العدل أولا ..!!

عندما يتوفر العدل في مجتمع ، فإنه يهيء المناخ المناسب لإيجاد الشاب العابد ، والرجل المعلق بالمساجد ، والمحب في الله الواحد ، يوفر المناخ للخائفين من الله ، والمتصدقين في الله ، والذاكرين لله ..!! وهذا ما عناه حديث رسول الله : سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل , وشاب نشا في عباده الله عز وجل , ورجل قلبه معلق بالمساجد , ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه . وتفرقا عليه , ورجل دعته امرأة ذات جمال وحسن . فقال : إني أخاف الله , ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ماتنفق يمينه , ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه     متفق عليه .. ذكِر الإمام العادل في أول الخصال لعظم أمر الإمامة والعدل فيها .

وعرِف عن عمر بن الخطاب أنه إذا ذكر ذكر معه العدل ، ولما كان في قصر كسرى بن هرمز  نار تعبد من دون الله , فأول أمر أصدره سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بعد الفتح أن يرفع الأذان , ومع قول المؤذن: الله أكبر الله أكبر . أشهد أن لا اله إلا الله حتى كانت نار الشرك قد انطفأت بقوة التوحيد , وبعدها جمعت  الغنائم , ووزعت على أفراد الجند, ثم أرسل بنصيب بيت المال إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع أساور كسرى, وما أن استلمها الفاروق عمر حتى نظر إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال له:  قوما فعلوا هذا لأمناء…. فردّ عليه علي رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين! عففت فعفّت رعيتك, ولو رتعت لرتعت رعيتك.

هذا هو ميزان الحكم الذي يجب أن يسود في المجتمعات … ولو أنّ خلفاء المسلمين على هذه الأرض المسلمة عفّت وعدلت  كما عفّ وعدل صحابة النبي صلى الله عليه وسلم لخلت السجون من روادها ولما وجدنا فيها قاتلا أو سارقا أومتعديا .

والإمام : هو من يوضع في موضع المسئوليه في تحديد أحوال الناس فإما أن يكون ظالما وإما أن يكون عادلا يحكم بما أمره به الله ولا يظلم الناس أشياءهم, فهو يحكم بين الناس بما أمره الله, لا يظلم ولا يتسلط ولا يتبع أهواء نفسه, وجزاء صبره ومجاهدته لنفسه في إقامة العدل أنه من السبعة المكرمين .

ولقد عظَّم الشرع أمر العدل ، سواء كان في الولاية العظمى ، أو فيما دونها من الولايات ، حتى في أمور الإنسان الأسرية ، كالعدل بين الزوجات ، والعدل بين الأولاد ، وغير ذلك ، قال تعالى  ” وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ “( الشورى :15)  وقال صلى الله عليه وسلم : ” اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم “وقال تعالى : “ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ “( النحل :90)  ، وقال صلى الله عليه وسلم ” إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل ، وكلتا يديه يمين ، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا )  وإذا التزم الرجل والمرأة بهذا الخلق  تمتعا بالحياة الطيبة “ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ “(النحل:97)  ودخلا الجنة من أوسع الأبواب    ” وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا “( النساء :124)  ورزقا فيها بغير حساب ” وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ “(غافر:40) .. هل نكتسي ثوب العدل بعد ثورة 25 يناير ؟! هل نحقق العدالة الاجتماعية على جميع الأطياف المصرية ؟ هل نطبق حديث الرسول الكريم  فيكون العدل أولا ؟!! هي مسؤلية ضمنية شرطية لكي تتحقق النهضة المنتظرة على أرض الواقع ..!!
اللهم ألبسنا ثوب العدل ، وارزقنا نعمة الأمن ، وأتم علينا الحرية ، وأكرمنا بتاج التقوى ، وفرحنا بلقاء الأحبة محمدا وصحبه ، ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم ،   اللهم فقهنا في ديننا ، وفهمنا شرعة ربنا ،  اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك و يذل فيه أهل معصيتك و يؤمر فيه بالمعروف و ينهى فيه عن المنكر.. اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب العمل الذي يقربنا حبك ، اللهم ارفع مقتك وبغضك وغضبك عنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ، اللهم سَدِّدْ خُطانا إليك، شرِّفنا بالعمل لدِينك، ووفِّقنا للجهادِ في سبيلك، وغيِّر حالَنا لمرضاتك، امنحْنا التقوى، واهدْنا السبيل، وارزقنا الإلهامَ والرشاد، اللهمَّ ارزُقْنا الإخلاص في القوْل والعمل، ولا تجعلِ الدنيا أكبر همِّنا، ولا مبلغ عِلْمنا، وصلِّ اللهمَّ على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحْبه وسلِّم، والحمدُ لله ربِّ العالمين.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ

خمسة توكل!قال الإمام القشيري:“لما صدَق منهم الالتجاء تداركهم بالشِّفاء، وأسقط عنهم البلاء، وكذلك الحقُّ يكوّر ...