هل اقترب ابن سلمان من الاعتراف؟ .. دليل «بيولوجي» ربما يحل لغز اختفاء «جثة خاشقجي»

رغم الأدلة الدامغة التي كشفتها تركيا على تورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قتل الصحفي  جمال خاشقجي، فالأرجح أن يكابر  ابن سلمان ويواصل تهربه من الجريمة نافيا علمه بها في محاولة لإنقاذ نفسه من عواقب الجريمة الوحشية التي أدانها العالم كله حتى ابن سلمان نفسه!.

ومن غير المتوقع أن يسلم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان نفسه لحبل المشنقة بإرادته، كما أنه من غير المتوقع أن يضحي من أجل بلده ويقدم استقالته من منصبه ليضع نفسه تحت المقصلة، ولا يبدو في الصورة منافس له قوة داخل القصر، يستطيع إنقاذ المملكة وتنصيب ملك جديد أو ولي عهد آخر، وهذا ربما يعرض السعودية للحصار الدولي والعقوبات.

فلم يعد أمام ولي العهد الكثير من المناورات، ولن يقتنع أحد بتمثيلية محاكمة المتهمين داخل السعودية، وسيظل المطلب التركي هو الإجابة على الأسئلة التي طرحها أردوغان وأهمها أين جثة خاشقجي؟ وإذا أصر ابن سلمان على موقفه فإن أردوغان سيكون مضطرا في النهاية لإعلان ما لديه من تسجيلات والتي حسب كل من استمع إليها تدين بوضوح الحاكم الفعلي للسعودية.

لكن ثمة دليل جديد كشف عنه  مسئول تركي رفيع المستوي، ربما يقلب الأمور على ابن سلمان ويضع حدا لتهربه من الجريمة، فالسلطات التركية تتابع حاليا نظرية تفيد بأن جثة الصحفي السعودي جمال خاشقجي المقطّعة تم تدميرها في حامض داخل القنصلية بإسطنبول أو في مقر إقامة القنصل.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية الخميس غرة نوفمبر 2018م،  عن المسئول الذي فضل عدم الكشف عن هويته نظرا لحساسية التحقيقات الجارية قوله إن دليلا بيولوجيا تم العثور عليه يدعم نظرية مفادها أن جثة خاشقجي تم التخلص منها بالقرب من مكان قتله وتقطيع الجثة عبر إذابة الأجزاء في حامض مذيب، وبالتالي فإنه لم تكن هناك حاجة لعملية الدفن.

الصحيفة أشارت إلى أنه في الوقت الذي اعترف فيه المسئولون السعوديون بأن خاشقجي قتل داخل القنصلية يوم 2 أكتوبر الماضي، فإن كل ما قالوه عن الجثة أن القتلة سلموها الي متعاون محلي لدفنها والتخلص منها.  كما أشارت إلى أن زيارة النائب العام السعودي سعود المعجب لتركيا والتي اختتمها يوم أمس الأربعاء حددت الوصف التفصيلي الأخير لعملية قتل خاشقجي، حيث قال إن عملاء سعوديين قاموا بخنقه بعد دخوله للقنصلية في إسطنبول بوقت وجيز، ثم قاموا بعد ذلك بتقطيع جثته إلى أجزاء.

لكن هذه المعلومات الجديدة التي ظهرت خلال زيارة المعجب لتركيا لم تتطرق إلى السؤال الذي حير المحققين الأتراك وهو: ماذا حدث لبقايا الجثة وأين ذهبت؟ وقد نقلت واشنطن بوست عن مسئول تركي آخر فضل أيضا عدم الكشف عن هويته أن النائب العام السعودي لم يقدم لنظيره التركي أي معلومات عن مكان جثة خاشقجي أو هوية المتعامل المحلي. وأضاف المسئول التركي أن المسئولين السعوديين منذ وصول المعجب لتركيا الإثنين الماضي، بدا أنهم يهتمون بصورة أساسية بالتعرف على الأدلة التي بحوزة السلطات التركية ضد المتهمين في تلك القضية البشعة، كما لم يخرج الأتراك بانطباع يفيد بأن السعوديين حريصون على التعاون بشفافية مع التحقيقات التركية.

أين الجثة يا صاحب المنشار؟

ويعلق على لغز اختفاء الجثة الكاتب الصحفي “عامر عبدالمنعم” قائلا: «هذه البشاعة التي أعادتنا إلى جرائم الإنسان البدائي وعصور ما قبل التاريخ تؤكد أن أمتنا تواجه خطرا جديدا لم يكن متوقعا، وهو تخلي بعض حكام العرب عن إنسانيتهم والتنصل من الإسلام وتعاليمه وارتكاب أفظع الكبائر من أجل الكرسي»، مضيفا «لم تكن جريمة قتل قابيل لأخيه هابيل بهذه العدوانية والغدر، حيث شعر قابيل بالندم ودفن الجثة، وتعلم من الغراب كيف يواري سوأة أخيه، ولكن في جريمة خاشقجي، رفض القاتل أن يترك الجثة ليتم دفنها، ويماطل حتى الآن في تقديم أي معلومة عن مكانها».

ويتابع «ما تسرب من معلومات تقول إنهم قطعوا أصابعه التي يكتب بها، وقطعوا رأسه قبل تمزيق باقي الجسد، وتصوير هذه الفظاعات بالفيديو ليراها صاحب قرار الإعدام، ليستمتع بمشاهدة الضحية، وكأنه يذبح كبشا ويمثل به، في مشهد يثير الاشمئزاز من هذه الروح السادية!».

“ابن سلمان” كان يعول على ترمب وصهره كوشنر في إغلاق الملف وتبرئته من دم خاشقجي، ولكن الموجة العالمية كانت أشد وأقوى من الاحتواء، فاضطر ترمب إلى التراجع والانسحاب والإعلان عن تسليم الملف للكونغرس، فلم يكن أمام ولي العهد غير استجداء رضا أردوغان بكلمات مصطنعة عن متانة العلاقة بين السعودية وتركيا، ولكن أردوغان رد عليه بمطالبته بمكان الجثة وقال له ” إن غدا لناظره قريب”.

يحاول ابن سلمان تقديم رواية تقترب من الرواية التركية ولكنه يمتنع عن تقديم أهم إجابتين لأن فيهما رقبته، الأولى: أنه لا يعترف بأنه القاتل، ويزعم أن الجريمة ارتكبها معاونوه دون استشارته، والثانية: عدم تقديم أي معلومات عن الجثة المختفية، والزعم بأنها سلمت إلى متعهد محلي مجهول، لأن ظهورها سيكون صادما وسيفجر موجة غضب عالمي.

ويراهن ابن سلمان على الوقت ويتوهم أنه في صالحه، ويظن أنه يستطيع شراء سكوت العالم والإفلات بدفع المال كما اعتاد، لكن هذه المرة اتسعت الدائرة، بقوة دفع الموقف التركي والدولي، ولم يعد ممكنا خاصة أن أردوغان هو الذي يمسك بملف القضية ويرى أن المؤامرة تستهدفه هو شخصيا وحزب العدالة والتنمية.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

في الذكرى التاسعة للثورة.. مواقع التواصل تغرد «ثورة الغضب 25»

في الخامس والعشرين من يناير كل عام، يحيي المصريون ذكرى ثورتهم الخالدة التي أطاحت برأس ...