تحولات الحالة الحزبية في مصر..”مستقبل وطن” وريثا للوطني المنحل

لم تشهد مصر طوال تاريخها السياسي حالة حزبية نشطة متعددة ومتنوعة مثلما كان الوضع في العهد الملكي قبل انقلاب الضباط الأحرار سنة 1952م، وكذلك الفترة القصيرة جدا التي تلت الموجة الأولى من ثورة 25 يناير 2011م حتى انقلاب 03 يوليو 2013م. وتعاني الأحزاب المصرية من ارتباطها بالسلطة منذ يوليو 1952، حينما ألغى الجيش الأحزاب كلها في 16 يناير 1953م وأسس جمال عبدالناصر تنظيما واحدا سلطويا وبقرار فوقي تمثل في “الاتحاد الاشتراكي”، وهذا النوع من الأحزاب الفوقية الصادرة بقرارات سلطوية أو التنظيمات الوحيدة المعبرة عن توجهات السلطة تجذب فريقين من الناس: الأول هم الوصوليون الذين يطمحون في المناصب نفاقا لا كفاءة. والثاني هم المرتعشون الذين يخشون بطش الطاغية وجلاديه.

الأمر ذاته تكرر في سنة 1976، فلا تزال تجربة حزب مصر العربى الاشتراكى، الذي كان يمثل الحزب الحاكم في عهد الرئيس أنور السادات بعد إقرار التعددية عام 1977، وعندما أعلن السادات إنشاء الحزب الوطني الديمقراطي تبرؤا من الفكر الاشتراكي الناصري من جهة وتيمنًا بالحزب الوطني الذي أسسه مصطفى كامل (1874-1908م)، وتولى قيادة الحركة الوطنية ضد الاحتلال الإنجليزي من جهة أخرى. انضم أعضاء حزب مصر العربي الاشتراكي جميعا إلى الحزب الوطني الجديد، الذي أصبح الحزب الحاكم، وترأسه السادات ثم حسني مبارك من بعده. دون أن يشعر هؤلاء بأي خجل من هذا التحول، وكأن الانتقال من حزب إلى حزب أشبه بالتسوق في “سوبر ماركت” واستبدال سلعة بأخرى لا علاقة له بعالم القيم والأفكار!.

وطوال 30 سنة هي فترة حكم الرئيس الأٍسبق حسني مبارك، بقيت الحالة الحزبية في موات؛ ذلك أن النظام الذي يمثل امتدادا لنظام يوليو العسكري لا يؤمن أصلا بفكرة الأحزاب والتداول السلمي للسلطة؛ فهو امتداد لهذه النوعية من النظم السلطوية العسكرية التي لا يعزلها عن الحكم إلا الموت أو القتل أو ثورات الشعوب، وحتى فكرة المنابر الحزبية التي ورثها مبارك عن السادات بقيت تحت سيطرة النظام وأجهزته الأمنية التي تحكمت في الفضاء السياسي حيث كانت تدير الحزب الوطني التابع للسلطة وتضيق الخناق على باقي القوى والأحزاب المعارضة كان معظمها تحت سيطرة النظام باستثناءات قليلة.

موقف السيسي من الأحزاب

«لا هذا ولا ذاك”… بهذه العبارة أجاب جنرال الانقلاب عبد الفتاح السيسي، في أول مقابلة تلفزيونية بعد ترشحه لمسرحية انتخابات الرئاسة المصرية 2014، على سؤال بشأن احتمال تشكيله حزباً سياسياً في حال فوزه، أو انضمامه إلى حزب قائم، لكي يضمن لنفسه “الظهير السياسي”، ولم يكن حديث الجنرال عن رفضه فكره تشكيل حزب سياسي الأول من نوعه، فقبل ثلاثة أشهر، تحدث الكاتب محمد حسنين هيكل عن هذه المسألة قائلاً –انذاك- إن السيسي “لا ينوي أن يؤلف حزباً ولا أتصور ذلك».

ويحظر دستور 2014 على رئيس الجمهورية الانتساب لأي حزب سياسي، وإذا كان عضوا قبل انتخابه فإن الدستور ينص على وجوب استقالته قبل أن يتسلم مهام الرئاسة؛ حيث تنص الفقرة الأخيرة من المادة “140” «لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أي منصب حزبي طوال مدة الرئاسة».

