4 قطارات اهتمت بها العصابة فاحترقت محطة مصر بالركاب!

وجهت سلطات الانقلاب كل اهتمامها لأربعة قطارات وأولتها الدعم الكامل، فيما أهملت قطارات الركاب، وتعمدت ألا تعطيها أي اهتمام؛ ما أسفر عن حادث محطة مصر، وأغلب القطارات التي عُني بها السيسي من النوع الفرنساوي المعروف عند المصريين بأنه شديد السرعة، وكان أخطرها قطار التطبيع مع الصهاينة الذي كان سبب الخراب في كل شيء، وقطار التعديلات الدستورية التي وصفها مقربون من النظام بأنها قطار شديد السرعة انطلق فعليًّا، عوضًا عن قطار الانتقام من الثورة ومن فصائلها، وأبرزهم جماعة الإخوان المسلمين، والقطار الرابع وليس الأخير قطار مشروعات الأغنياء التي كلفت الخزينة المليارات ودفعت العسكر للاستدانة، فضنوا على الفقراء بمنحهم حقوقهم، بل واستلبوا منهم ورقة التوت التي كانت تغطي سوءاتهم.

قطار التطبيع

منذ اغتصاب السيسي الحكم بانقلاب 30 يونيو 2013م، يعمل على توطيد العلاقات مع تل أبيب على نحو غير مسبوق، وصل إلى حد التحالف في بعض المواقف الإقليمية، وتبني الرواية الإسرائيلية في العديد من الأحداث، بخلاف التنسيق في سيناء، والتواطؤ كطرف ضمن “صفقة القرن”.

وقالت دراسة حديثة بعنوان “التطبيع الصهيوني في عهد السيسي من المناهج إلى الغاز وبينهما سيناء” نشرها “الشارع السياسي”: إن معدلات التطبيع تزايدت منذ 2018 بصورة غير مسبوقة، حتى تحولت القاهرة إلى عرَّاب للتطبيع في المنطقة، في ظل تشكيل تحالف الثورات المضادة إلى جوار التحالف العربي الصهيوني برعاية الإدارة الأمريكية وممثلها ترامب.

واعتبرت الدراسة أن 7 إجراءات رئيسية تمهد للتطبيع:

أولها: التطبيع الإقليمي عبر التوسط لضم السعودية لقطار التطبيع الرسمي، متوقعةً أن تفاجئ السعودية بخطوتها الجميع.

وألمحت إلى أنه ثمة توافقات بين أركان هذا التحالف على أن تشهد سنة 2019 خطوة متقدّمة وكبيرة في تاريخ علاقات الدول العربية والإسلامية مع الاحتلال.

ثانيا: ضم الكيان الصهيوني لأول مرة لتحالف اقتصادي إقليمي للغاز، وذلك بإعلان وزراء الطاقة في 7 دول شرق متوسطية، 14 يناير 2019، شملت مصر وإسرائيل وإيطاليا واليونان وقبرص والأردن وفلسطين، وإنشاء منتدى غاز شرق المتوسط (‏EMGF‏) بمشاركة وزير صهيوني في اجتماع رسمي اقتصادي بالقاهرة.

وأوضحت أن السيسي أبرم أيضًا في 19 فبراير 2018 معاهدة لاستيراد الغاز من الصهاينة لمدة 10 سنوات في صفقة تقدر بحوالي 15 مليار دولار؛ الأمر الذي عده نتنياهو عيدًا يتوجب الاحتفال به.

كما يشهد التعاون العربي- الإسرائيلي في مجال تصدير الغاز أحداثًا كبيرة خلال السنوات الماضية؛ ففي عام 2005 وقّعت كل من مصر وإسرائيل اتفاقًا بتصدير الغاز المصري للأخيرة لمدة 20 عامًا، بواقع 60 مليار قدم مكعب/ سنة. وبدأت مصر في استيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل بكميات تصل إلى 100 مليون قدم مكعب غاز يوميًا، في الربع الأول من عام 2019، وسيرتفع تدريجيًا ليصل إلى 700 مليون قدم مكعب في اليوم، وذلك ضمن اتفاقية الـ15 مليار دولار التي وقعتها مؤخرًا شركة دولفينوس المصرية الخاصة مع الشركاء في حقلي تمار ولوثيان الإسرائيليين للغاز برعاية إحدى شركات المخابرات العامة التي يرعاها عباس كامل، رئيس الجهاز وذراع السيسي الأيمن.

