ماذا يفعل بن سلمان في عربخانة العسكر؟

سؤال لا ينفك يطرح على ألسنة المراقبين والسياسيين وحسابات النشطاء على مواقع التواصل، لأن زيارات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الشهير بـ”أبو منشار” إلى عربخانة العسكر في مصر، تبدو خارج أيّ سياق سياسي أو دبلوماسي مناسب، ولو لم يكن الأمير القاتل الذي يبشره والده بالملك مأزوما ومُحاصَراً في بلاده والخارج، على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، كانت عربخانة العسكر ستقع في آخر قائمة عربخانات المنطقة التي يفكر في زيارتها وعقد صفقات واتفاقات معها.

استقبال السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي للمنشار، يرسل رسالة للعالم:” المنشار بخير وسط المجرمين الآخرين في المنطقة”، أن يزور المنشار السعودي عربخانة الانقلاب ويحتفي به السفيه ويجالسه ويضحك من قفشاته الباردة، أمر مفهوم ومنتظر، الرجلان شريكان في قتل الربيع العربي، ومنيو المؤامرات في المنطقة.

أحدهما، السفيه السيسي، يقوم بمهمة زكي قدرة الذي يفعل من التخريب ما يُملى عليه، والثاني، أبو منشار، منفذ جيد وضَعَ تهوره وقلة خبرته تحت تصرف الصهاينة والأمريكان، إذا أن يزور الثاني عربخانة الأول لا غرابة، تلكم بلاد منكوبة بعصابات العسكر مغلوبة على أمرها، ولا تتخيل نفسها يومًا خارج العباءة الصهيوأمريكية.

لا مرحبًا بكم

ومنذ أن أمست مصر تابعة وبلا سيادة على يد السفيه السيسي، اشترى السعوديون مواقفها وقراراتها تجاه كل أزمات منطقة الخليج، ودفع أبو منشار ووالده وعمه الملك الراحل الثمن، لا تملك عربخانة العسكر اليوم القدرة على الوقوف ضد رغبات ابن سلمان في القضايا الدولية والإقليمية، لأنها اختارت الانضمام إلى نادي المنبطحين العرب.

ولا يزال مستقبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كوريث محتمل للعرش، حديث المدينة في المملكة، وإن حُماته لا يمكنهم القطع بشأن مصيره، على الرغم من أنه يحظى بدعم من والده الملك سلمان بن عبد العزيز ومن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وذكر تقرير لوكالة بلومبيرج للأنباء، أن دبلوماسيين، سعوديين وأجانب، يعملون في السعودية، يطرحون في أحاديثهم سؤالين: الأول عما إذا كان الأمير محمد سيبقى الخليفة المنتظر للملك سلمان، وإذا كانت الإجابة لا، فما الذي سيحدث للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي يقودها؟
وأوضح اثنان من مراسلي الوكالة في الرياض أن من العسير معرفة الكيفية التي ينظر إليها كبار أفراد العائلة المالكة وشيوخ القبائل وأجهزة الأمن لمحمد بن سلمان، بعد سلسلة تصرفاته “الخرقاء” في الخارج وقمعه معارضيه في الداخل، مشيرة إلى أنه ربما ستكون هناك تداعيات جراء تهميشه لخصومه من أمراء آل سعود، في سعيه لإحكام قبضته على السلطة.

وأدى مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي إلى تغيير قواعد اللعبة، سواء كان محمد بن سلمان هو من أمر بذلك أم لا، بحسب كمران بخاري الخبير في قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية بمعهد التنمية المهنية التابع لجامعة أوتاوا، وقال بخاري لوكالة بلومبيرج إن جريمة الاغتيال تلك “قلبت حياة بن سلمان رأسا على عقب، إذ تبدلت الأمور من وعد بمسيرة مهنية طويلة إلى مستقبل لا يدري ما يخبئه له فيه القدر، وإلى غموض يكتنف فرصه لحكم البلاد”، وأضاف أن جريمة الاغتيال ستظل “وصمة عار” في جبينه تعيقه عن تنفيذ الكثير من الأعمال.