وفي نوفمبر 2017، طرح الجنرال خلال فعاليات مؤتمر شباب العالم الذي أقيم بشرم الشيخ ضرورة تبنى وسائل الإعلام الدعوة لدمج «100 حزب في 10 أو 15 حزباً ليقووا، وتقوى الأحزاب السياسية». وعاد الجنرال ليكرّر دعوته، في مارس 2018، خلال حواره الدعائي مع الإعلامية ساندرا نشأت، إذ أبدى ضيقاً من امتناع الأحزاب عن تقديم مرشحين ينافسونه في مشهد الانتخابات الذي كان محسوما من البداية؛ ملقيا باللائمة على الأحزاب السياسية وهشاشتها وعدم قدرتها على تقديم منافسين. حيث قال الجنرال في معرض رده على المنتقدين لضعف التنافسية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة إن «تلك المسألة لا ذنب لي فيها، وكنت أتمنى وجود أكثر من منافس، لكننا غير جاهزين، ونحن نقول إن هناك 100 حزب، إذن فليقدموا مرشحين».

التحول الكبير وقع مع حالة العزوف الشعبي الكبير الذي شهدته مسرحية الرئاسة في 2014 حتى اسغاثت أبواق النظام بالجماهير ومد المسرحية يوما إضافيا ثالثا دون جدوى ثم العزوف الأكبر في مسرحية 2018م حيث أجبرت النظام على إعادة النظر في بنيته السياسية وإعادة هيكلة تنظيماته وأجهزته الأمنية والسياسية أملا في الوصول إلى صيغة أكثر نفعا للنظام وخدمة لأهدافه في هندسة حالة حزبية تكون تحت السيطرة، وتوجه الأجهزة الأمنية بوصلتها حيث تشاء في خدمة أهداف النظام ومصالحه.

“مستقبل وطن” وريثا للوطني المنحل

وفي أعقاب مسرحية الرئاسة 2018م بدأت عمليات الفك والتركيب وإعادة هندسة المشهد الحزبي، طرحت كثير من الأفكار تتعلق بدمج الأحزاب والتي فشلت لاعتبارات كثيرة، أو تحويل ائتلاف “دعم مصر” إلى حزب سياسي وقد بدأ في اتخاذ خطوات حقيقة في هذا الاتجاه لولا توجيهات عليا من النظام أوقفت هذا التوجه وأطاحت بالقائمين عليه وعلى رأسهم رئيس الائتلاف السابق محمد السويدي الذي تم استبداله بعبدالهادي القصبي رئيس الطرق الصوفية. ما يثير تساؤلات حول أسباب رفض هذا التوجه وتفضيل تسمين حزب قائم بالفعل “مستقبل وطن” على سيناريو تأسيس حزب جديد أو تحول ائتلاف “دعم مصر” إلى حزب سياسي.. فالنظام على ما يبدو أراد أن يتجنب حالة الاعتراض حال تقرر تأسيس حزب جديد معبرا عن السلطة بناء على التصورات الذهنية السلبية عن تجارب أحزاب السلطة التي تصدر بأوامر فوقية. لكن تسمين حزب قائم لن تجد مثل هذه الاعتراضات المتوقعة.

وبدأ النظام خلال النصف الثاني من 2018 في عملية تسمين حزب “مستقبل وطن” ليكون وريثا للوطني المنحل ومعبرا عن السلطة وتوجهاتها وسياساتها.

ومؤشرات ذلك ودلائله لا تخطئها العين ومنها:

أولا: تفريغ الأحزاب المنافسة لمستقبل وطن من كوادرها لحساب الأخير الذي بات ابن السلطة المدلل حيث فخخت الأجهزة الأمنية حزب “المصريين الأحرار” الذي كان صاحب الترتيب الأول في الأكثرية النيابية ب65 نائبا وأفضي الانقسام بداخلة إلى الإطاحة بمؤسسه رجل الأعمال القبطي نجيب ساويرس ثم تقدم “50” نائبا باستقالتهم منه والانضمام إلى “مستقبل وطن” وبذلك لم يبتق للمصريين الأحرار سوى “15” نائبا فقط. وكذلك استقال عدد من نواب الوفد وأحزاب أخرى وانضموا إلى حزب السلطة الجديد.

ثانيا: تحول إلى حزب الأغلبية المطلقة داخل المجلس حيث ارتفعت حصة الحزب من أعضاء مجلس النواب من “55” نائبا فقط إلى “350” نائبا أو أكثر في مطلع الدورة البرلمانية الحالية التي بدأت في أكتوبر 2018م ما يعني أن الحزب بات فعليا مهيمنا على صناعة القرار داخل البرلمان الذي يبلغ عدد أعضاؤه “596” عضوا.

