استيراد الغاز الروسي يكشف أكاذيب السيسي حول الاكتفاء الذاتي بعد الغاز الإسرائيلي

أثار إعلان شركة “روسنفت” الروسية بدء الإجراءات القانونية لتوريد الغاز الطبيعي والمسال للسوق المصرية، علامات استفهام عديدة، وردود أفعال مختلفة، حول هذه القضية، بعد شهور قليلة من قضية استيراد الغاز من الكيان الصهيوني، في الوقت الذي كانت تعلن فيه سلطات الانقلاب اكتفاء مصر ذاتيا من الغاز الطبيعي بعد اكتشاف حقل “ظهر”؛ الأمر الذي أثار الشكوك حول هذه الصفقات المشبوهة من خلال بيزنس العسكر في استيراد وتصدير الغاز الطبيعي.

وكشفت صحيفة “المال” أن شركة “روسنفت الروسية” بدأت الإجراءات القانونية لتوريد الغاز الطبيعي والمسال للسوق المصرية، بعد توقيع شركة “دولفينوس” القابضة في مارس 2018، اتفاقات مدتها 10 سنوات لاستيراد غاز بقيمة 15 مليار دولار من إسرائيل، بعقد أثار الجدل وبررته الحكومة بأنه خطوة لتحويل مصر لمركز لتصدير الغاز لأوروبا.

إلا أن إعلان شركة “روسنفت” كشف وهم “الهدف” الذي زعم عبد الفتاح السيسي إحرازه من خلال قضية استيراد الغاز من الكيان الصهيوني وتحويل مصر لمركز تصدير الغاز لأوروبا ومركز إقليمي للطاقة، حينما قال السيسي نصا: “دي مصر جابت جول”.

ويسمح قانون “تنظيم سوق الغاز الطبيعي” الذي أقره البرلمان في 2017، للشركات الخاصة بمصر باستيراد الغاز وإعادة تصديره، وهو القانون الذي فسره متابعون سياسيون بانه يصب في مصلحة بيزنس العسكر، خاصة مع نوسع قيادات المخابرات الحربية في إنشاء شركات تصدير واستيراد الغاز من الخارج، من خلال رجال أعمال في الظل، يعملون بشراكة مع العسكر بشكل غير مباشر.

وكانت سلطات الانقلاب قد أعلنت أن مصر باكتشاف حقل ظهر ستكتفي ذاتيا من الغاز الطبيعي بداية 2018، بحوالي 6 أضعاف ، إلا أنها فاجأت المصريين بإعلان تصدير الغاز من الكيان الصهيوني ثم من روسيا.

وقالت وزارة البترول إن إنتاج ظهر أصبح ملياري قدم مكعبة يوميا، ومع دخول حقول أخرى على الإنتاج، وصل إنتاج مصر 6 مليارات قدم مكعبة غاز يوميا، فيما بلغ متوسط الاستهلاك اليومي من5.7 إلى 6 مليارات قدم مكعب يوميا، 2.1 تريليون قدم مكعب سنويا.

ليطرح إعلان “روسنفت” تساؤلات عديدة حول سر استيراد سلطات الانقلاب للغاز من روسيا، رغم اكتفائها ذاتيا بحسب ما أعلنته من اكتشاف حقل ظهر.

ونقل موقع “عربي 21” عن الخبير الاقتصادي إبراهيم نوار قوله للإجابة على استيراد الغاز من روسيا وإسرائيل، إنه منذ البداية حصلت شركة إيني والشركات الشريكة بحقل ظهر على أسعار مجزية، مضمونة من الحكومة لتصدير الغاز للسوق المحلي بسعر يبلغ على الأقل 5 دولارات للمليون وحدة حرارية”، موضحا أن “هذا السعر يضمن للشركات سوقا كما يضمن عائدا كافيا لاسترداد قيمة الاستثمارات خلال سنوات قليلة”.

وأضاف أن “تصدير الغاز عالي التكلفة من حقل ظهر لأسواق أوروبا وشرق آسيا غير مجد تجاريا؛ لذلك فالسوق الطبيعي لغاز حقل ظهر هو السوق المصري”، وبالتالي تحويل مصر مركزا لتسييل الغاز وتصديره إلى أوروبا كلا لا أساس له من الصحة.

وأكد أن إسالة الغاز بمصر تزيد تكلفته مع النقل بنسبة لا تقل عن 50 %، ومن الصعب جدا تصدير الغاز المسال دون وجود بنية أساسية كاملة للتصدير وبأسعار مقبولة بالأسواق الخارجية، مبينا أنه “لذلك تم تحرير سوق الغاز بمصر مبكرا للسماح للقطاع الخاص وللأجانب العمل فيها تصديرا واستيرادا.

وكشف أن لجوء نظام الانقلاب لشركة روسنفت لاستيراد الغاز، ربما يكون من أجل سد العجز في محطات توليد الكهرباء خارج الشبكة القومية، للوفاء باحتياجات بعض الصناعات خصوصا السيراميك والأسمدة والإسمنت والزجاج.

فيما قال الخبير الاقتصادي بمركز الأهرام مجدي صبحي، إنه ربما يكون الاستيراد لسد العجز في قطاع وشركات الأسمدة، خاصة مع السماح للقطاع الخاص للاستيراد من الخارج، لكنه ينسف فكرة تحويل مصر كمركز إقليمي لتصدير الغاز، قائلا: “لن يكون هناك أي معنى لاستيراد الغاز ثم إعادة تصديره؛ ومن الأوفر لأوروبا استيراده مباشرة من روسيا وهي بالفعل تستورد الغاز المسال إلى جانب الأنابيب من روسيا”.

