لهذه الأسباب.. “الساعات الأخيرة” افتقد إلى البراءة (قراءة تحليلية)

رغم تقديرنا البالغ لدور شبكة الجزيرة الإخبارية في بناء الوعي لدى الشعوب العربية عبر ترسانة من البرامج والإعلاميين الأكفاء، إلا أن ذلك لا يمنع من انتقاد بعض أعمالها عندما تفتقد إلى البراءة في الطرح والمعالجة؛ ومن هذه الأعمال الفيلم الوثائقي الأخير “الساعات الأخيرة” وقبله فيلم “في سبع سنين”، ذلك أن الأول سلط الضوء على الساعات الأخيرة قبل الانقلاب قفزا فوق المقدمات التي أفضت إلى ذلك بهدف تشويه صورة الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي والثاني، كثف الضوء على تجارب سلبية مثل الإلحاد والعنف ومحاولة تناولها كظواهر رغم أنها لم ترتق إلى ذلك مطلقا وهو أيضا تناول يفتقد إلى البراءة والقفز على الحقيقة.التلاعب بالشهادةالدليل الأول على افتقاد ” الساعات الأخيرة” للبراءة، ما كتبه الدكتور خالد القزاز اليوم في مقاله المنشور على الجزيرة نت، تحت عنوان “ما لم يذكره وثائقي “الساعات الأخيرة” على الجزيرة”، حيث أبدى القزاز تحفظه على الصورة التي فرضها صناع الفيلم على المشاهد والتلاعب بتوظيف بعض أجزاء شهادته لخدمة هذه الصورة.
ويتأسف القزاز على اقتطاع أجزاء من شه k:

رسالة مريبةوفي مقال له بعنوان “الساعات الأولى والساعات الأخيرة” والمنشور اليوم الأربعاء على صحيفة “العربي الجديد” يتفق الكاتب الكبير وائل قنديل مع القزاز منتقدا رسالة الفيلم من خلال التركيز على الساعات الأخيرة فقط؛ مؤكدا أن الفيلم لم يكترث بالمقدمات أو الساعات الأولى التي أدت إلى هذا المصير. واعتبر أن هذا القفز فوق المقدمات مقصود في حد ذاته؛ وصولًا إلى النتائج، محذرا من محاولات “تأريخ لمستقبل تريده أطراف عدة”، أو تدشينًا لمرحلةٍ، يتم فيها استبعاد الرئيس مرسي من معادلات المستقبل.وانتقد قنديل توظيف فريق إعداد الفيلم لأدوات المنتجة والخلفيات وتداخل الأصوات وكذلك توظيف شهادات المشاركين لتقديم سرديةٍ تظهر رئاسة الدكتور مرسي على قدر مخيف من الهشاشة والارتباك، إلى الحد الذي يسمح لسمسار شهير في بورصة السياسة المصرية لاتهام الرئيس المختطف بالسذاجة، وكأن المطلوب هو إغراق هذه الفترة، بأشخاصها وأحداثها الدرامية، من أجل تعويم أشخاصٍ آخرين، وإخراجهم من تحت ردم الجريمة، وإظهارهم في صورة أطواق النجاة أو الحلول والبدائل.وبحسب قنديل فإن الفيلم الذي سعى لتشويه صورة الرئيس مرسي، فإنه يقدّم شهادتين عن البرادعي، على لسان وزير خارجية قطر في ذلك الوقت خالد العطية، وأيضًا عضو مجلس الأمن القومي الأميركي، أندرو ميلر، تظهرانه رجل السلمية والديمقراطية والحريص على الدماء، أو الساحر الذي يمكن أن يحوّل بعصاه الانقلاب العسكري إلى شيءٍ مفيد لمصر ولحقوق الإنسان، بتعبير المتحدث الأميركي. وهنا تبدو المسألة وكأن الفيلم الذي يبالغ في التعبير عن احتراق مرحلة مرسي، بلا رجعة، من خلال إشارات درامية مكثفة (مشهد اعتذاره عن إمامة فريقه الرئاسي في الصلاة إقرارًا بأنه مرحلة عابرة وانتهت) يحاول، في اللحظة ذاتها، إحياء أسطورة “الرجل ذي الثقل الدولي” الذي يمكن أن يكون، وقد تجاوز الثمانين من عمره عنوانًا للمستقبل، على الرغم من أنه لا يوجد من الأساس دليل واحد على أن العالم يضجّ من توحش النظام الانقلابي في مصر، كما لا توجد علامةٌ واحدةٌ على أن البرادعي، الثمانيني، مهمومٌ بشيءٍ إلا غسيل التاريخ الشخصي من بقع دماء عديدة، يستنكف الاعتراف والاعتذار عنها.

