بالأرقام والإحصاءات والاعترافات.. مصر إلى كارثة جديدة في 2019

منذ انقلاب العسكر على الشرعية والديمقراطية في 30 يونيو 2013، والكوارث تتوالى على الشعب المصري، الذي صدّق بعضه أن للعسكر وعدا، فيما تيقن الجميع منذ البداية أن الانقلاب لا يؤدي سوى إلى الفشل والانهيار والخراب في كافة المجالات.

وربما لم يخلُ مجال من ملامح الانهيار، إلا أن فقد الانتماء لدى المصريين، وضياع الأمل، وانتشار اليأس والإحباط، وتضييع مقدرات الدولة، والاستدانة بشكل خيالي؛ تعتبر الأبرز في تلك الملامح.

مرت 5 سنوات على المصريين، وتأكدوا أن الحكم العسكري أذل البلاد والعباد، وفرَط في ثروات الوطن، وجزره ونيله، وقتل الآلاف من أبنائه، واعتقل وعذب وطارد عشرات الآلاف الآخرين، ولا يزال يواصل قمعه لجميع من عارضوه ومن أيدوه.

كارثة في 2019

وأقرت حكومة الانقلاب مؤخرا مجموعة قرارات بشأن مستقبل أسعار الوقود، على أن يبدأ تطبيقها خلال الشهر الجاري، مع العلم أن إجراءات خطة أخرى تخصّ “التحوط ضد مخاطر ارتفاع أسعار النفط عالمياً” دخلت حيّز التنفيذ بالفعل بداية هذا الشهر.

ووضع العسكر اللمسات الأخيرة نحو تحرير أسعار الوقود نهائياً في 2019 بمجموعة قرارات صارت جاهزة بالفعل، لكنها لم ترغب في إعلانها للرأي العام سريعا، كما تنقل مصادر، رغم التوافق الداخلي الكلي عليها ومراجعة المنقلب عبد الفتاح السيسي لها خلال الاجتماعات الوزارية التي عقدت على مدار الأسبوع الماضي في مقر رئاسة الانقلاب.

فمنذ عودة حكومة العسكر من شرم الشيخ بعد انتهاء “منتدى أفريقيا 2018″، بدأ رئيس وزراء الانقلاب مصطفى مدبولي، مناقشة التمهيد للقرارات الجديدة بشأن الوقود، مع اعتماد آلية التسعير التلقائي على الوقود، التي ستُطبق نهاية الشهر الجاري على “بنزين 95″، على أن تشمل لاحقاً باقي أنواع الوقود. ومع أن الحكومة لم تحسم نهائياً موعد رفع الدعم عن باقي أنواع الوقود، يُفترض دخولها حيّز التنفيذ قبل نهاية العام المالي الجاري في 30 يونيو المقبل، بموجب التعهدات التي قدمتها إلى “صندوق النقد الدولي” من أجل الحصول على قرض الصندوق كاملاً، المقدَّر بـ 12 ملياراً، علماً أنّ القاهرة حصلت على غالبية دفعات القرض.

بموجب الآلية الجديدة، سيُحدد سعر بنزين 95 بداية كل شهر بناءً على الأسعار العالمية، وستُطبق الزيادات المحتملة على الأسعار مسبقاً، كي يُباع ليتر البنزين بالسعر العالمي دون أن تتحمل موازنة الدولة عبء أيّ جنيه في إيصاله إلى المستهلك. ومن المقرَّر أن تشمل الخطة تحرير سعر بنزين 92 لاحقاً، مع إلغاء بنزين 80 الذي تستخدمه غالبية مركبات النقل ليُستبدَل به بنزين 87 الذي سيرتفع سعره أيضاً، وذلك لخفض فاتورة الدعم ككل. كذلك، سيرتفع سعر السولار الذي تستخدمه سيارات النقل، في زيادات ستؤدي بمجملها إلى ارتفاع التضخم وزيادة نسبة الفقر، في وقت توقفت فيه الدولة عن تقديم المزيد من الدعم إلى الأسر الاكثر احتياجاً.

وضع منهار

وشهدت مصر في عهد الانقلاب العسكرى بقيادة السيسي 14 زيادة مباشرة في أسعار الوقود والكهرباء والسجائر وتذاكر مترو الأنفاق والقطارات، بخلاف 8 قرارات تسببت في إشعال أسعار مختلف السلع والخدمات، ما يشير إلى أنَّ قرارات زيادة الأسعار بصورة مباشرة أو غير مباشرة كانت تصدر بمعدل قرار كل نحو شهرين، وفي رصد تحليلي لقرارات حكومة السيسي منذ يونيو 2014، فإنَّ العدد الأكبر في قرارات زيادة الأسعار، جاء خلال العام 2017، وكانت الزيادات أكثر إيلامًا للفقراء ومحدودي الدخل من الطبقات المتوسطة.