التنسيق المخابراتي

ثالثا: التعاون الأمني والتنسيق المخابراتي بين مصر والصهاينة يعد أكثر صور التطبيع تأثيرًا؛ وهو ما اعترف به السيسي في مقابلته مع برنامج “60 دقيقة” على قناة ” سي بي إس” الأمريكية، وعززت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في 3 فبراير 2018 من تقارير لمواقع عبرية وتصريحات لخبراء صهاينة، حول أن طيران الاحتلال نفذ أكثر من مائة غارة على أهداف مدنية في شمال سيناء بضوء أخضر من سفيه الانقلاب.

أما رابع الإجراءات: فكان السماح لأول مرة باحتفال الصهاينة بنكبة فلسطين علنا في أحد أكبر فنادق القاهرة على النيل، فندق “ريتز كارلتون” المطل على ميدان التحرير بوسط القاهرة، في أعقاب افتتاح السفارة في القاهرة مجددًا بعد إغلاقها تسعة أشهر كإجراء أمني وقائي. وحضر الاحتفالية أكثر من 100 من نواب برلمان العسكر، يتصدرهم رئيس المجلس، ووكيلاه، ورؤساء اللجان النيابية، ومُمثلو الهيئات الحزبية.

وخامس الإجراءات – بحسب الدراسة – كان إلحاح السيسي على التطبيع والسلام المزعوم، حيث كرّر السيسي مقولته المفضلة بأن السلام أصبح في وجدان المصريين، خلال ندوة تثقيفية للقوات المسلحة في الذكرى الـ36 لتحرير سيناء، في 18 أبريل الماضي، قائلاً: “أوعوا حد يأخذ البلد للحالة التي كانت قائمة أيام عام 1967 (نكسة يونيو)، الوجدان تشكل على عداوة شديدة (لإسرائيل)، واستعداد لقتال الآخر (حتى آخر مدى)”..إحنا بنتكلم (النهارده) بعد 50 سنة عندما تشكل وجدان جديد، ووعي آخر، وحالة جديدة في نفوس الناس هي حالة السلام، والتشبث به”.

سادسًا: كون السيسي عرَّاب صفقة القرن فقاد التغاضي العربي عن القرار الأمريكي بنقل السفارة إلى القدس، وفي 16 مايو2018، صرح السيسي تعليقاً على القرار الأميركي بنقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس المحتلة، وما تلاه من مذابح إسرائيلية للفلسطينيين على حدود قطاع غزة، قائلاً إن “مصر لا تستطيع أن تفعل شيئاً، لأنها صغيرة، وضعيفة، وبلا تأثير”.

سابعا: اعتبار الجانب المصري جزء من تحالفات إقليمية بخطط جديدة كتحالف ضد إيران اتضح مع “تعزيز مساعي الإدارة الأمريكية نحو تأسيس تحالف سياسي عسكري عربي إسرائيلي لمواجهة إيران، وهو ما أعلن عنه مايك بومبيو وزير خارجية ترامب في محاضرته فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة في 10 يناير 2019 مؤكدا أنهم بصدد تشكيل تحالف جديد يضم مصر والأردن ودوّل الخليج لمواجهة إيران”.

