3 فبراير.. يوم انكسار نظام مبارك وفضح تآمر الجيش

في يوم 2 فبراير 2011، حاول العسكر والبلطجية الانقضاض على المتظاهرين في ميدان التحرير في القاهرة أثناء ثورة 25 يناير؛ وذلك لإرغامهم على إخلاء الميدان، حيث كانوا يعتصمون، وكان من بين المهاجمين مجرمون خطرون تم إخراجهم من السجون للتخريب ولمهاجمة المتظاهرين، ويطلق عليهم اسم البلطجية.

واتهمت التقارير الأولية للجنة تقصي الحقائق، النظام الحاكم بأنه أراد السيطرة على ميدان التحرير وإرغام المتظاهرين المعتصمين فيه على مغادرته.

وكان للنائب عبد الناصر الجابري عضو مجلس الشعب السابق عن دائرة الهرم، ومساعده يوسف خطاب عضو مجلس الشورى عن الدائرة ذاتها، دور كبير حيث قاما بالتحريض على قتل المتظاهرين في يوم موقعة الجمل لإخراج المتظاهرين من ميدان التحرير بالقوة. كما اتهم أيضا الأمين العام السابق للحزب الوطني صفوت الشريف بالتحريض للهجوم على المتظاهرين.

كما كان لرموز النظام السابق من وزراء وغيرهم، مثل عائشة عبد الهادي وزيرة القوى العاملة السابقة، وحسين مجاور رئيس اتحاد العمال، ورجل الأعمال وعضو الهيئة العليا للحزب الوطني الديمقراطي إبراهيم كامل، وأيضا المستشار مرتضى منصور، وكذلك فتحي سرور، دور كبير حيث سارعوا بالحشد لاحتلال ميدان التحرير.

قام عدد من البلطجية بالهجوم على المتظاهرين في ميدان التحرير إبان اعتصامهم للمطالبة برحيل نظام حسني مبارك. قام البلطجية بالهجوم على المتظاهرين بالحجارة والعصي والسكاكين وقنابل الملوتوف. وامتطى رجال آخرون من البلطجية الجمال والبغال والخيول وهجموا بها على المتظاهرين وهم يلوحون بالسيوف والعصي والسياط، فسقط الكثيرون جرحى وبعضهم قتلى.

3 فبراير

وتجددت الاشتباكات مرة أخرى في اليوم التالي، 3 فبراير، بين البلطجية والمتظاهرين العزل، مما أدى إلى سقوط بعض القتلى بالرصاص الحي ومئات الجرحى.

وأمام إصرار المتظاهرين ودفاعهم عن الميدان، تعاطف الكثير من المصريين بعد موقعة الجمل، ونزل الكثيرون لتأييد المطالب، وكذلك المشاركة في الاعتصام.

سقط 11 شهيدا  من المتظاهرين و2000 جريح على الأقل. فيما أدانت كل من الأمم المتحدة وزعماء فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا المجزرة.

شهادات لا تنسى

وبحسب شهود عيان، كان غالب المهاجمين ينتمون لأجهزة أمنية، لا يوجد سوى أعداد قليلة مؤيدة لمبارك, أما البقية فهم إما من رجال الشرطة المختفين في زي مدني, أو موظفين حكوميين, أو بلطجية كان مبارك يستخدمهم في الانتخابات السابقة, أو أناس بسطاء لهم سجلات في أقسام الشرطة وأرغمتهم الشرطة غصبًا عنهم أن يشاركوا، وإلّا سيتم القبض عليهم, في المقابل عرضت عليهم الشرطة مبالغ مالية في مقابل المشاركة.

الاقتحام جاء بعد بضع ساعات من خطاب مبارك الثاني الموجه لملايين المصريين الذين لا يفعلون شيئًا سوى الجلوس في بيوتهم ومشاهدة التلفزيون، أو بمعنى آخر بعض الخائفين من مشاركة المعتصمين في الميدان, ذلك الخطاب كان يلعب على مشاعر وأحاسيس هؤلاء المواطنين بحيث إنهم بالفعل انقلبوا على المعتصمين, لكن انكشفت عورة النظام عندما أمر بالهجوم على الاعتصام السلمي في اليوم التالي, وكان الشعار الرئيسي للمعتصمين هو “الشعب يريد إسقاط النظام” بما فيه مبارك كقائد لذلك النظام.

