“البلتاجي”.. أيوب صامد ساخر من الانقلابيين على أمل وطن حر

كعادته، تصدّر الدكتور محمد البلتاجي، عضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة، قلوب ودعاء محبيه قبل أن يتصدر التواصل الإجتماعي على “فيسبوك” و”تويتر”، بكلمات منها البطل والأسطورة والصامد والمناضل، بعدما انتشر خبر إصابته بجلطة دماغية وهو في محبسه، لم يعرف تفاصيلها وإجرءات علاجه منها أم تم إهماله، في حالة من القلق على مصير مصر التي عوّل الكثيرون على روح ورؤية البلتاجي لتكون قاطرة النهوض بمصر، في يوم سقوط الإنقلاب، الذي يرونه قريبا.

ويحظى البلتاجي بقبول العديد من الأوساط السياسية في مصر، حيث طالب حقوقيون بنقله من سجن العقرب الذي لا يمكن علاجه فيه كما ينبغي، إلى مستشفى يليق بمكانته كأحد أبرز الوجوه في ثورة 25 يناير على الأٌقل، معتبرين أن نقله حق وواجب يلزم قانونا وعرفا وليس فقط من جانب انساني حتى لا تضيع الحقوق في زمن فجر الخصومة وضياع المروءة.

ويعتبر مراقبون أن البلتاجي لا يدعي المرض فقد سبق وأصيب مرات عدة منها وهو في برلمان الثورة 2012، ونقل وقتها إلى القصر العيني اثر أزمة المت به من جراء مجهود قام به خلال فترة لجان تقصي الحقائق في جرائم العسكر.

والمشهد الأخير – ولقبه نشطاء السوشيال بـ”البلتاجي الاسطورة” – ظهر فيه الرجل كالاسد في براثنه، أمام مبارك الذي كان يمثل أنه مريض ويحضر جلسات محاكمته على نقالة، ووجه البطل الدكتور محمد البلتاجي، الأستاذ في كلية الطب بجامعة الأزهر، وهو يضع قدم على أخرى منتعلا “الشبشب” بوجه المخلوع مبارك وقاضي الإنقلاب شيرين فهمي ثلاثة أسئلة إلى المخلوع مبارك خلال شهادته في قضية “اقتحام السجون”، ورغم الحصار الكامل عليه من القاضي والسجان، بين الأسئلة: ما قولك بعد رواية الأحداث عن وقوع اعتداء أجنبي في الوقت الذي نفى فيه قائد الجيش الميداني الثاني آنذاك محمد فريد التسلل؟؟

وهكذا ظهر قيادات الإخوان المسلمين أقوياء صابرين محتسبين مؤمنين صامدين واثقين في نصر الله أمام مبارك وقضاة السيسي وشرطته.. بعد تبيُّن براءتهم كاملة فى محاكمة فضيحة.

مسني الضر

ويتمثل البلتاجي قول نبي الله أيوب “رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين”، فقتلت ابنته الوحيدة أسماء في يوم فض رابعة التي يحاكم البلتاجي في هزلية الفض على أنه واحد ممن قتل، ولأن أنس نجل البلتاجي أحد محركي ثورة يناير، والذي طرد عبد الفتاح السيسي من ميدان التحرير؛ تم التنكيل بالشاب “أنس”، حيث حُرم من شقيقته الشهيدة، وأبعد عن أسرته التي فككها الانقلاب، فالأب معتقل، والأم والأخ اضطرا للخروج بعيدا عن أيدي القتلة، حتى أن أم الأخت سناء عبدالجواد توفيت ولم تجد ابنتها لجوارها لما هم فيه، فيما تعرض أنس للسجن ظلما لمدة 3 سنوات، بعد حكم بخمس سنوات، ليحصل بعدها على البراءة، وتخفيه ميليشيات الانقلاب، لتعيد اتهامه في قضية جديدة، بعد إخفاء قسري استمر نحو 3 أشهر، بتهمة “نشر أخبار كاذبة” روجها وهو مسجون!!.

