بالأرقام.. زيادة مخصصات داخلية الانقلاب 40 مليار جنيه.. أين تذهب هذه الأموال؟!

بعيدا عن إمبراطورية الجيش الاقتصادية التي تحظى باهتمام واسع من جانب المتابعين والمحللين ومراكز البحث والرصد؛ حيث يقدر حجم استثمارات الجيش في الاقتصاد بحوالي 50 إلى 60%، وبخلاف أن مصر دولة فقيرة للغاية بحسب تصريحات الجنرال عبدالفتاح السيسي وبخلاف أن حج الديون وصل إلى “5.5” تريليون جنيه، إضافة إلى موجات الغلاء التي أدت إلى سقوط عشرات الملايين تحت خط الفقر، إلا أن وزارة الداخلية التي قامت ثورة يناير ضدها وضد انحرافات ضباطها وقياداتها وحجم التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان بسجونها وأقسامها ومقرات احتجازها، تعتبر أكثر الوزارات استفادة من الثورة ثم انقلاب 03 يوليو على المسار الديمقراطي.

ووفقا للأرقام الرسمية المعلنة فإن مخصصات وزارة داخلية الانقلاب ارتفعت من 19 مليار جنيه في عهد حبيب العادلي إلى حوالي 59 مليارا في الوقت الراهن؛ بزيادة قدرها 40 مليار جنيه دفعة واحدة.؛ فأين تذهب هذه الأموال؟ وكيف يتم إنفاقها في ظل غياب أي رقابة شعبية أو مؤسسية، خصوصا إذا علمنا أن البرلمان الذي يفترض أن يقوم بدور الرقيب على أداء الحكومة هو بالأساس صنيعة أمنية؟!

وبعيدا حتى عن حجم الزيادات الرهيبة في مخصصات الوزارة فإن ثمة طرقا أخرى تحصل منها الداخلية على مليارات إضافية منها صناديق الغرامات؛ حيث أعلنت الوزارة مؤخرا عن تحصيل نحو 2 مليار و185 جنيه غرامات لصالح خزانة الدولة خلال عام 2018 إضافة إلى 133.5 مليون جنيه ضرائب ورسوم، وبالطبع لا أحد يعرف على وجه الدقة مدى صحة هذه الأرقام فربما كانت الغرامات والرسوم تصل إلى 10 مليارات تم نهب معظمها وتوريد هذه المبلغ الزهيد إلى خزينة الدولة ذرا للرماد في العيون.

الغرامات والمخالفات

كان آخر هذه الميغة التي تعيش فيها وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب؛ ما تقدم به النائب سليمان العميري، باقتراح يتضمن تخصيص 75% من القيمة المالية لغرامات المخالفات المرورية للداخلية؛ وذلك بهدف إعادة توجيها والاستفادة منها فى تطوير المنظومة والنهوض بالخدمات المقدمة على الطرق العامة الرئاسية، منها تركيب كاميرات مراقبة في أنحاء الجمهورية.

وأوضح العميري، في بيان صحفي أمس الثلاثاء، أن الهدف من هذا المقترح هو تحقيق أقصى استفادة من هذه الأموال لإعادة تطوير وتجديد نقاط التفتيش والدوريات المرورية، وفى نفس الوقت تخفف العبء عن كاهل الميزانية العامة للدولة، وزعم النائب أنه وفقا لما هو معتمد حاليا فإن الداخلية لا تستفيد من رسوم المخالفات، وأنها جهة تنفيذية تحرر المخالفات وتحصل ثم تورد للخزانة الدولة، ويتم دفع تلك الغرامة في خزانة وزارة العدل.

وتابع: “وفيما هو متعلق بالمخالفات التي يقوم بتحصيلها رجال الشرطة في الميادين، يحول أيضا لخزانة وزارة العدل، لأن هذه المخالفات يكون لها أحكام قضائية تُنفذ على أساسها، وأن المرور تقوم بتوريد أموال المخالفات يوميا للخزانة العامة لنيابات المرور وتعود هذه الأموال لوزارة العدل”.

