
والوصول – أحبتي – إلى هذا المرتقى الكريم يحتاج حتماً إلى زاد الدعوة اللازم لكل مرحلة من مراحل هذا الطريق الطويل الشاق ألا وهو “الصبر الجميل ، والثبات العميق ، والأمل والتفاؤل واليقين في نصر الله قال تعالى : (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) (وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ) (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) (اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ) (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
ولكن الصبر الجميل ليس مجرد كلمة ترددها الألسنة مع ضيق الصدر وتململ القلب كلا ، إنما الصبر الجميل
هو الصبر المطمئن الذي لا يصاحب السخط ولا القلق ولا الشك في صدق الوعد صبر الواثق من العاقبة الراضي بقدر الله ، الشاعر بحكمته من وراء الابتلاء، الموصول بالله المحتسب كل شيء عنده مما يقع به.
الصبر الجميل: هو الترفع على الألم والاستعلاء على الشكوى والثبات على تكاليف الدعوة والتسليم لله عز وجل والاستسلام لما يريد من الأمور والقبول لحكمه والرضى به
الصبر الجميل هو الثبات على طول الطريق دون عجلة أو قنوط ،أدَّ واجبك وفقط فأما النتائج فليست لك.
أنه لا سبيل في احتمال البلاء إلا بالرجاء في نصر الله ولا سبيل إلى الفرج إلا بالتوجه إلى الله ولا سبيـل إلى الاستعلاء على الضر والكفاح للخلاص إلا بالاستعانة بالله وكل حركة يائسة لا ثمرة لها ولا نتيجة إلا زيادة الكرب ومضاعفة الشعور به والعجز عن دفعه بغير عون الله
وأخيراً فإنَّ الذين احتملوا في الطريق إلى الله ما احتملوا فلم ينكصوا ولم يأسوا الذين صبروا على فتنة الناس وعلى فتنة النفس الذين حملوا أعباءهم وساروا في ذلك الطريق الطويل الشاق الغريب أولئك لن يتركهم الله وحدهم ولن يضيع أعمالهم ولن ينسى جهادهم إنه تعالى سينظر إليهم من عليائه فيرضيهم وسينظر إلى جهادهم فيه فيهديهم وسينظر إلى محاولتهم الوصول فيأخذ بأيديهم وسينظر إلى صبرهم وإحسانهم فيجازيهم (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) .
فإن الله تعالى لا يعجل لعجلة أحد من خلقه ولا مبدل لكلماته سواء تعلقت هذه الكلمات بالنصر المحتوم أو بالأجل المرسوم ( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) وقال تعالى
(حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ).
هذه هي الحقيقة في كل دعوة يخلص فيها الجند ويتجرد الدعاة لله عز وجل إنها غالبة منصورة مهما وضعت في طريقها العراقيل ومهما رصد لها الباطل من أكاذيب ووعيد ، والمؤمن يتعامل مع وعد الله عز وجل على أنه الحقيقة الواقعة .