ثالثا: سيطرة الحزب على تشكيلة معظم اللجان النوعية بالمجلس والبالغ عددها حوالي 25 لجنة. والتي انتهت معظم نتائجها بالتزكية.

رابعا: سيطرة الحزب على ائتلاف “دعم مصر” حيث تمت الإطاحة برئيسه السابق محمد السويدي الذي أعلن في بيان غامص منتصف سبتمبر 2018 أنه لن يترشح مجددا لرئاسة الائتلاف وتم الإعلان عن فوز عبدالهادي القصبي، بالتزكية ما يعني أن ترتيبات الأجهزة الأمنية حسمت الأمر. وتم اختيار القصبي تحديدا لرئاسة الائتلاف بعد فترة من الخلافات والانقسام لعدة اعتبارات منها أنه نائب رئيس حزب مستقبل وطن” وهو الحزب الذي رفض تحول الائتلاف إلى حزب وهدد بالانسحاب منه. كما أن اختيار القصبي يؤكد هيمنة “مستقبل وطن” على الائتلاف. إضافة إلى كونه أحد مؤسسي الائتلاف وكذلك رئاسته لجمعية “من أجل مصر” التي كان لها دور في دعم رئيس الانقلاب خلال مسرحة انتخابات الرئاسة الماضية، والتي أعلنت، في أبريل الماضي، عن اندماجها مع «مستقبل وطن»، كما أن القصبي يعد أحد مشايخ الطرق الصوفية الكبار وأحد أقطابهم وهو ما تحتاج إليه الأجهزة الأمنية لتوظيف هذا البعد الشعبي لخدمة النظام باستمرار.

خامسا: السماح لمستقبل وطن دون باقي الأحزاب بامتيازات خاصة منها دعمه بسلع وخضروات سمحت له بإقامة معارض لبيع البطاطس عند اشتعال أزمتها ووصول سعر الكيلو إلى “15” جنيها، فكان الحزب يبيعها في معارضه بأسعار أقل من ذلك بثكير؛ فمن أين حصل الحزب على هذه الكميات وتلك الامتيازات؟! وكذلك معارض لبيع سلع غذائية بأسعار مخفضة وملابس وغيرها بخلاف إقامة دوورات كرة قدم وأنشطة مختلفة ومعسكرات شبابية وهو ما لا يسمح به لغيره من الأحزاب ما يؤكد الدعم الكبير وغير المحدود الذي يحظى به الحزب من النظام وأجهزته الأمنية. كما أن رئيس الحزب أشرف رشاد وهو في ذات الوقت عضوا بالبرلمان أكد أن عدد أعضاء الحزب أكثر من نصف مليون شخص، ونوابه بالبرلمان أكثر من 300 نائب، بينما بلغ عدد مقرات الحزب في سبتمبر 2018م حوالي 367 مقرا، في ظل خطة تستهدف فتح مقرات في كل مركز وقسم على مستوى الجمهورية.

من المخابرات إلى الأمن الوطني

صناعة القرارات وحسم الاختيارات المتعلقة بإعادة صياغة وترتيب المشهد الحزبي يتم في دهاليز وغرف أجهزة المخابرات والأمن الوطني باعتبارهم الفاعل الحقيقي والمهيمن على المشهد الحزبي وإعادة ترتيبه بينما الساسة الواقفون على خشبة المسرح ما هم إلا مجرد دمى تتلاعب بها الأجهزة الأمنية وتحركها كيفما تشاء.
التحول الأبرز جرى خلال مسرحية الرئاسة في مارس 2018م، فقد أصاب فشل جهاز الاستخبارات العامة في توظيف ائتلاف “دعم مصر” في حشد الجماهير أمام اللجان التي بدت خاوية في الغالبية الساحقة من القري والمدن والأحياء بجميع المحافظات المصرية رأس النظام بصدمة مدوية أجبرته على مراجعة مواقفه من تصدر ائتلاف دعم مصر للمشهد السياسي، والاستقرار على طرح بديل يملك قواعد أكثر شعبية في المحافظات، على غرار حزب “مستقبل وطن”. خلال هذه الأثناء تلقى جهاز الأمن الوطني ضوءاً أخضر من رئاسة الانقلاب لتدارك الموقف وإنقاذ ما يمكن إنقاده عشية اليوم الثاني للتصويت، بعد ظهور حالة العزوف الواضحة لدى المواطنين، وذلك بالتواصل مع كبار العائلات في محافظات الصعيد والدلتا، والنزول إلى الجهات والمصالح الحكومية، لدفع المواطنين إلى التصويت في اليوم الأخير للانتخابات، مع غض الطرف عن استخدام الجهاز العديد من وسائل الإكراه المعنوي والمادي التي مارسها من أجل حشد مواطنين أمام اللجان.