قطار التعديلات الدستورية

أما أحد القطارات التي يوليها السيسي اهتماما فائقا “قطار التعديلات الدستورية” الذي يسعى من خلاله قائد الانقلاب للبقاء حتى الموت ويصبح جميع قضاة مصر مجرد موظفين لديه، ويقنن وضع الجيش لحمايتته، وسيصبح من حق أزلام السيسي التنازل عن أي بقعة من أراضي الوطن (لإتمام صفقة القرن أو لأغراض الاستثمار أو لمآرب أخرى) دون الرجوع للأمة باستفتاء، ودون أدنى شبهة عدم مشروعية، بحسب ما خلص إليه الشاعر عبدالرحمن يوسف.

ويتفق معه إلى حد ما زياد بهاء الدين، الأكاديمي بالجامعة الأمريكية ونائب رئيس الوزراء بحكومة الببلاوي، الذي خلص بمقال كتبه بالشروق بعنوان “التعديل الدستوري المرتقب” إلى أن “قطار التعديلات الدستورية انطلق بالفعل، ولكن ما أخشاه أن يكون الاهتمام ببلوغه محطته النهائية بسرعة وكفاءة متجاهلا لما يتفاعل في الشارع المصري من ردود فعل حقيقية وتساؤلات مشروعة ومخاوف قد لا تجد طريقها إلى الإعلام الرسمي والقنوات المملوكة للدولة ولكنها موجودة ولن تختفى بالتجاهل”.

وألمح إلى نضوج الطبخة ومعلومية ذلك لدى الجميع، فقال: “الانطباع السائد في البلد أن قطار التعديلات سيصل محطته المنشودة ولن يؤثر فى مساره اعتراض بعض الأحزاب قليلة الحيلة، أو تحفظ عدد من الكتاب والمعلقين، أو انشغال صفحات التواصل الاجتماعي بـ«هاشتاج» أو أكثر. مع ذلك فإن أهمية الموضوع تجعل من الواجب على كل من لديه مساحة للتعبير عن الرأي أن يشارك في الحوار الحالي لأن السكوت أو الغموض ليسا مقبولين”.

غير أنه كان من بين المعترضين على التعديلات لأنه كمبدأ “غير مقتنع بحظر تعديل مواد معينة منه، ولو كانت تنص على عدم جواز المساس بها مثلما هو الحال مع المادة التي تحدد مدة الرئاسة، لأن إرادة الشعب في لحظة بعينها لا يجوز تقييدها بتعبير سابق عن هذه الإرادة وإلا كان لجيل معين من المصريين القدرة على فرض وصايته على الأجيال اللاحقة وهذا أمر غير طبيعي ولا منطقي”.

وفي حصيلة أسبابه لاسيما السبب الرابع يشير بهاء الدين إلى حالة القمع الموجودة في مصر فيقول “وأخيرا فإن السبب الرابع هو أن تعديل الدستور، لو كان مطروحا فى ظل مناخ يسوده العدل والحرية، لربما كان اعتُبر تطورا طبيعيا واستجابة مقبولة لتغيرات المرحلة. ولكن أكثر ما يثير تحفظ الشارع خاصة الشباب على التعديل المطروح فى الوقت الحالى هو أن يأتى فى ظل التضييق على النشاط السياسى والاعلامى والاهلى وعلى حرية التعبير بينما الدستور فى النهاية عقد اجتماعى يستهدف تنظيم الدولة وحماية حقوق المواطنين وضمان حرياتهم”.

قطار الانتقام

مبكرا رصد السياسيون والثوار أن العسكر خطط للانتقام من الثورة ومن شارك فيها كما فعل في كل أحداثها بداية من اقتحام ميدان التحرير وحرق الخيام ثم أحداث محمد محمود وقتل جماهير الالتراس في بورسعيد ونادي الدفاع الجوي، مرورًا بمذابح رافضي الانقلاب منذ 3 يوليو وإلى الآن بالإعدامات باسم القانون والاغتيالات والإهمال الطبي والتصفيات خارج طار القانون.

