“تعليم الانقلاب” من فشل إلى فشل مع بدء التيرم الثاني!

“فشل وراء فشل”.. هكذا حال التعليم في مصر في ظل حكم العسكر، والذي لم يختلف واقعه مع بدء الفصل الدراسي الثاني هذا الأسبوع، حيث تعاني العملية التعليمية من مشكلات عدة، أبرزها فشل نظام التعليم الجديد الذي كان وزير تعليم الانقلاب طارق شوقي يراهن عليه، وذلك بعد أن شهدت امتحانات التيرم الأول للصف الأول الثانوي تسريب كافة الامتحانات على مواقع التواصل الاجتماعي.

في البداية، ظنّ المعلمون وأولياء الأمور أن التسريب يقف وراءه أشخاص لهم مصلحة مادية فقط في ذلك، إلا أن الحقيقة ظهرت جليًا عقب اعتراف وزير تعليم الانقلاب نفسه بإفساحه المجال أمام تسريب الامتحانات، بدعوى أن عملية التصدي للتسريب تكلف الدولة أموالا طائلة، مشيرًا إلى أنه كان بإمكانه الطلب من جهات سيادية الإشراف على طباعة وتأمين الامتحانات، إلا أنه لم يفعل ذلك.

ولم يقتصر فشل المنظومة عند هذا الحد، بل شمل أيضا عجز “حكومة الانقلاب” عن توفير التابلت للطلاب طوال الفصل الدراسي الأول، الأمر الذي دفع الوزارة لإجراء الامتحانات بالنظام الورقي التقليدي، وإصدار قرار بعدم احتساب درجات التيرم الأول، وعقد امتحانين خلال الفصل الدراسي الثاني، الأمر الذي أحدث حالة من الارتباك بين الطلاب وأولياء الأمور.

فنكوش “الأوبن بوك”

وتضمن الفشل أيضًا، اعتماد نظام “الأوبن بوك” في امتحانات “التيرم الأول”، الأمر الذي قنّن “عملية الغش” لأول مرة في تاريخ العملية التعليمية في مصر، وحوّل مهمة “الملاحظ و”المراقب” داخل اللجنة إلى “منظم للغش”، يرى الغش أمام عينيه ولا يستطيع التحرك، بل أقصى ما يستطيع فعله هو أن يجعل الطلاب “يغشون في صمت”!.

وانضم إلى هذا الفشل، تفاقم أزمة عجز المعلمين في مختلف المحافظات، الأمر الذي دفع “تعليم الانقلاب” إلى الإعلان عن مسابقة للتعاقد مع معلمين جدد، وصفها البعض بأنها “مسابقة السخرة”، حيث تضمنت بنودًا تهضم حقوق المتقدمين لتلك المسابقة، وكشفت مصادر داخل وزارة التعليم، عن أن التعاقد سيكون لمدة فصل دراسي واحد هو التيرم الثانى من العام الدراسى الجاري، وأنه لا يحق للمتعاقد المطالبة بالتعيين أو تجديد التعاقد بعد انتهاء المدة، مشيرة إلى أنه من المقرر أن يتم فتح باب التقدم، الأسبوع المقبل، إلكترونيًا على موقع الوزارة، على أن يتوجه المعلم إلى الإدارة التعليمية التابع لها محل إقامته لتقديم مسوغات التعيين، بعد مرحلة الاختيار التي ستكون لاحقة لمرحلة التقدم.

ووفقًا لهذا النظام، فإن المعلمين الجدد سيتقاضون راتبًا شهريًا يقدر بـ1000 جنيه بعد توفير الميزانيات المطلوبة، دون مراعاة مصاريف المواصلات التي سيتحملها هؤلاء المعلمون؛ خاصة وأن معظم العجر يكون في مدارس القرى التي قد يحتاج الوصول إليها أكثر من وسيلة مواصلات.

المثير للسخرية أنه في الوقت الذي يتفاقم فيه عجز المعلمين، تواصل حكومة الانقلاب غلق باب التعيينات بزعم العمل على هيكلة الموظفين بالدولة، فضلا عن نقل آلاف المعلمين من مختلف التخصصات من مدارسهم إلى ديوان الإدارات التعليمية بدعوى انتمائهم لجماعة الإخوان ومعارضتهم للانقلاب.