بين السخرية والإهانة

ويتخوف محبو البلتاجي أن تكون مواقفه الصلبة في مواجهة قضاة الإنقلاب وهزليتهم، وفضح انتهاكات السجان سببا فيما يواجهه من عنت ومرض، فعلاوة على أحكام الإعدام والمؤبدات وأحكام بالسجن التي كان جميعها افتراء على البلتاجي، إلا أنه يعتبر واحدا من أبرز من يترصدهم قضاة العسكر، لسخريته من هزلية المحاكمات وإخفاق العدالة في جميعها، ومن هزلية الإتهامات وتحيز النيابة والرؤوس التي أينعت في مقاعد القضاة، ففي 15 نوفمبر الماضي، طلب عضو اللجنة العليا لحزب الحرية والعدالة عضو مجلس الشعب ببرلمان الثورة محمد البلتاجي، والمعتقل بالقضية، مناقشة الشاهد، ووجّه له عدة أسئلة عن كيفية تسلل العناصر عبر الحدود بالمعدات الثقيلة ووجود قوات الجيش والشرطة والسماح لهم باحتلال 60 كيلو متر من الأراضي المصرية وفقا لما زعمته التحقيقات، إلا أن الشاهد عجز عن الرد.

طلب القاضي من “البلتاجي” الصمت وعدم إكمال أسئلته، فضحك “البلتاجي” من الأمر ساخرا، إلا أن المحكمة اعتبرت ذلك إهانة لها، ووجهت له تهمة إهانة المحكمة وطردته من القاعة.

واعتاد المجرم شيرين فهمي التنمر للدكتور البلتاجي فحبسه في 15 فبراير 2018، سنة مع الشغل، بتهمة إهانته في هزلية “اقتحام السجون”، وقضت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة القاضي القاتل محمد شيرين فهمي، بحبس عضو مجلس الشعب محمد البلتاجي، لمدة سنة مع الشغل، وذلك بدعوى إهانة المحكمة.

جاءت الواقعة عند ملاحظة المحكمة ضحك “البلتاجي” بسخرية، الأمر الذي اعتبرته المحكمة إخلالًا بآداب الحديث، وإخلالًا بهيبة القاضي، ووجهت إليه تهمة إهانة المحكمة.

القاضي المهان

وتكرر المشهد مع القاضي شيرين وآخرين، ففي 10 أغسطس 2014، أمر المستشار “محمد شيرين فهمي” رئيس هيئة محكمة جنايات القاهرة التي تنظر القضية الهزلية المسماه “تعذيب رجلي شرطة برابعة” بتحريك دعوى جنائية ضد ” البلتاجي” لتوجيهه إهانة لهيئة المحكمة!
عندها طلب “البلتاجي” إثبات أن شاهد الإثبات مجري التحريات قد تغيرت أقواله أمام هيئة المحكمة في جلسة اليوم 180 درجة، بعد أن وجه القاضي سؤالاً توجيهياً للشاهد على حسب قوله، ليتابع بالقول “لو كان لنا الإمكانية لرد المحكمة لقمنا بذلك فعلاً، وحسبي الله ونعم الوكيل.

ليتدخل القاضي موجهاُ سؤاله للدكتور البلتاجي: حسبي الله ونعم الوكيل على مين؟ ليجاوب الدكتور البلتاجي “الله مطلع”، ليأمر القاضي بناء على ذلك بتحريك الدعوى.

غير أن المستشار شعبان الشامي قاضي الإنقلاب استخدم سابقا أسلوبا مماثلا كما استخدمه زميله شيرين فهمي، حيث قررت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة شعبان الشامي، والمنعقدة بأكاديمية الشرطة, معاقبة البلتاجي في 10 ديسمبر 2014، بالحبس لمدة 6 سنوات وغرامة 20 ألف جنيه عليه بزعم إهانة المحكمة وألزمته بالمصاريف الجنائية.

وكان البلتاجي من داخل القفص أثناء عرض الأسطوانات المدمجة المعروفة بتسريبات مكتب السيسي والتي أذاعتها قناة “مكملين” طلب بأن يتم تفريغ نصي للأسطوانات، واصفا ما يحدث بأنه غير صحيح قانونا، وليس عدلا فاعتبرت المحكمة كلام البلتاجي إهانة، وحدثت مشادة كلامية مع الدفاع واحتد القاضي، وتم إخراج البلتاجي خارج القاعة بأمر من المحكمة.