اضطرابات متوقعة

العام الحالي توقع صندوق النقد الدولي، أن تقوم مصر بتخفيض فاتورة دعم الوقود إلى 2.4٪‏ من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية الحالية من 3.3 ٪‏ في السنة الماضية، وحذّر من مخاطر محتملة من بينها سياسة نقدية تيسيرية سابقة لأوانها وتدهور الوضع الأمني.

وتوقع صندوق النقد سبقه توقع مماثل لصحيفة الفورين بوليسي التي رصدت قبل عام أن ثورة جياع قادمة في مصر، مشيرة إلى قيام استغلال نظام السيسي لاتفاق صندوق النقد الدولي للضغط على الطبقات الدنيا وإثراء زمرة صغيرة من الجنرالات السابقين، موضحة أنَّ السلطات المصرية تقوم بتنفيذ الاتفاقية على حساب الفقراء.

ثورة على الأبواب

ووفق ما نشرته صحيفة “تسايت” الألمانية للكاتب، يوخن بيتنر، الخبير الاقتصادي لدى الاتحاد الأوروبي فإن هناك بوادر ثورة مصرية جديدة على خلفية الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي عجز النظام المصري عن تجاوزها؛ حيث يقول إنَّ “الثورة القادمة في مصر ستكون ثورة جياع “، فهل يفعلها الغلابة؟!

وكشفت التقارير الرسمية الصادرة من قبل مؤسسات حكومية رسمية ،عن استمرار حالة الفقر المدقع والضنك والإذلال الذى يعيشه ملايين من الشعب المصرى تحت وطأة حكم العسكر ،تسببت فى إنحدار مستوى المعيشة بالأسر ووصول غالبية الشعب إلى منحنى خطر.

مصر الانقلاب إلى أين؟

فالأرقام تؤكد أن مُعدلات الفقر وصلت إلى ٢٧.٨٪ من إجمالى عدد السُكان فى ٢٠١7 مقارنة بـ ١٦.٧٪ فى العام ٢٠16، حسبما أكد بحث قام به الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عن؛ الدخل والإنفاق فى الأسرة المصرية، ما يعني؛ أن ٢٥ مليون مصرى يعيشون تحت خط الفقر، حيث يصل دخل الفرد فى هذه الشريحة إلى أقل من ٤٨٢ جنيها شهريًا.

نشر الجهاز المركزي للإحصاء، تقريرًا عن الفقر فى مصر، مؤكدًا أن أسعار اللحوم والدواجن والسلع الغذائية ارتفعت بشدة، ما أدي إلى تراجع نصيب الفرد من الغذاء، وينذر بكارثة غذائية في مصر يدفع ثمنها الجيل القادم.

وكشفت بيانات الجهاز انخفاض متوسط نصيب الفرد المصري من اللحوم الحمراء بنسبة 29.4% إلى 9.6 كجم لانخفاض الإنتاج والواردات من لحوم الأبقار والجاموس.

وحسب الجهاز انخفض نصيب الفرد من القمح بنسبة 2.3% إلى 137.8 كجم مقابل 141.1 كجم، كما تراجع متوسط نصيب المصري من الأرز بنسبة 11.3% إلى 34.7 كجم مقابل 39.1 كجم، ومن الخضروات بنسبة 7.3% إلى 86.3 كجم مقابل 93.1 كجم، ومن الفاكهة بنسبة 1.6% إلى 62.6 كجم مقابل 63.6 كجم، ومن لحوم الدواجن والطيور بنسبة 5.6% إلى 10.1 كجم مقابل 10.7 كجم.

ووفقًا لتقدير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء التابع لحكومة الانقلاب، فإن نحو 28% من الشعب المصري لا يستطيع الوفاء باحتياجاته الأساسية من الغذاء وغير الغذاء، ورغم تلك الإحصائيات الرسمية إلا أن المواطن المصري دائمًا ما يجد نفسه أمام مطالبات مستمرة بالتقشف من جانب السفيه ووزرائه وبرلمانه وحتى إعلامه.

فقرا أوي

ولم يكف المنقلب السيسي بالحديث عن فقر المصريين ،بينما يتجه لبناء القصور والأبراج العسكرية والفنادق له ولعصابته، ودائما ما يكرر بطلب “الصبر عليه” وعدم الشكوى تعبيرًا عن حب مصر والتضحية من أجلها، وكانت أبرز تلك التصريحات عندما قال: “إحنا فقراء أوي. محدش قال لكم إننا فقراء أوي؛ أنا بقول لكم احنا فقراء”، ومن قبل ضرب السيسي بنفسه مثلًا على تحمّل الفقر حين قال إن ثلاجته ظلت فارغة إلا من المياه لعشر سنوات “ومحدش سمع صوتي” على حد زعمه.

واعترف وزير التنمية المحلية السابق، هشام الشريف، أن نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر الشديد تجاوزت حاجز الـ40%، وعزا ذلك إلى تعويم الجنيه، وقال إن مصر تحتل المركز قبل الأخير (139) في مستوى جودة التعليم، معتبرًا هذا الأمر ‘لا يليق بالدولة المصرية’.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...