تذيل الترتيب العالمي

المشكلات السابقة وغيرها جعلت مصر تتذيل قوائم جودة التعليم في العالم طوال السنوات الماضية، فوفقا لتصنيف المنتدى الاقتصادي العالمي لجودة التعليم لعامي 2017/2018 والذي شمل 137 دولة، احتلت مصر مرتبة متأخرة للغاية في التصنيف، حيث يقوّم هذا التصنيف كل الدول العربية والعالمية بدرجات بين 1:7 على أساس 12 معيارًا أساسيًا هي: البنية التحتية، المؤسسات، بيئة الاقتصاد الكلي، التعليم الأساسي والصحة، التدريب والتعليم الجامعي، الجودة الخاصة بالسلع والأسواق، كفاءة سوق العمل، سوق المال وتطويره، التكنولوجيا، الابتكار، حجم السوق، تطور الأعمال.

وحلت سويسرا في المرتبة الأولى عالميا؛ حيث حصلت على درجة 6.1، واحتلت قطر الأولى عربيا والسادسة عالميا، وربط التقرير بين كفاءة سوق العمل والتطوير على صعيد تحسين التحصيل التعليمي؛ حيث تصدرت قطر دول المنطقة على صعيد جودة الأنظمة التعليمية، بعد حصولها على تقييم بلغ 5.6 نقطة مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 3.8 نقطة.

في سياق متصل، نشر The spectator index لائحة تظهر جودة تعليم الرياضيات والعلوم للعام 2018 في العالم بحسب البلدان، وحل لبنان الأول عربيا والرابع عالميا من ناحية جودة تعليم الرياضيات والعلوم، وفق ترتيب “المنتدى الاقتصادي العالمي” لعام 2018، فيما جاءت قطر في المرتبة السادسة، والإمارات في المرتبة 13، والمملكة العربية السعودية في المرتبة 63، والجزائر في المرتبة 92، ومصر في المرتبة 122.

كثافة الفصول

من جانبه أكد الدكتور محب الرافعي، وزير التربية والتعليم الأسبق، تردي وضع التعليم في مصر، قائلا: إن تصنيفات جودة التعليم، تهتم بمعايير كثيرة مثل: الكثافة الطلابية داخل الفصول، نسبة المعلمين للطلاب، الحيز المتاح لكل طالب بالمدرسة، أسلوب بناء المناهج، تدريب المعلمين ومدى انعكاس ذلك على أدائهم، والانشطة والمهارات، مشيرا إلى أن أزمة الكثافات ومقارنة أعداد المعلمين بأعداد الطلاب كفيلة بحصول مصر على ترتيب متأخر جدا في جودة التعليم.

وبالنسبة للتعليم العالي، قال الرافعي: إن المعايير تتضمن براءات الاختراع التي تقدمها كل كلية، وتخريج طلاب مناسبين لسوق العمل، والبحوث التي تنشر بالمجلات العلمية، مشيرا إلى أننا لدينا إشكالا كبيرا في هذه النقاط كذلك.

رواتب المعلمين

ويرى خبراء في مجال التعليم أن مشكلات التعليم في مصر عديدة، منها ما هو خاص بالمعلم، حيث يوجد كثير من المعلمين غير مؤهلين تعليميًا وتربويًا بالشكل الصحيح، وتدني رواتب المعلمين ما يجعلهم غير قادرين على الأداء بشكل سليم، ويدفع الكثيرين للاتجاه نحو الدروس الخصوصية، ومنها ما هو خاص بالمدرسة حيث ضعف الإمكانيات والوسائل العلمية المتوفرة فى المدرسة؛ نتيجة ضعف الدعم والتمويل المتاح للمدارس وتفشي روح اليأس التى تضفى آثارها على المدرسة، مما يقلل من حافزية الطلاب للذهاب إليها، فضلًا عن التكدس الطلابي داخل الفصول، إذ يحتوى الفصل الواحد على حوالي 70 تلميذًا فأكثر.

وبالنسبة للمناهج التعليمية، يرى الخبراء أنها تعتمد على الحفظ والتلقين فقط، حتى فى المواد العلمية الإحصاء والرياضيات ومسائل الفيزياء، كما تعتمد أيضا على الحشو والتركيز على الجانب النظري أكثر من العملي، وعدم ملائمة المناهج للتطور العلمى المستمر، فضلا عن وجود فجوة واضحة بين محتويات المناهج ومتطلبات سوق العمل.

ويؤكد الخبراء أن الدعم السياسي الذي حظيت به‎ ‎السياسات التعليمية في مصر خلال العقود الماضية، لم يرق في تعامله مع هذه‎ ‎القضية إلى مستوى قضايا الأمن ‏القومي، لا من ناحية التمويل والدعم المادي، أو من‎ ‎ناحية توفير الأطر القانونية ‏والمؤسسية التي تعضد التوجه نحو التعليم كقضية أمن‎ قومي.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...