وقال المحلل السياسي، محمد حامد، إن حقول الغاز ليست ملكا لمصر التي بذلت جهدا كبيرا لاستكشافها مبكرا وتنازلت عن حصتها للاستكشاف السريع، لذا فحقول الغاز ليست ملكا لها بل ملكا للشركات الأجنبية، وما حدث من حكومة الانقلاب كان مجرد إعلان إنجاز لسنا طرفا فيه.

وكان وزير البترول قد زعم أن المخطط أن يبدأ الاستيراد بكميات قليلة ليصل إلى ذروته في سبتمبر 2019. أما التصدير من الجانب المصري فسيبدأ في الربع الأول من العام القادم.

وأُبرم الاتفاق بين شركة دولفينوس هولدينغ (شركة مصرية خاصة) وشركتي ديليك دريلينغ ونوبل إينيرجي الإسرائيليتين، في فبراير الماضي، بحيث يصدر الغاز الإسرائيلي من حقلي تمار ولوثيان البحريين بقيمة 15 مليار دولار.

وستصدر إسرائيل لمصر كمية إجمالية قدرها 64 مليار متر مكعب من الغاز على مدى عشر سنوات.

ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتفاقية تصدير الغاز إلى مصر بيوم العيد، مضيفا أنها ستعزز الاقتصاد الإسرائيلي وتقوي العلاقات الإقليمية.

واعتبر وقتها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي استيراد الغاز من إسرائيل بأن بلاده تسعى لأن تصبح مركزا إقليميا للطاقة في منطقة شرق المتوسط، معتبرا توقيع الاتفاقية بمثابة “إحراز هدف”.

وأضاف أن القاهرة تسعى لجذب الغاز الخام المكتشف في قبرص وإسرائيل ولبنان ودول المنطقة ومعالجته في منشآتها قبل إعادة تصديره أو استغلاله في الصناعات المصرية.

وكانت مصر تبيع الغاز لإسرائيل بأسعار أقل من السعر العالمي قبل أن تتوقف عملية التصدير.

وبالرغم من أن حكومة الانقلاب تنفي علاقتها باستيراد الغاز من إسرائيل وأن صاحب الاستيراد هو شركات القطاع الخاص، إلا أن كل المعلومات التي تم اكتشافها لاحقا أثبتت أن هذه الشركات هي باب خلفي للمخابرات الحربية.

ويُرجح أن تتم عملية تسييل الغاز الإسرائيلي في مصنعي تسييل يقعان في مدينتي “إدكو” و”دمياط” شمالي مصر، وهما المنشأتان الوحيدتان من هذا النوع في شرق البحر المتوسط.

وقال خبراء اقتصاد إن استيراد الغاز الإسرائيلي تم في إطار صفقة تخص حكما دوليا بدفع مصر 1.7 مليار دولار لصالح إسرائيل لتوقف القاهرة عام 2012 عن تصدير الغاز إلى إسرائيل.

وأضاف أن مصر اتفقت مع إسرائيل على استيراد الغاز منها بدلا من دفع مبلغ التعويض، موضحا أن احتياطي الغاز الطبيعي الذي تمتلكه مصر يحقق لها اكتفاء ذاتيا لمئات السنين ويوفر كميات للتصدير.

وكانت محكمة غرفة التجارة الدولية في جنيف قضت في ديسمبر 2015 بتغريم الحكومة المصرية مبلغ 1.7 مليار دولار، لصالح شركة الكهرباء الإسرائيلية، بعد توقف إمدادات الغاز المصري إلى إسرائيل.

ومنذ الإعلان عن صفقة استيراد الغاز من إسرائيل، تحاول سلطة الانقلاب التنصل من مسئولية التعاقد على الصفقة كما تم في صفقة تصديره للكيان الصهيوني، حيث أن الشركة التي وقّعت على العقد هي شركة خاصة اسمها “دولفينوس”، مملوكة لعلاء عرفة، وهو ما تم عند توقيع اتفاقية أولية للاستحواذ على حصة من الشركة المالكة لأنبوب الغاز من عسقلان للعريش، لكي يتم نقل الغاز من إسرائيل لمصر، وقامت بها شركة “غاز الشرق”.

وبالبحث والتدقيق نجد أن كل شركات الغاز التي تقيم مثل هذه الاتفاقيات هي شركات مخابراتية، وأن شركة غاز الشرق أغلب أسهمها تتبع المخابرات، ورئيسها التنفيذي محمد شعيب كان وكيل جهاز المخابرات، كما أن المخابرات أنشأت شركة أخرى تمتلك نصف الأسهم مع شركة “دولفينوس”، وقامت بعمل شركات تكون هي الواجهة من الباب الخلفي، حتى تم اكتشاف القضية عن طريق السجلات الخاصة بهذه الشركات، حينما قامت سلطات الانقلاب بمساعدة إسرائيل في استيراد الغاز من أراضي الاحتلال، وتم اختيار علاء عرفة، رئيس شركة “عرفة القابضة”، وهو صاحب شركة “دولفينوس”، والذى يتعاون مع الكيان الصهيوني وله علاقات تجارية مع الكيان.

كما أن شركة “تمار” الإسرائيلية منحت شركة “دولفينوس” امتياز استيراد الغاز من إسرائيل، ثم أقامت المخابرات شركة جديدة جعلت فيها علاء عرفة شريكًا لخالد أبو بكر المحامي، وتم توقيع عقد شراكة بين الشركة المصرية والإسرائيلية في تصدير الغاز من إسرائيل لمصر، حتى أنشأ الجيش شركة جديدة في صفقة غاز الشرق، وجعل محمد شعيب رئيسًا تنفيذيًّا لها تحت اسم شركة “إنلوجي سلوشنز”؛ وذلك للقفز على أرباح غاز الشرق التي حصلت عليها شركة عرفة وخالد أبو بكر.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...