الشارع يرفض

في المقابل، تواصلت ردود الأفعال الشعبية والسياسية المنددة بزيارة بن سلمان إلى القاهرة، ولقائه مع السفيه السيسي، وأصدر أكثر من 250 ناشط سياسي مصري، بيانا، أمس الاثنين، أعلنوا فيه رفضهم استقبال أبو منشار في القاهرة، لدوره في جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي، وقمع أصحاب الرأي في السعودية.

وأضاف النشطاء في بيانهم:”هو وعائلته ناهبو ثروات شعب شبه الجزيرة العربية لقرن مضى، هو وحكم آل سعود السند الرئيسي للسياسات الاستعمارية الأمريكية في المنطقة العربية”، ووصف النشطاء في بيانهم، أبو منشار، بعراب صفقة القرن، والذي بدونه تعيش إسرائيل في مأزق بحسب تعبير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وزاد النشطاء: “هو مهندس الحرب الإجرامية على الشعب اليمني الشقيق، ما تسبب في انتشار الإبادة والتجويع والأوبئة في اليمن، وصانع الإرهاب الديني الأول في المنطقة العربية، والداعم لكل الأنظمة الرجعية العربية”، وقبل مجيئه إلى عربخانة العسكر في القاهرة عبّر التوانسة عن غضب شديد وسخط بالغ من زيارة أبو منشار، واستنكروا الموقف الرسمي التونسي في موافقته على استقبال ولي العهد السعودي على الرغم من الأدلة التي تثبت تورطه في قتل الصحافي، خاشقجي، واعتبروا أن ذلك إهانة للثورة التونسية وخيانة لمبادئها.

 

حفاوة استقبال السفيه السيسي لصديقه أبو منشار، لها دلالة وحيدة وهي محاولة عودة ولي العهد لنشاطه السياسي في وقت تطالب فيه دول عديدة ودوائر عالمية وسعودية، في العلن حيناً وفي السر أحياناً، بتنحيته من ولاية العهد وخروجه من المشهد السياسي.

رفع معنويات قاتل!

وتعمد السفيه السيسي استقبال بن سلمان كعادته في مطار القاهرة بصورة رسمية وبحفاوة بالغة، لكنه زاد برفع العلم السعودي في مناطق مختلفة من العاصمة بجانب أعلام مصر، ثم إضاءة الأهرامات الثلاثة بألوان العلم السعودي، رغم أن الزيارة ليس منتظراً منها الكثير على الصعيد العملي، كما أنها ليست الأولى، إذ تعد الثانية من نوعها هذا العام، واللقاء المعلن الرابع بينهما.

واستمرت مظاهر التطبيل للصديق المتورط بالقتل إلى اليوم الثلاثاء، إذ ظهرت تجمعات من المواطنين الشرفاء –شرطة سرية وبلطجية مستأجرين- حاملين أعلام مصر والسعودية، مرددين هتافات الترحيب ببن سلمان، في ميدان التحرير ومحيطه وكورنيش النيل وشارع قصر العيني الذي تقع فيه مقار برلمان الدم وحكومة الانقلاب وبعض الوزارات، ويقيم بن سلمان في قصر على النيل بالقرب منه.

وقال شهود عيان إن حافلات صغيرة أقلت عشرات من المواطنين الشرفاء من مناطق شعبية بالقاهرة للمشاركة في عرس التطبيل، واتسمت بمشاهد الرقص والغناء، مضيفين أن برلمانيين تابعين للمخابرات الحربية يشكلون ما يسمى بـ”ائتلاف دعم مصر”، ومسئولين مخبرين، هم الذين طلبوا من المواطنين الشرفاء الانتقال للميدان، مقابل وعود بتقديم حوافز مالية وعينية لهم، فهل تتوافر الحوافز ذاتها في شكل مليارات الرز من أبو منشار لعصابة الانقلاب؟!

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...