في أبريل 2014، لم يكن قد مر عام على أحداث الإنقلاب وكان إجماعا بين الجميع على سريان روح الإنتقام التي ظهرت في أشلاء وجماجم مفرغة ومدمرة، صرح الدكتور معاذ عبد الكريم عضو جبهة الضمير لموقع مفكرة الإسلام، مؤكدا أن تأسيس حركة تمرد كان بتدبير وتخطيط من العسكر من أجل تنفيذ انقلاب على الإرادة الشعبية بصبغة ثورية لترويجها إعلاميًا ومن ثم إزاحة الرئيس المنتخب والانتقام من الثورة. ثم من أجل الانتقام من فصيل الإخوان لأنه يفوز في الانتخابات النزيهة.

غير أنه في غير مرة، حذر الإخوان المسلمون من هذا القطار الذي لا يتوقف ويتم تقديم وقوده باستمرار واتقاء العناصر الإجرامية المتميزة بجبروتها في تحقيق ذلك، يقول المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين الدكتور طلعت فهمي في تصريح له في أغسطس الماضي إن الأحكام الصادرة بحق المصريين في هزلية فض اعتصام رابعة باطلة وليست سوى رسالة للشعب الصامد طوال 5 سنوات”.وأن العسكر يرغب في الانتقام ممن حضر في اعتصام الكرامة رابعة، وأنها بلا شك رسالة لملايين من الشعب الذي رفض العودة للخلف أو الوراء بعد تلك المذبحة.

وأشار الزميل “سيد توكل” في تحقيق له بعنوان “شهوة الانتقام.. هل يخشى السيسي أن يعود الرئيس للقصر؟” نشرته بوابة “الحرية والعدالة” في 18 ديسمبر الماضي، أن السر وراء انتقام السفيه السيسي من الإخوان، يكمن في أنه مدفوع بذلك بخوفه على مقعده الذي لو فقده، فإنه لا يستبعد محاكمته على الجرائم التي ارتكبها، ثم إن هذا الدور مكلف به دوليا وإقليميا، ويستمد للقيام به شرعيته؛ فمهمته هي القضاء المبرم على جماعة الإخوان المسلمين في مصر.

قطار الأغنياء

وانطلق أيضا قطار مشروعات الأغنياء وعلى رأسها العاصمة الإدارية، بما فيها من أعلى ناطحة سحاب بافريقيا، ومسجد، وكنيسة، والنهر الأخضر وغيرها من البذخ على ذوي الحظوة المالية والرتب العسكرية.

بالمقابل ضن السيسي فقط ب10 مليارات جنيه من أجل تطوير ميكنة السكك الحديدية، وهذا ما سلطت عليه الضوء الحادثة المفجعة التي شهدتها محطة القطارات برمسيس فلطالما اشتكى السيسي من توفير الأموال لتطوير السكك الحديدية ولكن وضعها في البنوك واستغلال أسعار الفائدة حينها سيكون له نفع أكبر.

ولم يتوقف السيسي عن إهدار المليارات خدمة للأغنياء سواء في عاصمته الجديدة التي يبنيها أو مؤتمراته التي لم تضف أي شيء للاقتصاد المصري، كما أنه استمر في الشحاتة من الخارج بزعم توفير الخدمات في القرى.

وأهدر السيسي على مسجد “الفتاح العليم” أموالا طائلة على اعتبار أنه مسجد الأغنياء، وكشفت مصادر بشركة العاصمة للتنمية العمرانية أن تكلفة الإضاءة فقط في مسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية الجديدة تبلغ 20 مليون جنيه، نظرا لاستخدام اللمبات والكشافات “الليد” فى الإضاءة الداخلية والخارجية للمسجد ونفذها عدد من الشركات المصرية.

ومؤخرا اعترف اللواء أحمد زكي عابدين، رئيس شركة العاصمة الإدارية الجديدة، بأن حجم الأموال المرصودة لقطاع الخدمات فيما تسمى “العاصمة الإدارية الجديدة” يبلغ حوالي 140 مليار جنيه، سيتم توجيهها لشبكات الصرف الصحي والغاز والكهرباء وباقي الخدمات الأخرى.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...