وضوح رؤية

وكثير من الكتاب وشهود العيان أسبغ على البلتاجي اعترافا برؤيته، وكان آخرهم الصحفي وائل قنديل الذي كتب في 29 ديسمبر الماضي، مقالا بعنوان “رائع كأنه محمد البلتاجي” كشف فيه عن رؤية البلتاجي للإنقلاب في وجه من كانوا يرون غير ذلك، وعوضا عن مدع كاتب المقال لشخص البلتاجي ودوره في ثورة يناير وموقعة الجمل وثوار التحرير أشار إلى أنه ليلة 28 يونيو 2013 قبل الانقلاب بيومين فقط، جاءني صوت محمد البلتاجي، عبر الهاتف، مهموماً وحزيناً، وقلقاً على البلد والثورة.. كنت مثله في صباح ذلك اليوم حزيناً ومهموماً، وأنا أرى رموز ثورتنا يخلعون قمصانهم ويلبسونها للفلول وأعداء الثورة، فتتحول الأيقونات إلى خوادم في فضاء الثورة المضادة، من دون خجل أو وجل، غير أنني ظهر ذلك اليوم تخففت من الإحباط والكآبة، بعض الشيء، بعد اتصال مع ثائر نبيل آخر، في عتمة الزنزانة الآن، حاول طمأنتي أن قال، إن مؤسسات الدولة الرئيسية تقف مع الشرعية، وإنه ليس هناك ما يدعو للخوف من 30 يونيه.

ويضيف “حاولت أن أنقل هذه المسحة من التفاؤل إلى الدكتور محمد البلتاجي، غير أنه قال بأسى: انتهى الأمر يا صديقي.. الانقلاب في الشارع الآن(قبل موعد 30 يونيه بثمان وأربعين ساعة” وما سيأتي لاحقاً ليس إلا تحصيل حاصل..حاولت جاهداً أن أمنع نفسي من تصديق فراسة البلتاجي وحسن قراءته للأحداث، وحاولت أكثر أن أصيبه بعدوى التفاؤل، وإن كان على غير أساس مقنع، الذي نقله إليّ صديقنا الثالث، إلا أن المكالمة الأخيرة بيننا انتهت بعبارة “قضي الأمر”.

ماذا يريد الأسطورة؟

في مقال أخير له بتاريخ 17 يناير الماضي، تحت عنوان “٢٥ يناير.. ثورة أم احتلال أجنبي مسلح؟!” وضح من خلاله عدة حقائق تتعلق بموقف النظام الانقلابي من ثورة 25 يناير، وما وصل إليه حال القضاء في ظل الانقلاب.

الحقائق كانت أشبه برسائل، أولها لثوار 25 يناير، “الذين جمعتهم الثورة العظيمة بكل طيفهم السياسي والوطني ثم فرقتهم الأحداث بعد ذلك- حجمَ التآمر، ليس فقط على نتائج الثورة بل وعلى تاريخها وصفحاتها الوضاءة، لعلنا نستدرك ما فات ونعيد الاصطفاف الوطني على قاعدة أكثر صلابة، مستفيدين من دروس وأخطاء الماضي التي وقعنا فيها جميعا”.

وأوضح أن كل تلك التضحيات والصمود أمام الإنقلاب إنما هو للحق والحرية والعدل، فيقول: “أردت أن يعلم الجميع أننا سدّدنا -وما زلنا نسدّد- من أرواحنا ودمائنا وحرياتنا وأولادنا فاتورةَ ثورة 25 يناير المجيدة. لا نقول هذا منة منا على الوطن وعلى الثورة، وإنما نعدّه فداءً للحرية والكرامة التي حلمنا بها وجاهدنا في سبيلها، وحفاظاً على مستقبل وطن حلمنا لكل من فيه بالحياة الكريمة العزيزة لترفرف عليهم رايات الحق والعدل والحرية، وصوناً لحقوق 25 يناير. وكلنا أملٌ في مستقبل عظيم لأمة ووطن عظيم نفتديه بأرواحنا ودمائنا.. “ويقولون: متى هو؟ قل: عسى أن يكون قريبا”.

وتابع “أردت أن أضع جميع الأحرار في العالم -من سياسيين وحقوقيين وإعلاميين وأكاديميين وغيرهم- أمام مسؤولية أخلاقية تاريخية، تمنعهم من الوقوف موقف المتفرج أمام محاكمات وأحكام إعدام ظالمة تستهدف زمرة سياسية، بناءً على رواية ملفقة هابطة لأحداث ثورة 25 يناير 2011 التي يعلم العالم حقيقتها”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...