انتهى مشهد مسرحية انتخابات الرئاسة إلى نتيجتين خطيرتين على النظام:

1) فشل ائتلاف “دعم مصر” في القيام بدوره السياسي وعدم قدرته على حشد المواطنين وراء توجهات وسياسيات النظام وكذلك فراغ الحالة السياسية وعدم وجود كيان قوي منظم يملئها ويتبني توجهات وسياسات النظام كما كانت الحالة مع الحزب الوطني في عهد مبارك.
2) خلو الساحة السياسية من أحزاب قادرة على تمثيل دور المعارضة الصورية من داخل النظام وقد تجلى ذلك في فضيحة توجيه موسى مصطفى موسى للترشح أمام السيسي في اللحظات الأخيرة قبل غلق باب الترشح وكان قد أعلن عن دعمه للسيسي قبل الترشح ما مثَّل فضيحة مدوية للنظام محليا ودوليا.
بعد مسرحية الانتخابات مباشرة استحوذت فكرة الظهير السياسي للنظام على مجمل النقاشات التي دارت في دهاليز الاستخبارات العامة والأمن الوطني والدائرة الضيقة المحيطة بجنرال الانقلاب ، حتى صرح علي عبدالعال رئيس مجلس النواب بضرورة تشكيل ظهير سياسي للنظام.

وانتهت هذه النقاشات إلى العودة إلى نفس معادلة المشهد الحزبي في عهد مبارك في كثير من أبعادها ومنها

أولا: إقصاء المخابرات العامة والحربية من الإشراف على ملف الأحزاب وإعادة الأمن الوطني للقيام بهذا الدور الذي كان يقوم به في عهد مبارك. وبدأ الجهاز فعليا في ممارسة نفوذه وتطبيق توجهاته التي بدأ بالإطاحة برجال المخابرات وتكويناته ومنها وأد توجهات ائتلاف دعم مصر لتكوين حزب سياسي والإطاحة كذلك برئيسه محمد السويدي وتعيين المقربين من الأمن الوطني ومنهم القصبي كذلك جاء دمج حزب “مستقبل وطن” مع جمعية “كلنا معاك من أجل مصر” التي تأسست بمعرفة الأمن الوطني لدعم السيسي لتكون هي نواة تأسيس حزب السلطة الجديد الذي يعده الأمن الوطني ليكون وريثا للوطني المنحل. وتضم قيادات كثيرة من الوطني المنحل.

ثانيا: اختيار حزب “مستقبل وطن”، جاء لاعتبارات عدة، أهمها وجود مقرات له في جميع المحافظات (مولت الاستخبارات الحربية إنشاءها)، ووجود قواعد شبابية للحزب يمكن الاستفادة منها في الحشد والتربيط في الانتخابات المقبلة، سواء المحلية أو النيابية أو الرئاسية، وهو ما يقابله وهن في جميع الأحزاب القائمة، التي تعاني من ضعف الموارد، والنزاهة الداخلية، نتيجة الاختراقات الأمنية. وقيادات “مستقبل وطن” هم أنفسهم قيادات حملة “معاك من أجل مصر”، الداعمة للسيسي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي تأسست تحت إشراف القيادي السابق في الحزب الوطني “المنحل”، محمد هيبة، وهو أمين الشباب في حزب الرئيس المخلوع، حسني مبارك، وأحد الناجين من المسؤولية الجنائية عن موقعة “الجمل”، بوصفه متورطاً في حشد “البلطجية” للاعتداء على المتظاهرين السلميين إبان ثورة 25 يناير2011.

ثالثا: جرى التنسيق بين أجهزة المخابرات التي تولت تأسيس “مستقبل وطن” وجهاز الأمن الوطني الذي بات المهيمن الفعلي على شئون الأحزاب بعد مسرحية الرئاسة وتم الإبقاء على ائتلاف دعم مصر كمظلة سياسية جامعة لحين استكمال ترتيبات تسمين “مستقبل وطن” ووقوفه على أقدامه وعندئذ سوف ينتهي تماما دور الائتلاف الذي سيتلاشى تلقائيا خلال السنتين المقبلتين لحساب “مستقبل وطن” الذي بات يمثل حزب السلطة الجديد.

