباب واسعًا أمام عمليات النهب المنظم بلا حساب.

وبحسب مراقبين، كان من الأولى أن يتم إنفاق هذه المليارات الضخمة على مشروعات إنتاجية تسهم في زيادة الدخل القومي والمشاركة في حل أزمة البطالة المزمنة؛ لكن السيسي اختار بناء هذه العاصمة الإدارية لكي تكون حصنًا له ولأركان نظامه؛ خوفًا من ثورة الشعب وغضبه.

وفي ديسمبر 2018 الماضي، كشف العضو المنتدب لشركة العاصمة الإدارية الجديدة بمصر، اللواء محمد عبد اللطيف، عن أن ميزانية الشركة للعام المالي 2019 بلغت نحو 65 مليار جنيه (3.61 مليار دولار)، مقابل 44 مليار جنيه (2.44 مليار دولار) خلال عام 2018.

وتنقل صحيفة “واشنطن تايمز”، في تقرير لها هذا الأسبوع عن المنتقدين الأجانب لمشروع العاصمة الجديدة، بمن فيهم “ميشيل دن” كبيرة الباحثين في مؤسسة “كارنيغي” للسلام الدولي ومقرها واشنطن، الذين يعتبرون المدينة الجديدة إجراءً سلطويًّا جديدًا من قِبل السيسي،  بالتزامن مع إصراره على تمرير تعديلات دستورية تسمح له بالبقاء في السلطة لمدة 12 عاما أخرى.

وقالت “دن”: “قد يتم الانتهاء منها بحلول عام 2020 أو بالقرب منه، حين يُبقي السيسي نفسه في منطقته الخضراء الجديدة المحاطة بالسياج، محاطًا بعدد كاف من الضباط العسكريين وموظفي الخدمة المدنية والدبلوماسيين الأجانب، ليكون بعيدًا بما فيه الكفاية عن صخب القاهرة واحتجاج الحشود الغاضبة خارج القصر الرئاسي”. ويضيف تقرير “واشنطن تايمز” أن المنتقدين من الشعب المصري للعاصمة الإدارية الجديدة التي يبنيها (رئيس الانقلاب) عبد الفتاح السيسي يرون أن الهدف منها هو الاستعراض والفخامة وغير قابلة للاستدامة.

وتنقل “واشنطن تايمز” عن مركز “عشرة طوبة”، وهو مركز أبحاث دراسات حضرية، نشر تقارير تثبت أن المناطق النائية القاحلة في البلاد، والتي تستحوذ على نحو 2% من السكان فقط، تتلقى نفس القدر من الأموال الحكومية مثل المدن- بما في ذلك القاهرة- التي تضم 98% من السكان.

وقالت “أمنية خليل”، وهي خبيرة في علم الأنثروبولوجيا الحضرية في “عشرة طوبة”: “تستنزف العاصمة الجديدة الموارد المالية والتقنية التي كان يمكن إعادة توجيهها لخدمة المجتمعات المحلية الموجودة بالفعل. يتم بناء العاصمة لفئات اجتماعية معينة، وتستبعِد غالبية الأشخاص العاديين الذين يجب أن يكونوا هدفًا للتنمية”.

حصن العسكر خوفًا من الثورة

وتحت عنوان “فيل في الصحراء: مصر تحضر لافتتاح عاصمتها الكبرى الجديدة”، علقت مجلة “إيكونوميست” في عدد يناير 2019م، على جدوى عاصمة جديدة لا يستطيع الناس التي بُنيت من أجلهم العيش فيها. مشيرة إلى أنه لا أحد يعرف كلفة بناء العاصمة الجديدة، خاصة أن الكلفة الأولية كانت 45 مليار دولار. وبنفس السياق لا يعرف أحد الكيفية التي ستدفع فيها مصر الدين. حيث لاحقت المشروع منذ بدايته في عام 2015 المشاكل المالية.

وتشير “إيكونوميست” إلى أنه بدلا من العشوائيات المزدحمة والأزقة المتداعية فالمدينة الجديدة شوارعها واسعة ومشجرة وبناياتها عالية، وتم بناء أكبر كاتدرائية في الشرق إلى جانب المسجد. وتقوم شركة صينية مملوكة من الحكومة ببناء المنطقة التجارية وأعلى ناطحة سحاب في إفريقيا. ومن المفترض أن تخفف العاصمة الجديدة الزحام في القاهرة لكن البعض يقول إنها من أجل زيادة غرور السيسي.

وألغيت محادثات حول البناء مع مجموعة “إعمار” الإماراتية، وكذلك مع شركة صينية كان من المفترض أن تبني منشآت بكلفة 20 مليار دولار. ودخل الجيش المصري كما هو الحال لملء الفراغ. ويملك الجيش 51% من أسهم الشركة التي تشرف على المشروع فيما تملك الحصة الباقية وزارة الإسكان.

وسيتم افتتاح مرحلة متواضعة من المشروع هذا العام، ويأمل أن ينتقل البرلمان إلى العاصمة الجديدة في الصيف. وسيتبعهم 50.000 من الموظفين البيروقراطيين، أي أقل من 1% من العاملين في القطاع العام. إلا أن السفارات الأجنبية مترددة في التحرك إلى العاصمة التي لا تزال صحراء، وتخشى من أن التحرك إلى عاصمة “بقيادة للجيش” يعني قطعهم عن المجتمع المدني، وحذرت حكومة السيسي أنها لا تستطيع أن تؤمن السفارات التي ستظل في القاهرة.

وتضيف إيكونوميست” أن الذكرى الثامنة للثورة المصرية التي أطاحت بمبارك (يناير2019) مرت بسلام؛ وتذكر وزير خارجيته أحمد أبو الغيط كيف راقب الاضطرابات من شرفة مكتبه بالقاهرة. لافتة إلى أن المصريين الذين يريدون مواجهة الحكومة سيجدون أنفسهم أمام عقبة السفر إلى العاصمة الجديدة للاحتجاج ضد الحكومة، وهو ما يبدو أنه جزء من الخطة في إشارة إلى أن العاصمة الجديدة هي حصن السيسي ضد غضب الشعب وثورته.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...