وفاء الأسرةفي السياق ذاته، جاءت انتفاضة أسرة الرئيس ضد الصورة التي حاول الفيلم تصديرها وفرضها على الجمهور، حيث علَّقت السيدة نجلاء علي زوجة الرئيس وكذلك ابناه أحمد وعبدالله عبر صفحاتهم على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” منتقدين هذه المعالجة المشوهة وغير المكتملة والتي استبعدت زوايا وأبعاد كانت كفيلة بالعصف بهذه الصورة المفروضة على المشاهدين من صناع الفيلم.البداية كانت من السيدة نجلاء زوجة الرئيس والتي نفت ما ذكر أن الرئيس مرسي نام في هذه الليلة كما لم ينم من قبل، وكشفت أن الرئيس قضى هذه الليلة بين القيام والتضرع لله أن يحفظ مصر من كيد الكائدين وغدر الغادرين وعملاء الأعداء، وأنه أبلغ من حوله أنه اختار موقف الخليفة الثالث عثمان بن عفان حتى لا تكون سنة من بعده تشرعن انقلاب كل طاغية طامح؛ حيث كتبت: “أولاده وهؤلاء الأشخاص فقط هم من ظلوا حراس الرئيس في الساعات الأخيرة واقفين على أقدامهم حتى الثامنة صباحا، وما حدث قبل الفجر: كان الرئيس في غرفته مستيقظا داعيا الله، وهو يقول: “اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون” وظن من هم خارج غرفته أنه نائم مطمئن إلى صلاة الفجر وخرج بعد أن صلى ركعات لله يدعو فيها ويستغيث الله أن يحفظ بلده الغالي ثم خرج وصلى بالناس إماما، وقال الرئيس مرسي لي ولأسرته نصا: “أنا سأختار ما اختاره سيدنا عثمان بن عفان حتى لا تكون نهجا من بعدي بالتخلي والابتعاد”، وقال: “دمي أمام منصبي”. 

من جانبه، يضيف عبد الله مرسي، نجل الرئيس: “لم يسقط الرئيس مرسي خلال الساعات الأخيرة بخداع استراتيجي من شخص وزير الدفاع (في إشارة لعبد الفتاح السيسي وزير الدفاع إبان حكم مرسي) المنقلب الخائن فحسب، وكأن الانقلاب وليد الساعات الأخيرة، ومن تخطيط وتنفيذ وزير الدفاع المنقلب، وهو ضعيف الشخصية أمام الرئيس مرسي منكسر القامة والهامة ومتملق كما شاهده الجميع، لكن تمت محاصرته وخيانته من كافة أجهزة الدولة العسكرية وغير العسكرية، وعلى رأسهم الحرس الجمهوري، المنوط به حماية شرعية الرئيس ضد انقلاب الجيش، وتم تصدير أزمات مثل البنزين والكهرباء، وبمشاركة ومباركة عدد كبير من القوى المدنية المحسوبة على ثورة يناير، وبتمويل من بعض الدول العربية، على رأسها السعودية والإمارات، مع التشويه والتضليل الإعلامي وتزييف وتغييب الوعي، من خلال قنوات رجال أعمال مبارك، لضمان وجود غطاء شعبي للانقلاب على الرئيس والشرعية والدستور، وتمت مباركة الانقلاب عليه من أميركا والصهاينة وأتباعهم”.وتابع: “الرئيس مرسي كان يدرك طبيعة الموقف والتحدي الصعب، وعمل بكل جهد ليل نهار، طالباً المساعدة من الجميع، في حين تخلى الأغلب عن المشاركة والمساعدة في تحمل المسؤولية وهو يقاوم وحده تدبير وتخطيط كل من خطط وشارك ونفذ الانقلاب، بل إنه قدم حياته وحريته ثمناً وضريبة لذلك، وفي سبيل تحرير مصر من سيطرة العسكر عليها، وقضى حياته منذ الانقلاب وحتى اليوم في عزلة وحصار كامل. هل تظنونها مكافأة له يا كرام على تقبله الخداع الاستراتيجي وعدم إدراكه طبيعة الموقف؟!”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...