رابعا: في إطار هندسة المشهدالحزبي بكل أبعاده تعوِّل دائرة السيسي على حزب “الوفد”، أحد أعرق الأحزاب الليبرالية، ليؤدي دور الحزب “المعارض الصوري” من داخل النظام بعد أن ضغطت تلك الدائرة للدفع بالبرلماني المعين، ووالد مستشار السيسي القانوني، بهاء الدين أبو شقة، في منصب رئيسه، نهاية مارس2018 م، فضلاً عن تعيين المتحدث السابق باسم الجيش، العميد محمد سمير، في منصب مساعد رئيس الحزب لشؤون الشباب.

خامسا: تأكيدا على هيمنة “الأمن الوطني” على المشهد الحزبي مجددا كما كان في عهد مبارك تماما، تم تفويض الجهاز بملف إدارة مجلس النواب من الاستخبارات العامة، بدءا من الدورة البرلمانية الحالية التي بدأت مطلع أكتوبر 2018م، وذلك بعد ثلاث سنوات من تولي المخابرات العامة مهمة اتخاذ قرارات البرلمان من وراء الستار”. وهو ما تزامن مع تهميش دور ائتلاف “دعم مصر” لحساب “مستقبل وطن” الذي أسسه جهاز المخابرات الحربية قبل 4 سنوات وبات تحت إشراف الأمن الوطني منذ انتهاء مسرحية الرئاسة في مارس 2018م . وحاليا فإن “مستقبل وطن” يدار بالكامل من خلال قيادات الأمن الوطني، رغم كونه جزءاً من ائتلاف الغالبية شكلياً”.
سادسا: في إطار إعادة هندسة المشهد الحزبي يتجه النظام نحو وضع نظام انتخابي جديد بنسبة 75 في المائة للقوائم المغلقة، و25 في المائة للمقاعد الفردية. ويهدف ذلك إلى ضمان أغلبية مريحة لحزب الرئيس “مستقبل وطن”، في ضوء سيطرة الأجهزة الأمنية على المشهد الانتخابي، وخضوع الهيئة الوطنية للانتخابات لإملاءات مؤسسة الرئاسة”. وتستهدف دائرة السيسي الأمنية من تصدر الحزب للمشهد السياسي بناء ظهير شعبي في المحافظات، وتولي مسؤولية الحشد في الانتخابات المقبلة، سواء المحلية أو النيابية أو الرئاسية، إلى جانب محاولة تحسين صورة السيسي، بعد انهيار شعبيته بين المواطنين على وقع قرارات رفع الأسعار المتتالية، منذ حصول مصر على الشريحة الأولى لقرض “صندوق النقد الدولي” في نوفمبر 2016م.

دلالات التأسيس

النزوع إلى حزب سلطة جديد ينطوى على اعترافات شبه معلنة. أولها أن ذلك يمثل اعترافا صريحا بتآكل شعبية الجنرال ونظام 30 يونيو وأن الظهير الشعبي للنظام انحسر تحت وطأة الأزمة الاجتماعية وارتباك الأداء العام وغياب أى خطاب سياسى مقنع وتردى إعلام التعبئة فى صراخ لا يقنع. وتلك أزمة عميقة لا يقدر عليها ظهير سياسى ينشأ بالمواصفات والسياسات القديمة والوجوه التى استهلكت كل النظم. وثانيها أن السياسات المتبعة وصلت إلى طريق مسدود ينذر ويهدد باضطرابات فى الداخل وضغوط من الخارج لاختصار الرئاسة بأقرب وقت. وثالثها فإن قانون الانتخابات النيابية، بعد تنحية السياسة، أفضى إلى برلمان أداؤه غير مقنع، ولا يقدر أن يوفر غطاء لنفسه فضلا عن السلطة. فالضعف البادى فى حزب السلطة البرلمانى ائتلاف «دعم مصر» من نتائج النظرة الضيقة لحركة المجتمع والتفاعلات فيه. فمصر تحتاج لتوافقات وطنية لا تلفيقات سياسية، فلا يمكن تجاوز الأزمات الصعبة بأحزاب سلطة جديدة، تولد باليقين ميتة».

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السيسي يُطعم المصريين الخبز المصاب بـ”الإرجوت” السام لإرضاء الروس!

رصد تقرير استقصائي لموقع “أريج” كيف يُطعم السيسي المصريين الخبز المصاب بفطر قمح “الإرجوت” لإرضاء ...