ونوه النائب إلى أن مجلس نواب العسكر سينتهى قريبا من قانون المرور الجديد، والذى تضمن مجموعة مخالفات تندرج تحت الشريحة الخامسة ضمن 50 نقطة مرورية يحصل عليها السائق، ويفقدها نقطة تلو الأخرى بارتكاب مخالفات مرورية بواقع 5 نقاط لكل مخالفة، وتوقيع غرامة مالية بقيمة من 2000 إلى 4000 جنيه، ومن تلك المخالفات وعلى البرلمان ان يبت فى هذا المقترح قبل إقرار قانون المرور الجديد!

“40” مليار جنيه

وبمتابعة مخصصات داخلية الانقلاب خلال السنوات الماضية، بلغت حوالي 19 مليارا في 2010 في عهد حبيب العادلي بعهد المخلوع حسني مبارك. ثم ارتفعت في 2012 إلى 23.7 مليارا. لكن هذه المخصصات ارفعت بشدة في مرحلة ما بعد التعويم حيث كانت في موازنة 2016/2017 “38” مليارا”.. ثم ارتفعت في موازنة “2017/2018” إلى “41.4” مليارا، لكنها ارتفعت إلى “58” مليارا دفعة واحدة في موازنة العالم المالي الحالي “2018/2019” بزيادرة قدرها “16,6” مليارا عن العام السابق عليه!!

لماذا هذه الزيادات الضخمة مرة واحدة؟ وعلى أي شيء تنفق؟ وهل توجد رقابة على إنفاق هذه الأموال الضخمة خصوصا أن البرلمان صنيعة الأجهزة الأمنية من جهة كما تم تحجيم دور الجهاز المركزي للمحاسبات من جهة ثانية والذي أكد رئيسه السابق المستشار هشام جنينه امتناع الجيش والشرطة عن ممارسة الجهاز لدوره الرقابي ما كان سببا أساسيا في الإطاحة به؟!

وبررت لجنة الدفاع والأمن القومي ببرلمان العسكر هذه الزيادات الرهيبة في مخصصات الداخلية بدعوى استيفاء احتياجات ملحة لها في الباب الثالث لميزانيتها، والمخصص لأجور ورواتب العاملين بها.

الاستثمار

وخلال اتخاذ القرار في برلمان العسكر؛ فسر ممثلو الوزارة خلال اجتماع اللجنة هذه الزيادة الرهيبة بأنها تأتي في باب الاستثمار، والذي يتضمن التسليح بأنواعه والذخيرة وكاميرات المراقبة ووسائل الانتقال، لترتفع مخصصات هذا الباب من أربعة مليارات، إلى 13 مليار جنيه، وهي نفس المبررات التي يطالب النائب بزيادة مخصصات الوزارة من الغرامات والمخالفات لأجلها!

وخصصت وزارتا المالية والتخطيط 4 مليارات و400 مليون جنيه زيادة في باب الأجور الخاص بضباط وأفراد جهاز الشرطة، والتي تعد الزيادة الأعلى من بين كل الوزارات، إلا أن الأخيرة تمسكت برفع تلك الزيادة إلى 13 ملياراً و900 مليون جنيه، على الرغم من أن الزيادة ارتفعت بواقع مليار جنيه عن مثيلتها في الموازنة السابقة، والتي كانت 3 مليارات و400 مليون جنيه.

وتوزعت مخصصات الداخلية في الموازنة الماضية (2017/2018) بين هيئات وقطاعات الوزارة على النحو التالي: مصلحة الأمن والشرطة 26.2 مليار جنيه، ديوان عام وزارة الداخلية 9.231 مليار جنيه، صندوق مشروعات أراضي الوزارة 3.9 مليار جنيه، مصلحة السجون 1.347 مليار جنيه، صندوق تطوير نظام الأحوال المدنية 640 مليون جنيه، صندوق التصنيع والإنتاج بالسجون 84.3 مليون جنيه.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...