دور مريب للعسكر

كان دور الجيش في حقيقة الأمر يدعو للريبة, وبالرغم من أنه هو الحامي للميدان، إلا أنه ترك هؤلاء البلطجية يقومون بالهجوم الذي راح ضحيته المئات بين قتيل وجريح, معظم القتلى لقوا مصرعهم بسبب القناصة الواقفين فوق مبانٍ عالية خلف البلطجية, حتى إن بعض الثوار بالميدان توسلوا لضباط الجيش بالتدخل وعمل فض اشتباك, لكنة قال لهم: “لم أتلق أوامر وأن الأوامر لديه عدم التدخل”.

وصب الدور السلبي للجيش في تلك المعركة في مصلحة معتصمي ميدان التحرير, فلقد انكشفت عورة النظام وغباؤهم أمام الرأي العالمي, وأيضا أمام الرأي المحلي الذي انقلب على الثوار عقب خطاب مبارك, ولكنهم عندما شاهدوا هذا الهجوم كانت صدمة بالنسبة لهم، وكثير منهم بدوا متعاطفين مع الثوار.

وبعدما تم أسر البلطجية بخيولهم وجمالهم, بدأت معركة أعنف وأخطر, في الساعات الأولى تم أسر عدد من مؤيدي مبارك, وعند الكشف عن هويتهم, اكتشف الثوار أن عددا منهم من أفراد الشرطة المختبئين في الزي المدني, وبعضهم من البلطجية، واعترفوا أن بعض رجال الأعمال والشرطة قاموا بدفع أموال لهم مقابل اشتراكهم في الهجوم.

وفي ظل التراشق الكثيف بالحجارة, قامت السيدات بدور كبير في المعركة, منهم من يضرب بالحجارة على الأسوار الحديدية كإشارة لكل من في الميدان أن المعركة في أشد مراحلها وأعنفها, وهناك سيدات دخلْنَ في الخطوط الأمامية لإشعال الحماس في قلوب الشباب الذين يتبادلون تراشق الحجارة ضد البلطجية.

وقام الشباب في الخطوط الأمامية بعمل حواجز من بقايا سيارات الشرطة المحترقة, وتم التقدم بتلك الحواجز لتضييق الخناق على الفريق الآخر، الذي قام هو الآخر بعمل حواجز، وكانت هناك مسافة بين الحاجزين.

وفي المشهد ظهر شيخ أزهري قام بالدخول في تلك المسافة التي لا تتعدى عشرة أمتار، ومن فوقه كانت الحجارة تتراشق يمينا وشمالا، وكان احتمال إصابته يصل إلى 99%، ومع ذلك خاطر بنفسه ودخل تلك المنطقة المحظورة بهدف تهدئة الفريق المؤيد لمبارك, وكان هناك رجل يحمل الشيخ وهو يرفع يديه في محاولة لعمل هدنة أو وقف القتال, لكنه لم ينجح في مهمته.

وفي نهاية المعركة التي انتهت بانتصار كاسح لمعتصمي ميدان التحرير, بدأ الفريق الآخر بالتراجع, وبدأ يتناقص في العدد. وفي الصباح تم الاستيلاء على ميدان عبد المنعم رياض، وتم عمل “كردون” لتفتيش من يدخل. وكانت المعركة هي النهاية الفعلية لمبارك ونظامه، بعدما فشلت الشرطة بداية من يوم 25 يناير حتى يوم 28 يناير في إرهاب وقتل المتظاهرين, وانسحبت الشرطة في جمعة الغضب بعد فشل ذريع, وكانت معركة الجمل هي آخر الأوراق التي استخدمها مبارك, وكانت بالفعل آخر مسمار في نعش مبارك.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...