لماذا تشارك أوروبا في القمع الدموي بمصر؟

ظلت السياسات الأوروبية لحقوق الإنسان تجاه مصر، مخيبة للآمال وتتميز بالنفاق وتغليب مصالحها على انتهاكات حقوق الإنسان والقتل والتعذيب طوال عقود مضت، ومع انقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي وتعاظم سياسات القتل الجماعي والتعذيب والقمع، هرول الاتحاد الأوروبي لا للدفاع عن حقوق الإنسان، بل لتوثيق علاقته مع الديكتاتور الدموي مقابل مصالح وصفقات سلاح قدمت كرشاوى مقابل الصمت والتواطؤ.
وتجاهلا لنحو 100 ألف معتقل في سجون العسكر، يجري الاتحاد الأوروبي مفاوضات مع السفيه السيسي من أجل إبرام اتفاق بشأن مكافحة الهجرة غير النظامية وأنشطة المهربين، حسبما كشفت مصادر أوروبية وعربية رفيعة المستوى.
وقالت مصادر إن المفاوضات بدأت بالفعل خلال اجتماعات مجلس الشراكة المصري الأوروبي الذى انعقد في بروكسل، برئاسة وزير خارجية الانقلاب سامح شكري والممثلة العليا للشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني، الخميس الماضي.
وعلق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مؤتمر صحفي سابق مع السفيه السيسي، على المطالبات بشأن الالتفات إلى الانتهاكات التي ترتكبها سلطات الانقلاب، قائلًا :”ليس وارد إعطاء دروس للرئيس السيسي في مجال حقوق الإنسان”!

تجاهل للدم
ومن المقرر أن تبلغ المفاوضات ذروتها خلال القمة الأوربية العربية المقرر عقدها في مصر في فبراير المقبل، فيما تتصاعد المخاوف من أن يكون الاتفاق المرتقب على حساب تجاهل أوروبا لـ”الانتهاكات الحقوقية” في مصر.
وقال مسئول أوروبي رفيع المستوى: “الاتحاد الأوروبي عبر في أكثر من مناسبة عن نيته الانخراط بشكل مكثف مع جيرانه لإعادة سيادة القانون للبحر المتوسط من خلال عمليات البحث والإنقاذ وإيقاف عمليات المهربين”.
فيما قالت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، إن عصابة السيسي تتخوف من تسبب المهاجرين الذين سيتم نقلهم إلى مصر في مشاكل أمنية، وينتهي الأمر ببقائهم فيها لسنوات، في ظل صعوبة ترحيلهم لبلدانهم الأصلية بسبب عدم امتلاك أغلبيتهم لوثائق تثبت هوياتهم.
ولفتت الصحيفة إلى أن خطوة التعاون مع عصابة السيسي في مكافحة الهجرة غير النظامية تثير مخاوف بشأن الوضع الحقوقي في مصر؛ معتبرة أن عصابة الانقلاب “تُصعد أكثر فأكثر” ضد المعارضة، ويخشى مراقبون، من أن يكون الاتفاق الأوروبي مع مصر حول الهجرة على حساب تغاضي بروكسل عن “الانتهاكات” الحقوقية في مصر.
وفي وقت سابق اتهمت منظمات غير حكومية حقوقية فرنسا بتقديم الدعم للسفيه السيسي على مدى الخمس سنوات الأخيرة لـ”سحق الشعب المصري”، ويتمثل الدعم وفق ما ذكر تقرير المنظمات الحقوقية أن باريس سلمت القاهرة أسلحة حرب وبرامج ومعدات معلوماتية أتاحت للنظام “قمع” الشعب.
وفي تقرير مشترك من 64 صفحة، أكد كل من الاتحاد الدولي لرابطات حقوق الإنسان، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ورابطة حقوق الإنسان، ومرصد الأسلحة، أن “الدولة الفرنسية والعديد من الشركات الفرنسية شاركت في القمع الدموي المصري في السنوات الخمس الأخيرة”.
وتابعت المنظمات أن باريس سلمت عصابة السيسي أسلحة حرب ارتفعت المبيعات من 39,6 مليون إلى 1,3 مليار يورو من العام 2010 إلى 2016، فضلا عن البرامج والمعدات المعلوماتية التي أتاحت “إنشاء بنية مراقبة وتحكم أورويلية استخدمت لضرب أي محاولة انشقاق أو تعبئة.
سحق المصريين
ومنذ الانقلاب العسكري الذي دبّره السفيه السيسي في يوليو 2013، تعيش مصر في خضّم بطش بلا هوادة، كما يبين ذلك سجّل قوات الأمن وفضّ اعتصام رابعة العدوية يوم 14 أغسطس 2013، وآلاف الإعدامات خارج نطاق القضاء وحالات الاختفاء القسري، والاستخدام المنهجي للتعذيب، وارتفاع أعداد الأحكام بالإعدام.
ورغم إعلان مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في 21 أغسطس 2013 بأن الدول الأعضاء قرّرت تعليق تراخيص التصدير إلى مصر لأيّ معدات يمكن أن تستخدم في القمع الداخلي، إلا أنّ ثمانية شركات فرنسية على الأقل استفادت رغم ذلك من هذا القمع حاصدة أرباحا قياسية.
يقول بهيّ الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان:”في حين أن الثورة المصرية عام 2011 حرّكها جيل الفيسبوك بالغ الموصولية بالانترنت، والذي عرف كيف يحشد الجماهير، فإن فرنسا اليوم تساعد في سحق هذا الجيل من خلال تأسيسها لنظام مراقبة وتحكّم استبدادي يهدف إلى قتل أيّ شكل من التعبير عن الاحتجاج في مهده”.

Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2018-10-30 18:32:46Z | | ÿ ÿÿÿ±mž
Ø
وذرا للرماد في العيون يخرج الاتحاد الأوروبي على فترات بتوصيات جوفاء لا تساندها تحركات سياسية على مستوى الحكومات يدين القمع في مصر، وتعليقا على هذه التوصيات، استبعد الناشط الحقوقي أحمد الإمام أن تنجح هذه التوصيات والتقارير في وقف انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، من قتل خارج القانون أو اعتقالات أو تعذيب المعارضين والصحفيين.
المصالح أهم!
وأوضح الإمام، أن التعامل الغربي مع الأنظمة القمعية، ومن بينها عصابة السيسي، يتسم بالازدواجية، حيث يوجه النواب ووسائل الإعلام انتقادات لهذه الأنظمة، بينما تكون العلاقات السياسية والاقتصادية للحكومات على النقيض تماما، وتشهد تعاونا مستمرا.
وأشار إلى أنه في الوقت الذي يهاجم فيه نواب في الكونجرس الأمريكي الانتهاكات الحقوقية في مصر نجد الرئيس دونالد ترامب يصف السفيه السيسي بأنه صديق مخلص لبلاده، وحريص على الشراكة الإستراتيجية بين بلديهما.
كما تؤكد الخارجية الأمريكية مرارا أن مصر تعد من أهم حلفاء الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، كما أعلنت في يوليو الماضي إنهاء تجميد مساعدات عسكرية لجنرالات الانقلاب بقيمة 195 مليون دولار، على الرغم من استمرار الانتهاكات بحق معارضي العسكر.
ولفت إلى أن البرلمان الأوروبي سبق أن أصدر توصيات مماثلة عام 2016 على خلفية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في مصر في العام ذاته، وطالب بمراجعة شاملة لعلاقة أوروبا مع مصر، ووقف التعاون الأمني معها؛ بسبب ارتكاب سلطات الانقلاب انتهاكات مروعة، لكن هذا لم يقلل من التعاون السياسي والأمني والاقتصادي بين دول أوروبا وعصابة السيسي، الذي وصل إلى مستويات عالية طوال العامين الماضيين.
x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...